طوكيو: جمال اسطيفي

هكذا رحب بنا مواطن ياباني كان معنا على متن نفس الطائرة، وهو يهم بمغادرتها، بينما كان على القادمين لمتابعة الألعاب سواء أكانوا صحفيين أو رياضيين أو إداريين أو أعضاء في اللجنة الأولمبية الدولية أن ينتظروا لبضع دقائق، قبل أن تأتي إشارة مغادرة الطائرة..

في مطار نيكاتا، سيكون علينا أن نعيش فصولا أخرى..

في الطريق لبدء مسلسل الإجراءات الطويل، تتراءى لك الوفود كأمواج بشرية..

أول ما يلفت انتباهك، هو النظافة التي تميز مرافق المطار، وأيضا الابتسامة التي لا يتردد اليابانيون في رسمها على وجوههم، ثم الانحناءة التي تربوا عليها منذ الصغر، والتي تعكس خلفية ثقافية وسلوكية لهذا الشعب..

علامات التشوير في المطار، الخاصة بالقادمين من أجل الألعاب الأولمبية تقودك رأسا إلى لافتة كبيرة تخبرك  بأن عليك أن تكون قد ملأت استمارة تطبيق ocha، وأن يكون لديك فحص سلبي خاص بكورونا..

بعض الوفود، وضمنها الوفد الإعلامي المغربي اصطدمت بصعوبات في ولوج هذا التطبيق، لذلك، تم أخدنا إلى قاعة جانبية، حيث تسلم المكلفون هناك بطائق اعتمادنا..

كان علينا أن ننتظر ما يزيد عن الساعة، دون أن يلوح أي شيء في الأفق..

كانت الغرفة دون تكييف، في إطار الإجراءات الإحترازية المتعلقة بكورونا، وكان يملأها أشخاص ينتمون لوفود من إيران وسوريا والبوسنة والهرسك وأوكرانيا واليونان…

ارتفاع درجة حرارة الغرفة دفعنا إلى إخبار المتطوعين المنتشرين بالأمر، حيث جلبوا لنا كراسي وبقينا ننتظر أمام الغرفة..

لم نتردد في إبداء تدمرنا، في الوقت الذي كان يأتي فيه بين الفينة و الأخرى بعض الموظفين ليقوموا بعدنا من جديد..

تكرر الأمر أكثر من مرة، وسط علامات استغراب من طرفنا، بينما علقت  على الأمر بالقول لرفاقي هل تعطل الكومبيوتر الياباني؟

تحول الأمر إلى ما يشبه اللعبة التي أصبحنا نشارك فيها..

بعد انتظار تم أخدنا إلى قاعة مجاورة، لإجراء فحوصات كورونا عن طريق  عينة من اللعاب..

صعدنا في الكرسي الكهربائي، حيث كانت هناك علامتان، واحدة تخص من لديهم تطبيق أوشا، والثانية تحمل عبارة no ocha..

 تلقفنا فريق آخر، قام بدوره ببعض الإجراءات، قبل أن يسلموا لنا ورقة تحدد لك رقم الكرسي الذي عليك أن تجلس عليه في انتظار صدور  نتائج الفحوصات، وفي غضون ذلك تم استخراج بطائق الاعتماد التي تخول لنا تغطية الأولمبياد ومتابعة فعالياته..

كنا نحاول قتل الوقت بتبادل الحديث، فعملية الانتظار طويلة، خصوصا أننا كنا نعرف أن هناك من اضطر للانتظار لما يقارب السبع ساعات..

الرجل المكلف بالتواصل معنا، كان في غاية  الرقة والأدب، وما أن يمر بعض الوقت حتى كان يتقدم أمامنا ليعتذر لنا عن التأخير..

بعد انتظار جاء ليخبرنا، ان خمسة أشخاص من ضمن التسعة المغاربة، لم تظهر نتائج فحوصاتهم بعد، وأن علينا الانتظار..

نسأله بصوت واحد؟

كم من الوقت علينا أن ننتظر؟

يجيب والخجل يرتسم على وجهه بأن المدة قد تمتد لساعتين إضافيتين..

لم يكن امامنا إلا أن نتسلح بالصبر، وأن نستعد لإجراء اختبار جديد، فقد أخبرنا أنه لن يكون علينا العودة مرة أخرى إلى مكان الفحص، وأنهم سيأتون إلينا لأخذ العينات..

بقينا ننتظر، حيث لم يأت الفريق المكلف بأخذ العينات، وبعد مدة جاء الرجل الياباني، ليقول لنا إنه يحمل أخبارا سيئة..

بدا الأمر صادما لنا، خوفا من أن تكون نتيجة فحص أحدنا إيجابية، لكن الرجل سرعان ما غير ملامحه، وهو يقول لنا إنه يحمل أخبارا جيدة وليست سيئة..

والجيد هنا هو ان نتائج فحص المجموعة كلها سلبية..

تنفسنا الصعداء، قبل أن نهم بالانصراف، حيث كشف لنا الرجل الياباني عن اهتمامه بالإسلام، بل وأرانا هاتفه النقال، وأكد لنا أنه يحرص على تشغيل القرآن الكريم والاستماع  له، لأنه يجد فيه راحة كبيرة..

تسلمنا ورقة الفحص السلبي، ثم غادرنا نحو شرطة العبور، حيث مضت عملية طبع التذاكر بسلاسة، وفي الوقت الذي ذهبنا فيه لتسلم أمتعتنا، كانت شابة هناك تنتظر، حيث ظلت لفترة طويلة وهي تحمل نظارات طبية، وتسأل كل من رأته هل تخصه هذه النظارات..

كان آخر من سألته هو زميلنا محمد الروحلي، الذي تبين أنها نظاراته التي ضاعت منه في الطائرة..

قضينا في المطار ما يقارب الأربع ساعات، قبل أن نتنفس أخيرا هواء طوكيو، حيث حملتنا وسائل نقل الألعاب نحو فندق الإقامة..

 *ناقد رياضي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *