le12.ma – وكالات

وجدت دراسة نشرت في دورية “نيتشر” (Nature) بتاريخ 29 يوليو/تموز الماضي أن المعمرين في اليابان ممن عاشوا أكثر من قرن من الزمن يؤوون مجموعات متميزة من البكتيريا في أمعائهم، والتي تولد مركبات فريدة قد تمنع العدوى والتأثيرات البيئية الضارة الأخرى.

الجينات ليست العامل الحاسم

يعتبر المعمرون عامة أقل عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة، كما أنهم قد تمكنوا بطريقة أو بأخرى من التغلب على الأمراض المعدية وتخطيها.

وفي دراستهم الجديدة يعزو باحثون من جامعات يابانية وأميركية السبب الكامن وراء هذه القدرة الفريدة من نوعها إلى ميكروبيوم الأمعاء الذي يتكون من مليارات الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في الجهاز الهضمي.

وقد أجريت الدراسة على 160 شخصا من المعمرين من جميع أنحاء اليابان الذين بلغ متوسط أعمارهم 107 سنوات، وقارنت المجتمعات البكتيرية الموجودة في عينات البراز -التي تم جمعها على مدار سنتين- بميكروبات الأمعاء الخاصة بـ112 شخصا مسنا في أواخر الثمانينيات من العمر، وكذلك مع عينات مأخوذة من أشخاص أصغر من 47 سنة.

قد يعتقد البعض أن أسرار العمر الطويل مكتوبة في جيناتنا إلا أن الأبحاث العلمية أفادت بأن الجينات قد تكون مسؤولة عن طول العمر بنسبة لا تتجاوز 30%، مما يترك الباب مفتوحا على مصراعيه للعديد من العوامل الأخرى التي تتغير بمرور الوقت، بما في ذلك النظام الغذائي وبكتيريا الأمعاء أيضا من بين عوامل أخرى عديدة.

سلالات بكتيرية معوية فريدة

وكما يشير التقرير المنشور على موقع “ساينس ألرت” (Science alert) أظهر بعض المعمرين علامات نموذجية لنسب التهاب منخفض المستوى، لا يشكو أغلبهم من الأمراض المزمنة مثل السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم والسرطان.

وقد وجد الباحثون أن لدى المعمرين مزيجا فريدا من الأحماض الصفراوية، وذلك بسبب امتلاكهم نوعا فريدا من السلالات البكتيرية القادرة على تصنيعها.

لكن الدراسة لم تأخذ في الحسبان عوامل نمط الحياة الأخرى، مثل النظام الغذائي، لذلك لا يمكننا تحديد الأمور التي ساهمت بالضبط في ملف تعريف الميكروبيوم الفريد الخاص بهؤلاء المعمرين.

وقد أظهرت الدراسة المقارنة أن أمعاء المعمرين تحتوي على سلالات من بكتيريا تسمى “أودوريبكترياسي” (Odoribacteraceae) التي تعتبر مسؤولة عن إنتاج حمض الصفراء الذي يسمى حمض “إيزوالو ليثوكوليك” (Isoallo-lithocholic acid).

ووجد الباحثون أن هذا الحمض الصفراوي “إيزوالو ليثوكوليك” قادر على تثبيط نمو “المطثية العسيرة” (Clostridium Difficile) المستنبتة في المختبر، وهي جرثومة معوية شائعة تسبب الإسهال الشديد والتهاب القولون الخطير.

وعندما تم حقن الفئران المصابة بـ”المطثية العسيرة” بجرعة من السلالات البكتيرية المنتجة للصفراء عند المعمرين وجد الباحثون أن هذا العلاج قد قلل كمية جرثومة المطثية العسيرة المتساقطة في فضلات الفئران عن مستوياتها السابقة قبل تطبيق العلاج.

وهكذا توصل الباحثون إلى أن هذا النوع من السلالات البكتيرية قادر على مقاومة مسببات الأمراض المعدية والمحافظة على صحة القناة الهضمية في سن الشيخوخة.

دراسات مستقبلية

تكمن أهمية دراسة ميكروبيوم الأمعاء في أنه من خلال اكتشاف الشكل الذي يبدو عليه الحال في الإنسان السليم قد يكون العلماء قادرين على إيجاد طرق لتغيير المجتمعات البكتيرية أو تصحيح اختلالاتها للوقاية من الأمراض وتحسين الصحة لدى الآخرين.

وقد أظهرت الدراسات السابقة أن التغييرات في النظام الغذائي يمكن أن تغير بسرعة تكوين ميكروبات الأمعاء في غضون أيام، وذلك من خلال تفضيل أنواع معينة.

وهكذا لا بد من مزيد من الدراسات المكثفة حول فاعلية العلاج بالميكروبات المعوية، وما هي الأنواع البكتيرية التي تناسب كنوع من العلاج لأمراض العصر، إضافة إلى كيفية إنتاجها والمحافظة على نشاطها داخل الأمعاء.

المصدر : ساينس ألرت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *