رشید مشقاقة*

عرضت قناة تلفزیة أمريکیة برنامجا مثیرا.. تجري المذيعة حوارا مع شخصية عامة في موضوع مهمّ، مثل عدم احترام إشارات المرور أو رمي النفایات في الشارع العام أو التحرش الجنسي.. وتستمع باهتمام إلى ضیفها. بعد ذلك، تعرض شريطا تم تصويره خفية، في وقت سابق، للشخصية العامة ذاتها وهي تقترف الأفعال التي تنهی عنها..

وقد تم إیقاف العرض بسبب الضجة التي أحدثها. ولم یکن البرنامج سوی مرأة تعکس ازدواجية وانفصام شخصية العدید من الذین یعِظون الناس ویٶتون خلاف ما ینصحونهم به…

وقد تسلل أحدهم إلی الغرفة التي ینام فیها الإمام قبل أذان الفجر ورسم علی وجهه، بالطباشیر الملون، عدة رسومات. فاستنکر المصلون ذلك وهم یرون الإمام علی تلك الحال. فصاح فٕیهم الفاعل: “أردت فقط أن أٶکد لکم أن إمامنا الذي يحثنا علی الوضوء وعلى أن النظافة من الإیمان لا یتوضأ!”…

لعل هذه العلة هي سبب فشل کافة سبل علاج أمراض المجتمع. ففاقد الشيء لا بعطیه. وحرب الردة التي یواجه بها المتذمر أمثال هذا الممثل السمج تنفس عن الخدعة التي کان ضحیتها وخیبة الظن التي أفشی بها سلوك أخرق ممن کان یعده المخاطب نموذجا مثالیا للقدوة الحسنة..

لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار علیك إذا فعلت عظیمُ
فابدأ بنغسک فانهها عن غیها
فإذ انتهت عنه فأنت حکيمُ…

یحکي لنا الواقع عن خطیب الجمعة الذي أوصی الناس بالصدقة وإطعام المساکین، فلما عاد إلی منزله وسأل زوجته عن صحن الکسکس أخبرته بأن ابنه تصدق به علی متسول طرق باب الدار. أرغی الخطيب وأزبد واتجه نحو ابنه مستفسرا:
-لم قمت بذلك؟
-سمعتک تقول تصدّقوا علی المساکین..
-هل أنت أحمق؟ أنا أقول “أیها الناس”.. فهل أنت من الناس؟ أنت ابني، ولست أجنبيا!”..

ما وقع للخطیب مع ابنه هو سلوك یومي. فالشیاطین تعظ وتأتي خلاف ما تعظ به الناس. وکل في فلك يسبحون…
أیها الناس…

*رٸیس المنتدی المغربي للقضاة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *