حكيم النادي
بفضل المقاربة الاستباقية التي اعتمدها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أصبح ينظر إلى المغرب كبطل في تدبير وباء (كوفيد-19) وتداعياته.
فعلى مدى مختلف مراحل هذه الأزمة العالمية، عرفت المملكة كيف تحافظ على صحة مواطنيها، من خلال توفير الدعم الاجتماعي والاقتصادي اللازم للساكنة المتضررة، واستباق الأزمات المستقبلية المحتملة بإطلاق جملة من المشاريع الرائدة.
الصحة أولا
منذ ظهور الأزمة، وضع جلالة الملك صحة المواطنين فوق المصالح الاقتصادية، بعد أن قررت السلطات العمومية إغلاق الحدود وفرض إجراءات احترازية غاية في الصرامة، بعكس عدد من البلدان التي تأخرت في الرد لتدفع ثمناً باهظاً مقابل ذلك.
ومكنت تلك الإجراءات الاحترازية من مراقبة الوضع والتعامل مع موجة تفشي الوباء، وبالتالي منح السلطات الوقت للتحضير له.
وهكذا، انخرط المغرب في ورش إنتاج وتصنيع اللوازم الطبية، كالأقنعة الواقية الطبية وأجهزة التنفس الاصطناعية، فضلا عن المعقمات.
وفي الوقت الذي سجلت بلدان عدة نقصا في الأقنعة، ضمنت السلطات المغربية وفرة الإنتاج مع مراقبة أسعار البيع، حتى تكون في متناول الجميع وتتجنب أي مضاربة.
وتجلت العناية الملكية السامية، أيضا، من خلال المساعدة المقدمة للمأجورين والأسر المتضررة من حالة الطوارئ الصحية التي أدت إلى توقف العديد من الأنشطة الاقتصادية.
ولهذه الغاية، أمر الملك محمد السادس بإنشاء صندوق خاص لتدبير الجائحة منحت له في البداية 10 مليارات درهم، ليجمع ما مجموعه 7، 33 مليار درهم مع نهاية يوليوز 2020، خصص جزء منه لدعم الاقتصاد الوطني والحفاظ على مناصب الشغل وتخفيف التداعيات الاجتماعية.
وبفضل هذه الالتفاتة الملكية، تم الحفاظ على آلاف مناصب الشغل ومنح تعويضات جزافية للمأجورين المتوقفين عن العمل، كما تم تقديم دعم كبير للأسر التي تعمل في القطاع غير المهيكل المتأثرة بحالة الطوارئ الصحية.
تضامن ملكي
في يوم 14 يونيو 2020، أعطى الملك تعليماته السامية لإرسال مساعدات طبية إلى العديد من البلدان الإفريقية الشقيقة، من أجل مواكبتها في جهود محاربة جائحة (كوفيد-19). وتكونت هذه المساعدات من نحو 8 ملايين كمامة، و900 ألف من الأقنعة الواقية، و600 ألف غطاء للرأس، و60 ألف سترة طبية، و30 ألف لتر من المطهرات الكحولية، وكذا 75 ألف علبة من الكلوروكين، و15 ألف علبة من الأزيتروميسين.
وعاما بعد ذلك، تواصل هذا التضامن الملكي ليشمل تونس التي ازداد الوضع الصحي بها تأزما بعد تسجيل أرقام قياسية في الوفيات والإصابات بالوباء. وهكذا، أعطى جلالة الملك تعليماته السامية لإرسال مساعدات طبية عاجلة لهذا البلد المغاربي الشقيق، تتألف من وحدتي إنعاش كاملتين، بسعة إجمالية تبلغ مائة سرير ومائة جهاز تنفس ومولدين للأكسجين بسعة تبلغ قدرة كل منهما 33 م3/ساعة.
وبالإضافة إلى اعتماد السلطات الصحية لبروتوكول علاجي قائم على الكلوروكين لعلاج مرضى فيروس كورونا المستجد، أطلق الملك حملة التلقيح ضد (كوفيد-19).
وبمبادرة صاحب الجلالة كأول مغربي يتلقى الجرعة الأولى من اللقاح المضاد ل(كوفيد-19) إيذانا بإعطاء انطلاقة الحملة الوطنية للتلقيح، يكون جلالته قد بعث بإشارة قوية للمواطنين الذين أبانوا عن انخراط لا مثيل له في العملية.
وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية، فإن حملة التلقيح هذه مجانية لجميع المواطنين، سواء كانوا مغاربة أو أجانب، بما يعتبر التفاتة ملكية أخرى أثارت إعجاب الرعايا غير المغاربة المقيمين في المملكة.
نحو سيادة صحية
تحت قيادة الملك محمد السادس، قرر المغرب تعلم الدروس من الوباء. فبعد إطلاق تعميم الولوج إلى الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، قبل أسابيع، أطلق جلالته تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لكوفيد-19، ولقاحات أخرى يستفيد منها المغرب وأيضا كافة بلدان القارة السمراء.
وبينما تكافح عدد من البلدان التي سجلت تفشيا كبيرا لـ(كوفيد-19)، للحصول بالكاد على كميات كافية من اللقاح، ضرب المغرب موعدا مع التاريخ بإطلاقه هذا المشروع الذي سيضمن سيادته الصحية، كنهج استباقي يروم منع مخاطر ظهور متحورات جديدة للكوفيد أو حتى أوبئة جديدة.
فخلال أكثر من عام من الأزمة الصحية، لم يتوقف النظر إلى المغرب كنموذج يحتدى في التعامل المثالي مع الوباء وآثاره.
وبفضل الرؤية النيرة للملك محمد السادس، تبنت المملكة استراتيجية استباقية وتضامنية طوال الأزمة، مما مكنه من الحد من تداعياتها على المستويات الصحية والاقتصادية والاجتماعية، مع التحضير لعودة الحياة إلى طبيعتها وللانتعاش الاقتصادي ولخطر حدوث أزمات صحية محتملة جديدة.