محمد سليكي: صحفي معتمد لدى الأمم المتحدة

في سياق المباحثات التي جمعت (يومي 5 و6 دجنبر الجاري) في جنيف بين الوفد المغربي ونظيريه من الجزائر وموريتانيا وكذا ممثلين لجبهة البوليساريو، تحت رعاية المبعوث الشخصي للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، سيقدم المغرب مؤشرات سياسة دالة ومحفزة طمعا في إيجاد حل لهذا النزاع المفتعل، ودفع الأطراف الأخرى نحو التخلي عن مواقفها المتعنتة…
لقد اتضح أن المقاربة المغربية في التعاطي مع قضية وحدته الترابية استندت إلى المرجعيتين الوطنية والأممية، وهو ما جعله أمام تصلب مواقف باقي الأطراف المعنية، يخرج من مائدة جنيف(1) وكله أمل، في أن تعرف مائدة جنيف(2) التزاما صادقا من جميع الأطراف من أجل الدخول في محادثات معمقة حول الحل السياسي لكنه غير مستعد للانخراط في مناقشات عقيمة ستكون مجرد مضيعة للوقت بالنسبة للمجتمع الدولي

#المرجعية_الوطنية

يتمسك المغرب، وفق مصدر رسمي، في إطار المرجعية الوطنية، تمسكا ثابتا بالمسلسل السياسي الذي ترعاه حصريا الأمم المتحدة، والذي يهدف إلى التوصل إلى حل سياسي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، في إطار الاحترام التام لأسس الموقف المغربي، التي شدّد عليها الملك محمد السادس (بتاريخ 6 نونبر 2017) في خطابه السامي بمناسبة الذكرى الـ42 للمسيرة الخضراء.

وتقوم المرجعية الوطنية، وفق مصدر صحيفة “le12.ma” الالكترونية، على مواصلة الدفاع عن الوحدة الترابية بالوضوح والطموح نفسهما، وبروح المسؤولية والعمل الجاد، على الصعيدين الداخلي والأممي، وفق ما أكد ذلك الملك محمد السادس في خطابه المشار إليه.
يتجسد هذا الوضوح، بحسب مصدرنا، في المبادئ والمرجعيات الثابتة، التي يرتكز عليها الموقف المغربي، والتعامل بكل صرامة وحزم مع مختلف التجاوزات، كيفما كان مصدرها، التي تحاول المس بالحقوق المشروعة للمغرب أو الانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المحددة.

لذلك فالطموح في التعاون الصادق مع الأمين العام للأمم المتحدة، ودعم مجهودات مبعوثه الشخصي قصد إرساء مسار سياسي جاد وذي مصداقية، يوضح المصدر ذاته، يتمثل في “المبادرات البنّاءة والتجاوب الإيجابي مع مختلف النداءات الدولية من أجل تقديم مقترحات عملية كفيلة بإيجاد حل سياسي دائم على أساس الواقعية وروح التوافق، وفي إطار مبادرة “الحكم الذاتي”، التي كان المغرب قد تقدّم بها”.

ويأمل المغرب، في هذا الإطار، إستنادا إلى المصدر نفسه، على” أن تستفيد الأمم المتحدة، في إطار الدينامية الجديدة، من دروس وتجارب الماضي وأن تتفادى المعيقات والنواقص التي شابت “مسار مانهاست”.

وللعلم يوضح مصدرنا، فمن ركائز المرجعية الوطنية في إطار هذا المشكل المفتعَل في أقاليمنا الجنوبية، التوجيهاتُ الملكية السامية التي يُواصل المغرب على أساسها، بكل ثقة والتزام، انخراطه في الدينامية الأممية الجديدة لإعادة إطلاق المسلسل السياسي طبقا للمُحددات الأساسية التي أقرًها مجلس الأمن الدولي في قراراته المعتمدة منذ 2007.

#المرجعية_الأممية

لقد شارك المغرب في المائدة المستديرة استجابة لدعوة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، وتنفيذا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2440، الذي تضمّن عنصرين مهمّين، يتعلق أولهما بالعملية السياسية، يشرح المصدر نفسه، وفي هذا السياق أشاد القرار بتنظيم المائدة المستديرة في جنيف (يومي 5 و6 دجنبر 2018) وبالدعوات المُوجهة إلى كل من المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو للمشاركة في هذه المائدة المستديرة، “لتقييم التطورات الأخيرة، ومعالجة المسائل الإقليمية، ومناقشة الخطوات التالية في العملية السياسية”.

وقد شكلت هذه الإضافة “تطورا نوعيا”، وفق المعطيات الرسمية المتوصل إليها، مقارنة مع “مسلسل مانهاست”، إذ باتت الجزائر، من منطلق مسؤولياتها السياسية والتاريخية والقانونية في هذا النزاع المفتعل، مدعوة إلى الانخراط بجدية في جميع مراحل العملية السياسية.

ويتعلق العنصر الثاني الذي تضمّنه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2440 ، بالوضع في شرق وجنوب منظومة الدفاع المغربية، إذ تبنى القرار الأممي في هذا الإطار لغة واضحة، وطالب “البوليساريو” باحترام التزاماتها بالانسحاب من “الكركرات”، وعدم القيام بأعمال استفزازية في منطقتي بئر لحلو وتيفارتي.

القرار الأممي تضمن كذلك، تؤكد المعطيات المتوفرة، “المحافظة على المكتسبات المغربية، إذ جدد تأكيده أنّ “المُحددات الأساسية للعملية السياسية المعتمدة منذ 2007، بما في ذلك ترسيخ أولوية المبادرة المغربية للحكم الذاتي، والطابع الجدي وذو المصداقية للجهود المغربية للمضي قدما في العملية السياسية الهادفة الى إيجاد حل سياسي لهذا النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية”.

ولعل تجدّيد المجلس الأممي، في الفقرة الثانية من المقتضيات العملية للقرار رقم 2440، التأكيد أن “الغاية من العملية السياسية هي الوصول إلى حل سياسي واقعي وعملي ومستدام، قائم على التوافق”، يوضح مصدرنا، “هي المفاهيم ذاتها التي ترتكز وتتأسس عليها المبادرة المغربية للحكم الذاتي، مُستبعدا كل “المخططات التبسيطية والمختزلة” لخصوم الوحدة الترابية.

#مشاركة_المغرب

لقد شدّ ممثلو المغرب الرحال نحو جنيف للمشاركة في أشغال المائدة المستديرة على أساس موقف واضح يتمثل في الالتزام البنّاء والإيجابي من أجل الوصول إلى حل سياسي واقعي وعملي قائم على التوافق، وتحذوهم رغبة قوية في أن تستفيد الأطراف المتعنتة (الجزائر والبوليساريو) من “دروس وأخطاء التجارب السابقة”، سوءا تعلق الأمر بمخططات متجاوَزة غير قابلة للتطبيق، أو خيارات وحلول غير واقعية، أو التمسك بصيغ غير مناسبة أو مناهج عمل غير مقبولة.

لذلك فقد انخرط المغرب في مباحثات جنيف، بإرادة صادقة في المسار الأممي لإعادة إطلاق العملية السياسية، تؤكد المعطيات المتوصل إليها، وذلك حتى يبرهن، للمبعوث الشخصي والمنتظم الدولي، بأن “الأطراف الأخرى هي التي تراوغ وتناور بخصوص الحل السياسي”.

#مرجعية_جنيف

اختلفت المائدة المستديرة عن كل اللقاءات السابقة التي جمعت بين الأطراف المعنية بهذا الصراع المفتعَل، فقد حضرت -لأول مرة- كل الأطراف المعنية وشاركت في كل النقط المُدرجة في جدول الأعمال، بخلاف ما كان يجري في الاجتماعات السابقة. كما كانت المرجعية المؤطرة للقاء هي القرار رقم 2440، الذي يُؤكد أن “الهدف من هذا اللقاء هو التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي قائم على التوافق”.

لقد انصبّت النقاشات خلال هذه المائدة المستديرة أساسا حول التطورات الأخيرة التي عرفتها قضية الصحراء المغربية ومعوقات الاندماج الإقليمي والخطوات اللاحقة في العملية السياسية.

مباحثات جنيف الأخيرة، سوف تتميز بكون الوفد المغربي يضمّ ثلاثة ممثلين شرعيين للأقاليم الجنوبية، منهم منتخَبان وممثلة عن المجتمع المدني في المنطقة، يتمتعون بأهلية الحديث عن الدينامية التي تشهدها الصحراء المغربية، بفضل النموذج التنموي الجديد الذي أطلقه الملك محمد السادس، لتحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لساكنتها.

لقد كان لمشاركة ممثلي الأقاليم الجنوبية تأثيرٌ إيجابي ومُهم على سير أعمال المائدة المستديرة، وتكرَّس وضعهم كناطقين شرعيين باسم سكان الصحراء المغربية، اذ كانوا أفضل شهود أمام محاوريهم على الدينامية المتميزة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة تحت القيادة الرشيدة والرؤية المتبصرة للملك محمد السادس، الأمر يتعلق بكل من سيدي حمدي ولد الرشيد رئيس جهة العيون- الساقية الحمراء وينجا الخطاط رئيس جهة الداخلة – وادي الذهب وفاطمة العدلي الفاعلة الجمعوية وعضوة المجلس البلدي للسمارة وأول امرأة صحراوية منتخبة منذ عام 1992.

#الاستحقاقات_المقبلة

تبنّت المائدة المستديرة بيانا ختاميا أكد أن اللقاء كان “خطوة مهمة نحو مسلسل سياسي متجدد لمستقبل الصحراء”، وأشار إلى دعوة المبعوث الشخصي الأطراف المشاركة إلى طاولة مستديرة ثانية في الربع الأول من 2019.

وقد شدّد ممثلو المغرب على أن الروح البنّاءة شيء جيد وإيجابي لكنها لا تكفي، مطالبين بضرورة توفر إرادة حقيقية للوصول إلى حل.
وأكد ممثلو المغرب أن الروح التي سادت أعمال المائدة المستديرة الأولى هي مصدر تفاؤل، لكن التساؤل حول مدى استعداد الأطراف الأخرى لترجمتها إلى إرادة حقيقية في الاجتماعات المقبلة يبقى مطروحا.

وفي الإطار ذاته، أكد ممثلو المغرب أن المائدة المستديرة هي بمثابة “امتحان واختبار لمدى وجود إرادة حقيقية لدى الأطراف المتعنّتة لإيجاد حل للملف، لذلك
وفي انتظار الجلوس حول مائدة جنيف(2)، نبّه ممثلو المغرب في مائدة جنيف(1) إلى أنه في غياب رغبة حقيقية لدى الأطراف الأخرى، والتزام صادق من جميع الأطراف من أجل الدخول في محادثات معمقة حول الحل السياسي، فإن المملكة، غير مستعدة للانخراط في مناقشات عقيمة تبقى مجرد “مضيعة للوقت بالنسبة للمجتمع الدولي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات
  1. تبارك الله علي السي سليكي الصحافي المقتدر صاحب الأفكار الخلاقة والنظرة الثاقبة والتحليل العميق والشخصية الهادئة المتزنة ، ومزيدا من التألق والإبداع في التعامل مع قضايا الوطن العزيز .