*طلحة جبريل 

زرت مدينة القنيطرة زيارة خاطفة توزعت بين نهار وبدايات ليل . وجدت المدينة غارقة في حزن، و تجتاحها موجة غضب. 

في المساء بدت لي مدينة تعيش هدأة مؤقتة وتتنفس السكون، خاصة أن شوارعها راحت تقفر شيئاً فشيئاً، ثم تثاقلت الحركة حتى تحولت الشوارع إلى خلاء من الإسفلت.

كان الحدث هو السقوط المحزن للنادي القنيطري إلى قسم الهواة (الدرجة الثالثة). انزلاق  وصفه مشجعو الفريق (حلال بويز) بأنه انحدار نحو”الظلمات”.

سمعت هناك بأن سقوط الفريق  يدعم الإحساس بالقلق بأن العصر الزاهي  للنادي القنيطري قد ولى.لا يتذكر الناس في المدينة وقتاً كان فيه الفريق يواجه كل هذه المشاكل، التي عجلت بهبوب عواصف تحولت إلى إعصار، عصف به إلى الأسفل . 

كانت القنيطرة منذ عقود مركزاً من مراكز كرة القدم في المغرب. يعود الفضل في ذلك إلى النادي القنيطري .إليكم تفاصيل، استقيت بعضها من الصديقين صلاح الدين القشيري وحميد الزموري من القسم الرياضي بإذاعة الرباط.

عندما يذكر “النادي القنيطري” تقفز إلى الذاكرة ، أسماء خمسة لاعبين :

محمد البوساتي، خليفة العبد، نور الدين البويحياوي، منير الجعواني، فتاح المودني.

يعد البوساتي، أحد المعجزات، إذ لم يستطع أي مهاجم في تاريخ الكرة المغربية أن يتجاوز حصيلته من الأهداف. لغة الأرقام جافة لكن لها قدرة على البيان لا تضارعها فيها أي لغة أخرى. إليكم ما تقوله الأرقام .

أحرز البوساتي 37 هدفاً عندما كان النادي القنيطري في القسم الوطني الثاني (الدرجة الثانية)، ثم 26 هدفاً حين كان الفريق  في القسم الوطني الأول (الدلرجة الأولى)  . جاء هدافون ، وذهب هدافون، لكن لم يستطع أي هداف في تاريخ البطولة المغربية أن يتخطى “حاجز البوساتي”.

رقم آخر، لعب منير الجعواني 550 مباراة ، وهو رقم لم يستطع أي لاعب أن يصل إليه.

هناك أيضاً فتاح المودني الذي كان حارساً احتياطياً في مونديال المكسيك. والمدافع الأسطورة نور الدين البويحياوي. 

انتقل إلى خليفة العبد. هذا مدافع عالمي، إذ أنه أحد الذين رسخوا فكرة المدافع المهاجم في الكرة العالمية. ما زلت أتذكر كيف أبهر العالم عندما واجه المنتخب المغربي منتخب البرتغال. يومها أرسل خليفة كرة بالسنتمتر نحو رجل عبد الرزاق خيري الذي أودعها الشباك.

كان يفترض كما اقترحت إحدى الصحف يومها، أن يطلق  اسم خليفة العبد على أحد شوارع القنيطرة. 

أعود إلى بيت القصيد، هل يجوز أن يلعب “النادي القنيطري” في قسم الهواة.

ظني أن القرار الصائب رفع عدد فرق القسم الوطني الثاني (الدرجة الثانية)  إلى 18 فريقاً ليبقى “النادي القنيطري” في مكانه.

هذا الفريق تاريخ ورمز، التاريخ لا ينسى، والرموز لا ترتجل.

******************************************

تعليق على صورة وذكرى

كنت في أكادير ذات يوم في مهمة عمل، التقيت هناك سي محمد الدومو -رحمه الله- وكان آنذاك رئيساً للنادي القنيطري ، فاقترح أن أتفرج في مباراة كان طرفها الفريق.. أرجح أنها كانت ضد حسنية أكادير… فكانت هذه الصورة.

*كبير الصحفيين العرب المقيمين في المغرب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *