*محمد الخاوة

أصدر ما يسمى بالإتحاد العالمي لعلماء المسلمين بيانا شديدة اللهجة مُوقع من طرف رئيسه أحمد الريسوني وأمينه، يدين ويشجب ويستنكر فيه بأشد الألفاظ وأقواها ما سماه بالإنقلاب على الشرعية بتونس بعدما قام رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد بحل الحكومة وتجميد عمل البرلمان.

وأطنب في بلاغه ذاك، عن الحديث بأن السلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة (سبحان الله) وأن الشعب التونسي الذي عاش سنوات طويلة في ظل الدكتاتورية والقمع والحرمان من الحريات آن الأوان لكي ينعم بالعيش الكريم في ظل نظام ديموقراطي يكفل للمواطنين جميع حقوقهم.. (سبحان الله).

 أين كان هذا الإتحاد مما كان يعيشه الشعب التونسي نفسه من مآسي في ظل نظام زين العابدين بنعلي وفي ظل الحكومة الإسلاموية التونسية نفسها؟ وأين كان عندما كان حسني مبارك في مصر وبعدما جاء مرسي نفسه؟ ولماذا لم يتباك هذا الإتحاد عن غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا وعن غياب دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات وعدم الإفلات من العقاب وربط المسؤولية بالمحاسبة الحقيقية في العديد من الدول العربية والإسلامية ومنها قطر والبحرين والعراق وأفغانستان  والسعودية والسودان في عهد المشير عمر البشير الذي شوه الدين الإسلامي وكان سببا مباشرا في خلق دولة جنوب السودان؟.

وأين كان هذا الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين من الغزو الإمبريالي والصهيوني وبياديقها على العراق الذي تم تدميره وقتل آلاف من مواطنيه ومواطناته؟ وما موقف هذا الإتحاد مما تعرضت له سوريا من عدوان غاشم من طرف الإمبريالية الأمريكية وأتباعها؟ بل لماذا لم نسمع له قولا صريحا وواضحا تجاه المنظمات والجماعات الإرهابية والتكفيرية؟

بل ما هو موقف هذا الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين من مفهوم الديموقراطية في حد ذاته والتي أصبح يتغنى بها هو يا سلام؟  أو لم يعد مفهوم الديموقراطية بمختلف تجلياته الدستورية والمؤسساتية مخيف للمتسلطين وللمتحكمين في رقابنا بإسم الدين  من هؤلاء من يسمون بالعلماء خوفا على مصالحهم وإمتيازاتهم؟ أو لم تعد كفر ورجس  وتشبه بالكفار بل هي ذخيلة ويراد بها محاربة  تقاليدنا وعاداتنا وقيمنا وهجوم شرس يراد به تفكيك مجتمعاتنا  من طرف أعداء الإسلام والمسلمين؟

هذا البيان الزوبعة في فنجان يراد به فقط الوقوف إلى جانب الغنوشي زعيم حزب النهضة الإسلاموي والذي يترأس مجلس النواب وإظهار الدعم المعنوي له؛ بل لماذا لا أقول هو تحريض ضمني ومبطن لأنصار هذا الحزب للتمرد على سلطة رئيس الجمهورية خاصة وأن مفهوم الفتوى يأخذ طابعا مقدسا لدى الأتباع والمريدين والذين يحركون بآلة التحكم عن بعد.؟

وماذا سيكون موقف هذا الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين من نتائج إنتخابات 08 شتنبر 2021 بالمغرب عندما سيتم كنس حزب العدالة والتنمية إلى مزبلة التاريخ علما بأن رئيس هذا الإتحاد هو من هذا الحزب ورئيس سابق لما يسمى بحركة التوحيد والإصلاح؟.

الشيء المؤكد هو أن هاته التجمعات الإخوانية الإسلاموية  إقليمية كانت أو جهوية أو عالمية هي دعما وظهيرا و مساندا لبعضها البعض و لكل تلك الحركات أو الأحزاب التي تشاطرها و تتقاسم معها مباديء الإخوانية وتناصرها في كل الأحوال والظروف ولا تهمها قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها ولا دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات ولا هم يحزنون لأن طبيعتها هي طبيعة توليتاريا واستبدادية وتحكمية وقمعية ولا حقيقة تعلو على حقيقة منظريها وزعمائها وشيوخها وفقهائها وعلمائها وإلا ستنصب حبال المشنقة لكل من يعارضهم ويخالفهم الرأي  بتهم جاهزة.

*كاتب سياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *