تقي الدين تاجي

الظاهر أن حزب العدالة والتنمية اليوم، بات شبه مقتنع بإستحالة، حصده لنتائج مشرفة خلال الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة، بعدما أسفرت نتائج الانتخابات المهنية الأخيرة، عن إندحار مدوٍ للذراع النقابي للمصباح، ممثلا بالإتحاد الوطني للشغل، حتى داخل القطاعات التي ظلت تشكل إلى غاية الأمس القريب، معاقل لهذا الإطار النقابي، وبوأته لسنوات طويلة، مرتبة “الأكثر تمثيلية”.

ولذلك كان بديهيا، أن يسارع كل من سعد الدين العثماني ومحمد اليتيم ومصطفى الرميد ولحسن الداودي، إلى تسريب خبر، عدم ترشحهم خلال الإنتخابات المقبلة، للمواقع الإلكترونية، والمنابر الإعلامية المقربة منهم، لتيقنهم بأن “الاستحقاق الانتخابي”، سيُشكل ولاشك، محطة حقيقية لإختبار شعبيتهم، بل وقد يتحول إلى محاكمة سياسية لإختيارات الحزب برمتها.

ولعل صقور المصباح، يعرفون أن تسييرهم، الفاشل للحكومة على مدى عشر سنوات، أوصل البلاد إلى طريق مسدود، في عدد من القطاعات، لاسيما منها الإجتماعية، لولا ملك البلاد الذي تدخل ليعيد الأمور إلى نصابها، بإطلاقه “ورش الحماية الإجتماعية”، وبالتالي فإن أي إصلاح في ظل حكم البجيدي لم يعد ممكنا، بعدما إستنفد هذا التنظيم فرصته كاملة، دون أن يتمكن من تقديم أية إضافة تذكر، عدا عن كم هائل من الفضائح التي لاحقت بعض قيادييه، كما هو الحال بالنسبة للشيخ يتيم، صاحب فضيحة “الغرام في جادة الشانزليزي”، أو فضيحة “مصطفى الرميد”، وزير حقوق الانسان – يا حسرة يا زمن -، الذي إفتضح عدم تصريحه بمستخدميه بمكتبه للمحاماة، لدى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، إضافة إلى لحسن الداودي، وفشله في تدبير عدد من الملفات الحساسة، سواء خلال تقلده مسؤولية وزير للتعليم العالي، أو خلال توليه منصب وزير للشؤون العامة والحكامة، أما رئيس الحكومة “سعد الدين العثماني” فينطبق عليه المثل المغربي القائل ” غير خلي داك الجمل راكد وصافي”.

وفي الواقع، للأسباب السابقة وغيرها، من غير المرجح أن يغامر أي من الصقور، بوضع أنفسهم محط إختبار، لكن من الناحية الأخلاقية، فذلك يُعتبر “قلة إحترام”  إزاء الناخبين، الذين منحوهم أصواتهم في مناسبتين، وكان يفترض من باب “الأخلاق السياسية”، ومن باب “التعاقد الاجتماعي” الذي وضع إسسه “جون جاك روسو”، وإن كان معروفا عن الإسلاميين، مخاصمتهم للفلسفة، لكن ذلك ليس مبررا طبعا لمخاصمتهم الناخبين، الذين وضعوا فيهم ثقتهم، بالهروب من مواجهتهم أو “مراجعتهم”، لتقديم حصيلة الوعود التي قدموها لهم، ولاسيما تقديم “بيان تفصيلي” عن مآل شعار “صوتنا فرصتنا لمحاربة الفساد” معه و”شعار مواصلة الإصلاح” ، والإجابة عن السؤال الجدلي البزنطي، “هل حاربتم الفساد ؟،” و”أين وصل الإصلاح ؟، عدا عن إصلاح وضعياتكم الإجتماعية الخاصة طبعا.”

لكن في ظل الظروف الحالية، لاشك أن لسان حال قادة المصباح يقول “لن أغامر بما تبقى من سمعتي السياسية”، في ظل مؤشرات صريحة، تتوقع تلقي الحزب لهزيمة ساحقة، ولذلك سيكون من غير المجدي، أن يغامر سواء العثماني، الرميد، الداودي أو اليتيم بخوض مسابقة يعلمون نتيجتها مسبقا، وأن أي “تكرديعة” ستكون تكلفتها باهظة، لأنها ستعني بشكل مباشر، إضعافا لحظوظهم حتى في مجرد مشاركة بالحكومة المقبلة، بل من غير المستبعد أن تضع نقطة نهاية لمسارهم السياسي برمته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *