عن “سكاي نيوز” -بتصرّف

باقتراب نهاية 2018، تتوالى “فضائح” فيسبوك، التي صارت أشبه بمسلسل متواصل لا تكاد أخبار إحداها تفتُر حتى تندلع أخرى، فحقَّ وصف العام بأنه “عام فضائح فيسبوك بامتياز”.

وليس هذا الوضع جديدا على شركة التواصل الاجتماعي ومؤسسها مارك زوكربيرغ منذ بداية تأسيسها تقريبا، حين كان لا يزال طالبا في جامعة هارفارد في 2003. والغريب أن هذه الفضائح شملت تصريحا مسيئا إلى المستخِدمين، الذين تجاهلوا الإهانة “الفجة” في حقهم عندما قال إن مستخدمي فيسبوك الأوائل كانوا “أغبياء لثقتهم بي وكشفهم معلوماتهم الشخصية!”..

وأبى فيسبوك إلا أن يُنهي 2018 بفضيحة إضافية، بعدما كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الشركة منحت شركات التكنولوجيا الكبرى صلاحية الوصول إلى بيانات المستخدمين، بما في ذلك رسائلهم الخاصة، مثل مثل مايكروسوفت ونتفليكس وسبوتيفي. ويقول موقع فيسبوك إن ما هو جيد لها كشركة بالضرورة جيد للعالم، ومزيد من المشاركة ومزيد من الأصدقاء، ومزيد من التواصل سيجعل العالم أكثر انفتاحا وترابطا، و”اجعلوا العالم أكثر تقاربا”.. هذا ما كان يجادل به مؤسس الشركة مارك زوكربيرغ حتى في ظل “الفضائح” التي طالت شركته قبل وخلال العام 2018.

وتفجّرت آخر فضيحة في 14 دجنبر الجاري بعدما كشفت الشركة “عيبا” عرّض خصوصية حوالي 7 ملايين مستخدم للخطر. وقالت الشركة إن العيب أثر، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست الأمريكية”، على نحو 6.8 ملايين شخص استخدموا كلمات المرور الخاصة بالموقع في التعامل مع تطبيقات خارجية مرتبطة بالصور. وسمح المشكل “التقنية” للتطبيقات بالاطلاع على صور ملايين مستخدمي فيسبوك، ولو لو كانت منشورة بدرجة خصوصية عالية.

إضرار بالمنافسين
في 5 دجنبر الجاري، كشف البرلمان البريطاني “رسائل بريد إلكتروني سرية” تُظهر الحسابات التجارية التي “تتخفى تحت غطاء الصور الجميلة التي تحاول أن تعكسها شخصية زوكربيرغ وشركته فيسبوك”، وفقا لأعضاء في البرلمان. كما تكشف تلك الرسائل إستراتيجية فيسبوك في “إلحاق ضرر متعمَّد” بمنافسيها، إضافة إلى جمع بيانات المستخدِمين دون معرفتهم أو موافقتهم.

واقترح أحد المهندسين في فيسبوك، في إحدى رسائل البريد الإلكتروني الموجهة إلى زوكربيرغ بتاريخ 23 يناير 2013، أن “توجّه الشركة ضربة إلى تويتر”، بعد أن أطلق الأخير خدمة لمشاركة الفيديو بما يتيح للمغرّدين التواصل مع أصدقائهم في فيسبوك. واقترح هذا المهندس أن تعمد فيسبوك إلى تعطيل هذه الميزة، كـ”ضربة” لتويتر، فأبدى زوكربيرغ موافقة الفورية على هذا الاقتراح…

ولم يكتف فيسبوك بذلك، بل منع المنافسين، “بشراسة بالغة”، من الوصول إلى بيانات مستخدميه لكي يبقى الجهة المهيمنةَ على هذا القطاع، ما تسبّب في فشل العديد من التطبيقات المنافسة، فعلى سبيل المثال، وافق زوكربيرغ نفسه على قرار منع تطبيق “فاين” (Vine) من الوصول إلى قوائم الأصدقاء في فيسبوك.

بنك المعلومات الشخصية
“تفضح” رسائل البريد الإلكتروني الأخيرة زوكربيرغ أكثر فأكثر، إذ تبين سعيه الحثيث إلى تحويل فيسبوك إلى شركة، على غرار البنوك والمصارف المالية. وتُظهر هذه الرسائل أن زوكربيرغ يرغب في تحويل موقعه إلى “بنك معلومات” رأسماله الأساسي بيانات المستخدمين الشخصية، وليس المال، كما في البنوك.

ودافع فيسبوك عن نفسه تجاه هذا الاتهام بالقول إن هذه الرسائل منقوصة وانتُزعت من سياقها ولا تعكس إلا جانبا واحدا من الحكاية، وأنها مجرد أفكار أثناء مرحلة التطوير.

وبخصوص منع المستخدمين من الوصول إلى البيانات والسماح لأطراف ثالثة (شركات أخرى في الغالب) فهو، بحسب مزاعم فيسبوك، من أجل عدم السماح للأشخاص أو الأفراد بتطوير “تطبيقات مضرّة” و”لحماية الناس”، مثلما فعلت كامبريدج أناليتيكا، التي استغلت الوصول إلى المعلومات للإضرار بالناس.

وللتجسس على المكالمات نصيب
في ضربة أخرى لزوكربيرغ، اتهم موظفون في فيسبوك، في دجنبر الجاري، الموقعَ بالتجسس على مكالمات المستخدمين ورسائلهم النصية والتوقيع على صفقات سرية لتسليم بيانات المستخدمين الشخصية.

وبخصوص الطريقة التي فعل بها فيسبوك ذلك، فإن المعلومات التي تم التوصل إليها تفيد بأن فيسبوك قام ببرمجة تطبيقه لهواتف “أندرويد’ بحيث يراقب المكالمات الهاتفية والرسائل النصية، رغم إقراره بأن ما يقوم به “يشكل مخاطر عالية من منظور العلاقات العامة”.

وقد استخدم فيسبوك تطبيق “أونافو”، الذي استحوذ عليه من شركة أخرى، في التجسس على استخدام الهواتف الذكية دون علم المستخدمين، ولتحديد المنافسين، مثل “واتساب”، الذي تمكن فيسبوك من الاستحواذ عليه، وبالتالي تحييده.

ولأكتوبر فضيحة

في 12 أكتوبر 2018، أعلن فيسبوك أن “قراصنة معلومات اخترقوا 29 مليون حساب على الموقع”، مشيرا إلى أن القراصنة اخترقوا أسماء أو عناوين البريد الالكتروني أو أرقام هواتف أولئك الملايين من المستخدمين.

فضيحة أبريل

تطرقت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية لتلميح شيريل ساندبيرغ، المديرة التنفيذية للعمليات في فيسبوك، إلى أن “المستخدمين سيضطرون قريبا إلى دفع المال مقابل حمايتهم من المعلنين”، مشيرة إلى أن “حماية المستخدمين ستصبح خدمة مدفوعة”.

وفضيحة أخرى في مارس

ارتكبت شركة فيسبوك، بحسب ما قال زوكربيرغ، أخطاء في التعامل مع بيانات أكثر من 50 مليون مستخدم، لكنه، وإن أكد أنه سيتخذ إجراءات أكثر صرامة، فإنه لم يكشف تفاصيل هذه الأخطاء.

فضيحة الشرطة السرية
تكشّفت، في شهر مارس 2018 تفاصيل فضيحة أخرى في “المطبخ الداخلي” لفيسبوك، إذ لم تكن للفضيحة هذه المرة علاقة لها بالمستخدمين، بل بموظفي زوكربيرغ… فرغم الصورة “الوردية” التي يرسمها فيسبوك لنفسه ولطبيعة العمل فيه، فإن الواقع ليس مثل الكلام، إذ إن سياساته الحازمة مع موظفيه تعكس صورة أخرى.

وتبينَ أن الشركة توظف “شرطة سرية” لضبط “مسرّبي المعلومات” من موظفيها، بحسب ما كشف موظف سابق لصحيفة “غارديان” حول كيفية تعرض الشركة لمسربي المعلومات.

وفي هذا الإطار، قال الموظف إنه استدعي في العام الماضي إلى اجتماع، بحجة أنه سيحصل على “ترقية”، لكنه وجد نفسه أمام فريق تحقيق من فيسبوك، وأن الفريق امتلك صورا كان قد التقطها هو، كما عرف تفاصيل بشأن الروابط التي زارها أثناء العمل، أو حتى اقترب منها دون أن يضغط عليها. وأشار هذا الموظف السابق إلى أن فريق التحقيق يملك نسخا من محادثات أجراها مع أحد الصحافيين.

من فضيحة إلى أخرى، يسير أشهر موقع إلكتروني، إذن، نحو ختم هذا العامّ الذي نودّعه بأكبر عدد من الفضائح يشهدها منذ إطلاقه قبل 15 سنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *