ت ت

خصص موقع الجزائر تايمز، مقالا مطولا، لـ “شطحات” الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بعد خرجاته الأخيرة غير المحسوبة، وتعمده مهاجمة المغرب، رغم اليد الممدودة للملك محمد السادس، اتجاه الجارة الشرقية من أجل فتج الحدود واعادة العلاقات بين البلدين.

المقال الذي حمل توقيع الباحث “محمد أشلواح” قام بتشريح دقيق لهرطقات الرئيس تبون، والهفوات والتناقضات التي سقط فيها، لدى حديثه عن الازمة مع المغرب وقضية الصحراء والعلاقات بين البلدين. ونظرا لأهمية المقال تعيد جريدة le12.ma نشره كاملا لقرائها :

**

أكيد أن كل من شاهد تصريح السيد “التبون”، بخصوص تفاعله مع مقترح الملك محمد السادس، في إطار تصريح صحفي أجراه مؤخرا مع صحفيين جزائريين، سيخلص إلى العديد من الملاحظات المثيرة من أبرزها:

الملاحظة الأولى: بغض النظر عن ترتيب وقت السؤال وطبيعته وفحواه، فإن الرئيس الجزائري حينما سئل، من طرف الصحافي الجزائري، عن تحليله لدعوة ملك المغرب (أنا مستعد لمد اليد للجزائريين )، بدا مرتبكا و تلجلج في كلامه حد التلعثم أثناء محاولة منه لبناء الجواب، وهذا عكس ما كان عليه الأمر خلال الحوار و قبل الحديث عن المغرب، حيث كان كلام “السيد الرئيس” كمن يستعرض عضلاته محاولا إبراز أن الجزائر” قوة” إفريقية..وما إلى ذلك من الترهات التي تجعل “التبون” يعتقد نفسه رئيسا للجزائر ولو أمام وسائل الاعلام وليس العقيد شنقريحة !.

الملاحظة الثانية: خطاب “التبون” حول المغرب ومشكل الصحراء وموقف الجزائر منه، كانت مدته دقيقة وثلاثون ثانية فقط؛ فالرئيس الجزائري حاول أن يجعل بأن الموضوع لا يستحق أن يعطى له أكثر من هذا الحيز الزمني، وحاول أن يبيِّنه وكأنه مشكل عادي ! لكن هذا الأمر يتناقض مع الواقع وما ترصده الجزائر من وقت لموضوع الصحراء والمغرب، فمعروف أن معظم الزمن الدبلوماسي الجزائري مخصص لموضوع الصحراء وكل السياسة الخارجية الجزائرية موجهة لموضوع الصحراء.. فكيف للسيد “التبون” أن يبدي هكذا إحساس مفضوح أمام وسائل إعلامه التافهة وكأن الأمر بسيط جدا ولايهم كي يُتناول بكثير من التفصيل ! !.

الملاحظة الثالثة: “التبون” أراد أن يقول بأن الأزمة مع المغرب اندلعت بعد تصريح السفير المغربي حول قضية القبائل، حين قال “إن هناك دبلوماسي مغربي صرح بأمور خطيرة جدا سحبنا على أساسها سفيرنا من الرباط أردنا أن نذهب بعيدا لم يأتينا الجواب من الرباط”، فالرئيس الجزائري حاول أن يجعل من مشكل العلاقات المغربية الجزائرية أمر ظرفي حين قال “لم تكن فيه استجابة لما نعيشه في الظرف الحالي”، وتناسى بأن الأزمة بنيوية وأن النظام الجزائري هو الذي خلقها ومسؤول عنها.

حين سمح” التبون” لنفسه أن يدخل في هذا “الجدال” كان عليه أن يذكِّر نفسه ومُحاوريه بأن تصريح عمر هلال كان في الأصل كجواب على تحرش وزير الخارجية رمطان لعمارة بالوحدة الترابية للمغرب في اجتماع “حركة عدم الانحياز”، وكان عليه أن يقر بأن هذا المعطى (التحرش ) تكرر لأكثر من 45 سنة حين كان السيد “التبون” نفسه لا يفقه شيئ في السياسة وفي ( البوليساريو )، ألا يعلم السيد “التبون”، أم فقد الذاكرة، بخطر ما قام ويقوم به النظام الجزائري لأكثر من أربعة عقود تجاه الوحدة الترابية للمغرب ! !.

السيد “التبون”،اليوم، تدفق ب”وطنية” جزائرية كبيرة وتفطن لخطورة ما قاله السفير المغربي و تزعزعت أركانه و”الدولة الجزائرية بمجرد خطاب (مغربي ) واحد يدعم “القضية القبايلية” ! !؟ السؤال هنا ما هذه البلادة التي تميز سلوك النظام الجزائري وما هذه التصريحات التي تجعل مسؤوليه ينصبون أنفسهم اسثناء ويعتبرون ما يقومون به صحيحا سليما وإن كان يمس بالمصالح العليا والاستراتيجية للآخرين؟ ! فتصرفاتهم تندرج بكل وضوح في إطار “حلال علينا (الجنرالات ) الاضرار بالوحدة الترابية لجيراننا (المغرب )، وحرام على جيراننا (المغرب ) أن يتحدثوا عن قضايا دولية ذات ارتباط بكياننا”، إنها قمة الأنانية والجهل المطبق ! !.

الملاحظة الرابعة:السيد “التبون”، كما يبدو من تفاعله الاعلامي، كمن كان في كهف معزول عن العالم بشكل كلي، وكأن الجنرالات لم يخبروه بأن ملك المغرب مد يده للجزائر لمناقشة كل القضايا وحل الحدود للشعبين الشقيقين. أما وإن كان السي “التبون” استمع لخطاب الملك ومع ذلك قال “.. سحبنا سفيرنا من الرباط، بغينا نمشيو بعيد لم يأتينا الجوب من الرباط” فهذا لا يعني سوى أن السيد “التبون” أصيب بخرف وبزهايمر حاد ولم يعد يتذكر شيئ ! وفي هكذا وضع لانملك سوى أن ندعو له بالشفاء العاجل بحول الله.

الملاحظة الخامسة: الرئيس ” التبون” بدا منزعجا من طلب الصحفي منه الاسترسال في التعليق على العلاقة مع الرباط، حيث قال” لم أعلق أكثر من هذا”، فهذا يفيد بأن السيد “التبون” لا يعرف ما يضيفه، كما أن ما يتفوه به قد فصل على المقاس (وهذا هو المرجح )، وفي أحسن أحواله ظهر كببغاء يردد ما يبتغيه الجنرالات.

الملاحظة الخامسة: من الواضح أن السيد “التبون” لم يطلعوه على التطورات الأخيرة التي عرفتها قضية الصحراء ( في هذه السنة )، والدليل على ذلك أن السيد “التبون” لا يزال لم يفرق بعد بين منظور الولايات المتحدة كقوة عظمى اعترفت بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه، وبين موقف النظام الجزائري الذي ينظر، لحد الساعة، للملف بمنظار صنع في سبعينيات القرن العشرين، فهذا،ربما، ماجعله يقول بأن “..الصحراء الغربية الكل يتحدث عنها بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية..”، ومن جانب آخر السيد “التبون” يتحدث (مستدركا ! ) عن مشكل الصحراء وكأنه ظهر للتو وأصبح الكل يتحدث عنه ! ! السيد التبون لم يدرك بعد بأن المغرب هو الذي وضع قضية الصحراء أمام اللجنة الرابعة، حينما كان الاستعمار الاسباني في الصحراء، حيث يقول (“التبون” ) ” ..وقضية الصحراء توجد بين أيدي الأمم المتحدة في لجنة تصفية الاستعمار..”.

فالسيد”التبون”يبدو كمن لا يعلم بأن القضية توجد اليوم أمام أنظار مجلس الأمن والميثاق الأممي يؤكد أنه حينما تكون قضية ما معروضة أمام مجلس الأمن فليس لأي جهة أن تصدر فيها أي قرار، لذلك فعلى السيد “التبون” أن يعرف بأن القضية (الصحراء ) وإن كانت موضوعة أمام لجنة تصفية الاستعمار فلا جدوى من ذلك إطلاقا، فليس لوجود الملف أمام اللجنة الرابعة أثر قانوني على سير الملف أمام ملجس الأمن، لأن هذا الأخير في الأصل هو المسؤول الأول والرئيسي على تدبير القضايا ذات الارتباط بالسلم والأمن الدوليين، ومن ثمة فليس للجمعية العامة أو لجنتها الخاصة ب ” تصفية الاستعمار أي دور في هكذا وضعية، فمهما حاول النظام الجزائري أن يسوق لمغالطات في هذا الموضوع فالأمر محسوم من طرف ميثاق الأمم المتحدة نفسه في المادة الثانية عشرة منه”.

الملاحظة السادسة: السيد “التبون” يقول “نحن ملاحظين نزهاء في قضية الصحراء” ! !، واضح أن الرئيس “الجزائري” هنا قفز على معطيين أساسيين، الأول هو معطى الواقع حيث أن البوليساريو توجد عمليا فوق تندوف التابعة إداريا للجزائر، والثاني معطى قرارات الأمم المتحدة التي تعتبر الجزائر طرفا معنيا بشكل مباشر بملف الصحراء. فهذين المعطيين يثبتهما القانون والجغرافية والتاريخ وبالتالي فالجزائر مسؤولة في ملف الصحراء أحب السيد ” التبون” ذلك أم كره، فهما تهرب النظام الجزائري من هذا الموضوع، فالعالم يشهد ضلوعه (النظام الجزائري ) في اختلاق مشكل الصحراء منذ سبعينيات القرن العشرين ولا يزال إلى حدود الساعة فاعلا رئيسيا فيه.

إن محاولة النظام الجزائري إخراج نفسه من هذا الموضوع “..ونحن مستعدون (يقول التبون ) لكي نقدم لهم المساعدة لحل المشكل حتى إذا كان هنا لقاء في الجزائر فمرحبا بهم ونضع كل الامكانيات لحل هذا المشكل..” هي محاولة تعتبر فاشلة ويائسة، فمناورة النظام الجزائري التي تروم وضع نفسه موضع الحياد في ملف الصحراء مناورة بائسة وكلام تافه لن يقْنَع به السيد “التبون” أحد ولو كان السي عبد المجيد الرئيس الجزائري نفسه، فكيف لطرف في مشكل يقترح نفسه كوسيط محايد ويقول أنه “..سيعمل على تقديم المساعدة وكل الامكانيات لحل المشكل..” ! ! في الحقيقة خطاب السيد “التبون”، فيه هروب إلى الأمام وفيه أيضا كثيرا من العنجهية والتعالي، خطاب يحاول حجب وتغييبٍ الحقائق..خطاب يضرب كل حوار وكل تواصل بين الجانبين، خطاب يؤسس لكراهية مطلقة ومسترسلة، خطاب يعكس عداء النظام الجزائري للمغرب، خطاب يستهدف توتير العلاقات وتهيجها ويسعى إلى استدامة الحرب الباردة بين البلدين..

في الواقع المغرب معتاد على مثل هذه التفاعلات السلبية التي يقوم بها النظام الجزائري ومعتاد كذلك على التصرف بحكمة ورصانة، ومع ذلك فللحكمة وللدبلوماسية وقت وزمن، فالتمادي في هكذا سلبيات و عنتريات يستوجب ردا قويا ويستدعي الضرب بيد من الحديد فالمغرب لا يهاب أي كان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *