كريم شكري

بعض ممثلي الشعب أصبحوا في حاجة حثيثة إلى مستشارين في مجال التواصل لفرملة ايقاع انزياحهم عن عقارب الزمن الكوني..

لم يعد بوسعنا التمييز بين مشاكسة صبية الحواري و خطاب بعض الحاملين لعهدة القيادة المؤسساتية داخل مدن راكمت تقاليد زاخرة في التعايش، فإذا بها تقع أسيرة بين صراط الردود الانفعالية و التراشق الفايسبوكي الفاقد لبوصلة العقلاء و محرار الأصفياء..

ارتقوا يا سادة..فالقعر الفايسبوكي لم يعد فيه متسع من المساحات الكفيلة باستيعاب السرعة القصوى ل”نظام التفاهة” و العاهات البشرية المنبثقة عنه ممن تستهويهم محاكاة رموز السفاهة و البلاهة داخل منصات التواصل الرقمي..

ارتقوا شرف الله قدركم، حتى لا تحقنكم انتقادات الحشد الافتراضي بفائض من هرمون الأدرينالين الذي من شأنه تحفيزكم على الانخراط في محفل اغتيال العقل و تبخيس القيم و شرعنة الانشطار عن خانة ترافع الكبار..

ارتقوا رفع الله مقامكم، فبراديغمات علوم الاتصال تضع بين أيديكم أحدث آليات الارتقاء بخطاب الإقناع الذي قد يكتسي قوة “الرصاصة السحرية” أو “الطلقة السحرية” في حال توسلكم بحمولتها المنهجية و المعرفية لكونها ستغنيكم حتما عن الوصفات الصبيانية لتصريف الرسائل و تصويب سهام الدعاية..

ارتقوا بارك الله في مساعيكم، لأن منطق الأشياء يقتضي حملكم لصولجان القدوة و النموذج في حضرة الأجيال الصاعدة لكونها لم تعد تستهلك سوى وجبات العنف الرمزي، إذا جاز لنا اقتباس الطرح المعرفي للباحث السوسيولوجي الفرنسي Pierre bourdieu..

بالله عليكم يا معشر المستشارين، لا تغفلوا تعاقداتكم الأخلاقية مع من حملوكم على أكتافهم إلى برج قيادة الشأن العام، فالدرس السياسي لم يقترن فقط بمقولات ميكيافيلية أو بكليشيهات أطروحة “الثالوث المظلم” حسب مرجعيات علم النفس الحديث، بل ثمة مدارس فلسفية و مصنفات إسلامية راجحة اسهبت في وضع الأخلاق و السياسة داخل قالب معرفي و اجراءي يجعل من الفاعل السياسي ركنا حصينا ضمن قنوات التنشئة الاجتماعية و مؤسسات التأطير السياسي كما البيداغوجي، سيما عندما يتعلق الأمر بمجتمع خذلته النخب و استباحته أذرع الفساد..

وفقكم الله، يا من رفعتكم صكوك التفويض الانتخابي إلى منزلة الشرعية و المشروعية، و احاطكم جل جلاله بكل ما تعبق به القيم الراقية من نسائم العفة و السداد خدمة لشؤون العباد و تثمينا لخصال الأجداد..

*كاتب صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *