الرباط– مقر مجلس المستشارين

بعثة «  Le12 »

 

يشكل الملتقى البرلماني للجهات أبرز حدث سنوي ينظمه مجلس المستشارين، إلى جانب المنتدى البرلماني للعدالة الاجتماعية، ليكرس المجلس دوره الفاعل باعتباره فضاء للنقاش العمومي حول القضايا الكبرى التي تهمّ مجالات التنمية والشأن الاجتماعي.

وسلط الملتقى البرلماني الثالث للجهات، الذي التأم اليوم الأربعاء، الضوء على قضية محورية تكتسي راهنية خاصة، ويتعلق الأمر بقضية الجهوية، بعد مرور ثلاث سنوات على إقرار الإصلاح الجهوي الجديد.

ومن  بين الأهداف الأساسية التي سطرتها الدورة الثالثة للملتقى البرلماني للجهات، الاستشراف الجماعي لأجوبة وحلول عملية للأسئلة ذات الصلة بالحكامة الجهوية في ممارسة المجالس الجهوية اختصاصاتها وفي اعتمادها المقاربة التشاركية لتدبير الشأن الجهوي بمناسبة انتصاف ولاية هذه المجالس، ومدى سماح الاختصاصات الجديدة الممنوحة للجهة بإقرار مبدأ التدبير الحر، الذي يخول لها سلطة التداول بكيفية ديمقراطية وسلطة تنفيذ مداولاتها ومقرراتها، وكذا قدرة الإمكانات المالية الجهوية الجديدة على تعزيز مكانة الجهة كفاعل في التنمية الترابية والاندماج المجالي، ومدى نجاعة الإمكانات المتاحة التي أقرها المشرّع للمجالس الجهوية المنتخبة في خلق مرافق عامة (مثل وكالة تنمية الجهة) للنهوض بالرهانات التنموية والاجتماعية في الجهة.

بعثة صحيفة “le12.ma”، تابعت بالكلمة والكاميرا، من مقر مجلس المستشارين، فعاليات الملتقى البرلماني الثالث للجهات.. إنطلاقا من قاعدة الجهوية كورش لإعادة صياغة نسق الدولة.. وأعدت “خاص” عن هذا الحدث الذي افتُتح برسالة ملكية، تناولها الاعلام الرسمي للدولة تحت عنوان: “جلالة الملك: المغاربة لا يريدون مؤسسات جهوية تظل”حبرا على ورق” .. و البدابة منها.

 

الملك و إنجاح ورش الجهوية

أكد الملك محمد السادس حرصه على إنجاح ورش الجهوية المتقدمة، الذي يضعه في صلب توجهاته الإستراتيجية “من أجل ترسيخ مسار التحديث المؤسسي لبلادنا، وتوطيد بناء مغرب التضامن والكرامة والعدالة الاجتماعية والمجالية، والنهوض بالتنمية المندمجة والمستدامة لفائدة كافة المواطنين”، كما ورد في الرسالة الملكية الموجَّهة إلى المشاركين في أشغال الملتقى البرلماني الثالث للجهات، الذي  ينظمه مجلس المستشارين، والذي افتتحت أشغاله اليوم الأربعاء في مقر الغرفة الثانية.

وثمّنت الرسالة الملكية، التي تلاها مستشار الملك، عبد اللطيف المنوني، “نهج الاستمرار في التفكير المنتظم والاقتراح المتواصل الذي اختاره مجلس المستشارين، بمعية شركائه المؤسساتيين، من مجلس اقتصادي واجتماعي وبيئي، ومجلس وطني لحقوق الإنسان، وجمعيات جهات وجماعات المغرب، الذين بادروا إلى تنظيم النسخة الثالثة من الملتقى البرلماني للجهات”.

وشدد الملك في رسالته إلى المشاركين في أشغال الملتقى على تطلعه إلى أن تشكل هذه الدورة “فرصة سانحة لتعميق النقاش البناء، واقتراح الحلول الخلاقة، والعملية المناسبة، من أجل اضطلاع الجهوية المتقدمة بدور محوري، كرافعة قوية لإنتاج الثروة المادية واللامادية، وتوفير فرص الشغل، لا سيما للشباب، وإدماج مختلف الفئات الاجتماعية، وضمان المشاركة المواطنة الواسعة والمسؤولة، والمساهمة في النهوض بالتنوع الثقافي لبلادنا، في إطار مقومات هويتنا الوطنية الموحدة”.

ونبّهت الرسالة الملكية إلى أن “النهوض الأمثل بهذا الورش الحاسم لا يتوقف فقط على حجم الصلاحيات المخولة للجماعات الترابية، خاصة الجهات، بل يرتبط أساسا بكيفية ممارستها، وقدرة كافة الفاعلين، لا سيما المنتخبين، على التحلي بروح المسؤولية العالية، وترجيح العمل الجماعي البنّاء، والهادف إلى جعل خدمة المواطن أولوية الأولويات وتجاوز كل الاعتبارات الضيقة”.

وأكدت الرسالة الملكية أن “المغاربة لا يريدون مؤسسات جهوية حبرا على ورق، وإنما يتطلعون إلى جهات فاعلة، تتجاوب مع انشغالاتهم الملحّة وتسهم في تحسين معيشهم اليومي”.

وارتباطا بموضوع التمويلات، نبه الملك إلى “محدودية الإمكانات المالية للدولة ككل. ومن تم، فإن الجماعات الترابية مطالبة بوضع برامج تنموية وبرامج عمل تراعي هذه الإكراهات، وخاصة من خلال السهر على تدبير مواردها المالية بكل نجاعة وفعالية، وتسخيرها للاستثمار الموفر للتشغيل المنتج ولصالح الحاجيات الحقيقية والملحة للساكنة”.

وانتقد الملك  تقصير المنتخبين في ابتكار حلول محلية تتلاءم مع مشاكل الشباب، مؤكدا أن مبادرات الجهات بهذا الخصوص “ظلت دون طموحنا، فضلا عن كونها لا تستجيب لتطلعات الفئات المعنية”.

وجدد التأكيد على “الطابع الأولوي غير القابل للتأجيل لهذا الموضوع”، مشددا بالخصوص، على “العمل، وفق منهجية تشاركية، لبلورة خطط وبرامج جهوية لإدماج الشباب، مع مراعاة التكامل والانسجام مع الإستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب، ومع برامج التنمية الجهوية”.

 

بنشماش و المرصد البرلماني

 كانت أهم مبادرة تم الإعلان عنها في الملتقى البرلماني الثالث للجهات هي مبادرة رئيس مجلس المستشارين، حكيم بنشماش، الداعية إلى إحداث مرصد برلماني للجهوية المتقدمة يعهد إليه بتتبع ورصد مستويات التقدم المحرَز في شتى المجالات ذات الصلة، وإعداد تقارير دورية ترصيدا للترسانة الفكرية الداعمة للجهوية المتقدمة.

إلى ذلك، شدد رئيس مجلس المستشارين، على ضرورة الانتقال إلى السرعة القصوى في تفعيل ورش الجهوية المتقدمة، التزاما بمضامين الرسالة الملكية الموجهة إلى الملتقى البرلماني الثاني للجهات، التي أكدت على “أن المرحلة المقبلة ستكون حتما هي بلوغ السرعة القصوى، من أجل التجسيد الفعلي والناجع لهذا التحول التاريخي”

وفي هذا الصدد، دعا بنشماش إلى تسريع وتيرة إصدار النصوص التطبيقية اللازمة لتفعيل جميع مبادىء ومقتضيات ميثاق اللاتمركز الإداري، وتتبع الحكومة عن كثب لجهود الإدارات المركزية لتفعيل مقتضياته الأساسية المتمثّلة في نقل أكبر عدد من المهام لممثليها على المستوى الجهوي وتوسيع صلاحياتهم التقريرية والإمكانيات المادية والبشرية الموضوعة رهن إشارتهم، مع الحرص على إشراك الجماعات الترابية، وبصفة خاصة المجالس الجهوية، في عملية تحديد شروط وكيفيات التفعيل التدريجي لميثاق اللاتمركز الإداري، بدء بالإعداد المشترك لخارطة طريق وأجندة تنزيله.

 بوعياش..الأولوية لملاءمة التشريعات

أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش،  أن مواصلة ملاءمة التشريعات الوطنية مع أهداف التنمية المستدامة، عملية مستعجلة بما يعزز تفعيل الجهوية المتقدمة.

وقالت بوعياش، التي تشارك في أول نشاط رسمي لها بعد تعيينها في منصبها الجديد خلفا لإدريس اليزمي، إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، من منطلق انخراط المغرب في العديد من الآليات الدولية، لا سيما العهد الدولي للحقوق للاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الذي يؤطر معظم الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة، يعطي الأولوية لملاءمة التشريعات الوطنية مع التزامات المغرب الدولية، مشيرة إلى أن المجلس قدم آراء ومذكرات حول العديد من مشاريع القوانين.

وكشفت أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أصدر، بناء على ذلك، إلى حدود شهر دجنبر 2017، ثمان مذكرات، تهم خمسة منها مواضيع ذات صلة بأهداف التنمية من زوايا مختلفة.

بودرا.. الجهات و ممارسة لاختصاصات

شدد رئيس الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات محمد بودرا، على أهمية الإحاطة بالقضايا التي تهم مسار ورش الجهوية المتقدمة، التي يوفرها الملتقى البرلماني للجهات، على نحو منتظم ودوري، متسائلا

عن مدى استجابة القوانين التنظيمية للجهة وللجماعات الترابية الأخرى، لكل الانشغالات والإنتظارات المعبر عنها من أجل تعميق الديمقراطية وتوسيع دور الجماعات الترابية في تحقيق التنمية، وتطوير آليات المشاركة في الشأن المحلي، وتنزيل مبادئ وقواعد الحكامة الجيدة المنصوص عليها في الدستور.

وقال بودرا إن الاختصاصات المخولة للجهات تمنحها سلطة مهمة في المجالات الأساسية داخل دائرتها الترابية، إلا أن ممارستها رهينة بتوفير الموارد المالية والبشرية اللازمة. ذلك، أن الموارد المالية كما تعلمون، تعتبر حجر الزاوية في نظام اللامركزية الإدارية، وشرطا أساسيا لنجاح أي تجربة ديمقراطية محلية بشكل عام.

وأضاف أن  استمرار الجماعة الترابية في القيام بمهمتها على أحسن وجه، مشروط بتمكينها من الوسائل اللازمة لتحقيق مهامها وأهدافها، انسجاما مع الإرادة الملكية السامية المعبر عنها في عدد من  المناسبات، لاسيما الرسالة السامية التي وجهها الملك محمد السادس إلى المشاركين في المؤتمر الرابع لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية المنعقد بالرباط في أكتوبر 2013 ، عندما قال جلالته : “ووعيا منا بجسامة المسؤولية الملقاة على مختلف المسؤولين والفاعلين الجهويين والمحليين في مجال التأسيس لحكامة جيدة إقتصادية واجتماعية وتنموية على المستوى الترابي، ما فتئنا نحث الدولة على مدهم بالآليات القانونية والوسائل المالية والبشرية الضرورية حتى يتمكنوا من الاضطلاع الأمثل بالمسؤوليات المنوطة بهم في مجال التنمية، وتدعيم خدمات القرب التي أصبحت اليوم مطالب ملحة، يتعين الاستجابة الملائمة لها، وإدراجها في صلب اهتمامات السياسات العمومية المحلية”.

 أبرز توصيات.. صوت الجهات

أوصى الملتقى البرلماني الثالث للجهات بضرورة تسريع وتيرة تفعيل الإصلاح الجهوي بما يتلاءم مع تطلعات المغرب وساكنته في إرساء دعائم الجهوية المتقدمة.

وثمّن المشاركون في الملتقى مبادرة رئيس المجلس، حكيم بنشماش، بالدعوة إلى إحداث مرصد برلماني للجهات، مطالبين بوضع اللبنات الأساسية لهذا المرصد.

وطالب المشاركون في الملتقى بمواصلة المشاورات بشأن ميثاق الاختصاصات وتحديد مسؤوليات الدولة والجهات، مشدّدين على ضرورة إضفاء الطابع القانوني على مضمون ميثاق تفعيل الاختصاصات. ومطالبين بوضع إطار تنظيمي يحدد كيفية ممارسة الاختصاصات المشتركة.

كما طالب المشاركون في الملتقى بضرورة تسريع إخراج النصوص التطبيقية ذات الصلة باللاتمركز الإداري وتوسيع الصلاحيات المخولة للجهات، وكذا بالعمل على رفع قدرات الهيآت الاستشارية، وضرورة نهج الدولة سياسة إرادية في مجال إعادة انتشار الموارد البشرية المتاحة لديها بما يضمن النجاعة والفعالية في الأداء.

 

……………………………………………………………………………..

كلمات مفتاحية

#الملتقى_البرلماني_ الثالث_للجهات  #مجلس_المستشارين #حكيم_بنشماش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *