ت ت

عبّر عدد من المحامين المغاربة، عن رفضهم للمادة 14 من مشروع قانون التنظيم القضائي، لما سيترتب عنها من إطالة آجال البت في النزاعات القضائية، فضلا عن عرقلة المساطر القضائية بسبب كثرة الطلب (العدد الضخم للوثائق و آجال الترجمة) ،مقابل قلة عدد التراجمة المحلفين على الصعيد الوطني : 406 ترجمان محلف مقابل 2.782.048 قضية سنة 2020.

وأثار هؤلاء المحامين، أيضا ورقة العبء المادي الإضافي على كاهل المتقاضين، على جانب المساس بحق المواطنين محدودي الدخل في اللجوء للقضاء.

وتنص المادة 14 من مشروع قانون التنظيم القضائي التي ستصير واجبة التطبيق إذا ما اعتمدت على حالتها، على إلزامية ترجمة جميع الوثائق المدلى بها أمام القضاء إلى اللغة العربية بواسطة ترجمان محلف ما لم تقرر المحكمة خلاف ذلك. و قد تم إدراج مشروع القانون خلال الجلسة التي ستعقدها لجنة العدل والتشريع و حقوق الإنسان بمجلس النواب عشية يومه 6 يوليوز 2021، بحيث صار هذا المشروع يكتسي طابع الأولوية عشية الانتخابات، والحال أنه متوقف منذ صدور قرار المحكمة الدستورية بشأن عدم دستورية بعض مقتضياته خلال شهر فبراير 2019.

وأوضح المحامون، أنه في حال اعتماد هذا النص كما هو عليه، سيؤثر لا محالة في فعالية المحاكم وسيعرقل حق المتقاضي، وخاصة المواطن البسيط، في اللجوء المنصف والحر إلى القضاء، وسيمس بأحد أهم المكتسبات المعترف بها للمتقاضين منذ الاستقلال وهو الحق في الإدلاء أمام القضاء بالوثائق المحررة بغير اللغة العربية.

كما أشاروا، إلى أن اعتماد هذا المقتضى سيؤدي بصفة آلية إلى إطالة أمد البت في النزاعات على اعتبار أن قرار قبول الوثائق غير المترجمة أو رفض الوثائق غير المترجمة وضرورة الإدلاء بالترجمة، لا يتم اتخاذه في الجانب العملي إلا في مراحل متقدمة من النزاع وبالضبط عند دراسة القضية والوثائق المدلى بها وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى إطالة آجال الفصل في النزاعات، لأن المحكمة المعروض عليها النزاع لا تقوم مبدئيا وعمليا بدراسة الوثائق، إلا على إثر حجز الملف للتأمل أو المداولة، وهو ما سيفرض إعادة إدراج الملف في الجلسة للإدلاء بالترجمة مما سيؤدي إلى إطالة المساطر، كما أن الطرف الخصم في الدعوى سيقتصر على التمسك بالدفع بعدم قبول الوثائق نظرا لعدم ترجمتها، بشكل سيؤدي إلى تأخير الملف لجلسات متعددة في انتظار الإدلاء بالترجمة.

ونبّه المحامون المشار اليهم، إلى أن “المادة المذكورة”، ستؤثر على حق المتقاضي ذي الدخل المحدود في اللجوء إلى القضاء بالنظر إلى التكلفة المادية الإضافية التي سيضطر إلى تحملها مسبقا، قبل طرق باب القضاء، في حال المصادقة على هذا النص على حالته. وأوردوا على سبيل المثال، أن الأُجَرَاء المتقاضين الراغبين في مقاضاة مُشغِّليهم سيضطرون إلى ترجمة عقود الشغل وكشوف الأداء وشواهد العمل وغيرها من الوثائق، قبل اللجوء إلى القضاء، وسيكونون مضطرين إلى تحمل مصاريف كبيرة نتيجة تكاليف الترجمة قبل اللجوء إلى المحكمة، والحال أنهم يستفيدون بقوة القانون من المساعدة القضائية.

كما أثار المحامون، صعوبة توفير العدد الكافي من التراجمة، معتبرين “أنه من المستحيل أن يقوم التراجمة المحلفون، مهما بلغت درجة تجندهم، بتأمين عمليات الترجمة داخل آجال مقبولة ومعقولة بالنظر إلى الكم الهائل لطلبات الترجمة التي ستعرض عليهم، في حالة اعتماد مشروع القانون كما هوعليه، وعلى الخصوص المادة 14 منه.

وفي الختام، دعا هؤلاء المحامين إلى ضرورة تعديل المادة 14 من المشروع، منبهين المُشَرِّعِ إلى ضرورة إعادة النظر في الصياغة المقترحة بما لا يجعل ترجمة الوثائق إلزامية، إذ تقتضي فعالية النظام القضائي المغربي والحفاظ على حقوق المواطنين أن يتم تعديل الصياغة بما لا يستلزم الترجمة إلا إذا أمرت بها المحكمة.

وبشأن الصيغة التي يراها المحامون مناسبة، إقترحوا تعديل المادة المذكورة، لتصير على الشكل التالي : واقترحوا أن يتم تعديل صياغة الفقرة الثانية من المادة 14 لتصير كما يلي: “يتعين تقديم المقالات والمذكرات والعرائض للمحكمة باللغة العربية. ويمكن الإدلاء أمام المحكمة بالوثائق والمستندات و غيرها من وسائل الإثبات بأي لغة أخرى، ما لم تقرر المحكمة ضرورة الإدلاء بترجمتها للغة العربية مصادق على صحتها من قبل ترجمان محلف. كما يمكن للمحكمة ولأطراف النزاع أو الشهود الاستعانة أثناء الجلسات بترجمان محلف تعينه المحكمة أو تكلف شخصا بالترجمة بعد أن يؤدي اليمين أمامها”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *