*رشيد نيني

عوض أن تتفاعل السلطات الجزائرية مع اليد الممدودة للملك للمساعدة على إخماد الحرائق التي شبت في مناطق مختلفة من التراب الجزائري فضلت هذه الأخيرة طلب المساعدة من فرنسا، وعوض أن تطلب العون من دول الاتحاد المغاربي فضلت طلب ذلك من دول الاتحاد الأوربي.

وفي النهاية فقد غلبت السلطات الجزائرية الأنانية المتضخمة والكبرياء الزائف و”النيف الخاوي” عوض تغليب مصلحة الشعب الجزائري، رغم أن المغرب لم يقم سوى بما يفرضه حق الجوار وأخلاق الإسلام والمبادئ الإنسانية المشتركة.

إن ما يحدث في الجزائر في الحقيقة درس جدير بالتأمل، هذه دولة نالت استقلالها من بلد ظل يحتلها لمائة وثلاثين سنة، وهاهي بعد 59 سنة من حصولها على الاستقلال وبعد مليون جزائري استشهدوا على يد فرنسا تجد نفسها مضطرة لكي تطلب من هذا المحتل السابق أن يرسل إليها طائرات لإخماد الحرائق التي تسببت في مقتل 71 مواطنا منهم 28 عسكريا اقتحمت النيران ثكنتهم في تيزي وزو.

ومن الطبيعي أن لا تجد الدولة الجزائرية ما تخمد به الحرائق، فهي من شدة انشغالها بإخماد الحرائق الاجتماعية التي تندلع في الشوارع فضلت اقتناء شاحنات لتفريق المتظاهرين بخراطيم المياه عوض اقتناء شاحنات خاصة بإخماد حرائق الغابات. وهي من شدة انشغالها بتحويل المغرب لفزاعة تهدد استقرار المنطقة فضلت إهدار آلاف المليارات من الدولارات على اقتناء طائرات السوخوي الروسية التي تصدأ في المخازن عوض اقتناء طائرات كنداير لحماية غابات البلد من الحرائق.

وعوض أن تقابل السلطات الجزائرية المبادرة الملكية بالترحاب نرى كيف يبحثون بشكل جنوني عن إلصاق مصدر الحرائق بأيادي أجنبية لتبرير أسطورة العدو الخارجي الذي يتآمر على استقرار الجزائر ورخائها.

ليس للجزائر من عدو آخر غير الغطرسة والشعور المفرط بالعظمة والتضخم المرضي للأنا لقادتها، فقليل من التواضع لا يضر، والشعور بالنخوة والعزة والكرامة لا يتناقض مع تقدير الذات حق قدرها دون مبالغات أو عقد نفسية وتاريخية.

إن من يرفض اليد الممدودة لجيرانه في أوقات الشدة خوفا من أن يتم تفسير قبول المساعدة على أنها ضعف إنما يسيء إلى شعبه وإلى نفسه وإلى المبادئ الإنسانية الأولية التي يجب أن تسود بين الجيران، بغض النظر عن المشاكل والحسابات والعداوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *