الرباط: أشرف الحاج
منذ ليلة أمس ووسائل الإعلام الإسبانية الإلكترونية تتناقل خبرا مفاده أن الرئيس الإسباني بيدرو سانشيز دفع ثمنا باهظا مقابل لقاء مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في ممر)كولوار(، لم يدم إلا 29 ثانية.
ثمن لم يقتصر فقط على تراجع شعبيته، أويختزل في خسارة الهالة التي كانت تعطيها البروبكندا لقيمة مملكة إسبانيا على عهد حكومة المراهقين الاشتراكيين، بقدر ما قد تكون قد إمتدت إلى كلفة مالية باهظة الثمن من خزينة شبه الجزيرة الإيبرية.
قبل لقاء سانشيز وبايدن في “الكولوار”، والذي دام 30 ثانية، وسط سخرية وسخط ارمين من قبل الصحافة والرأي العام في إسبانيا، عكس ما كان يروج له في نهاية الأسبوع الماضي، من أن اللقاء سيكون خاصا ولوقت أطول، كانت حكومة مدريد قد رصدت نحو 6,3 مليون دولار لدعم مشروع تم التعهد به لفائدة منظمة تحظى بدعم جناح مؤثر في محيط الرئيس الأمريكي جوو بايدن.
6,3 مليون دولار
وفي هذا الإطار نقل موقعا “أوكدياريو” و”بيريودي سطا” أن الرئيس الإسباني سانشيز حصل على تلك الثواني المعدودة ماشيا مع بايدن، والتي كان يحسبها “لقاء من ذهب”، ربما مقابل مبلغ مالي تعهد الرئيس الإسباني بتحويله كهبة لمؤسسة ” نظام أمريكا الوسطى للإدماج” ( SICA)، لمساعدة تلك الجهة الأمريكية.
وأوردت تلك المصادر أن هذا المشروع وضع في أبريل الماضي من أجل المساهمة بـ 310 مليون دولار لمواجهة المشاكل التي تعاني منها تلك المنطقة وعلى رأسها الفقر.
وأوضحت المصادر نفسها أن سانشيز، مستعد لكل التنازلات من اجل التقرب من صناع القرار في محيط بايدن ودول الناتو، دون تقدير إلى ما يعانيه بلده من تداعيات أزمة الصحية العالمية، ومن مشاكل عديدة.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر إسبانية لـ Le12.ma أن حكومة مدريد عرضت على هامش لقاء “الممر” بين سانتشيز وبايدن أمس في بروكسيل، احتضان اجتماع حلف الشمال الأطلسي الناتو المزمع تنظيمه سنة 2022، وهو الاجتماع الذي رفضت جميع الدول احتضانه، والذي يكلف 30 مليون أورو.
مدريد و عضوية الرباط
ويرى مراقبون، أن الغايات الخفية من وراء تعبير مدريد عن إستعدادها لإحتضان الإجتماع المقبل لحلف الشمال الأطلسي الناتو، ليس التودد إلى واشنطن، أو كسب ود الدول الأعضاء فقط، ولكن من أجل الضغط في إتجاه التصدي لمشروع تعديل البند العاشر من المعاهدة المؤسسة للحلف عام 1949، بما يرفع قيود انضمام دول من خارج أوروبا إلى معاهدة الدفاع المشترك “الناتو”، حيث يحظى المغرب والبرازيل، إلى جانب كولومبيا وأستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، بحظوظ كبرى لعضوية الحلف، أو إكتساب صفة “حليف كبير”.
وفي هذا الصدد يؤكد الباحث في الشؤون الإستراتجية، نجيب الأضادي، “إذا كانت إسبانيا استغلت فرصة تواجدها في إجتماع زعماء دول حلف شمال الأطلسي “ناتو” المنعقدة في مقر الحلف بالعاصمة البلجيكية بروكسيل، لتمرر رسائل لحلفائها وأيضا محاولتها استمالة الإدارة الأمريكية من أجل معاكسة مصالح المغرب خاصة ملف وحدتنا الترابية، فلتعلم الجارة الشمالية أن المغرب سبق له أن قاد عدة مباحثات مع حلف الناتو، كان آخرها زيارة “هانس ويرنير فييرمان” رئيس الحلف للرباط من أجل تعزيز الشراكة والتعاون في المجال العسكري والإستراتيجي”.
وتابع الباحث، :”في مناسبات عديدة لا يخفي الناتو، رغبته الأكيدة لتسهيل كل السبل للمملكة من أجل الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، سيما تعديل البند العاشر من المعاهدة المؤسسة للحلف لسنة 1949، خاصة بعدما أقدم المغرب على تعزيز المنظومة الدفاعية للقوات المسلحة الملكية المغربية بتكنولوجية جد متطورة “.
يوم تصدت فرنسا للبرازيل
يذكر أن فرنسا، كانت قد ردت في مارس من عام 2019، على اقتراح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ضم البرازيل إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، مشيرة إلى أن معاهدة الحلف لا تتيح انضمام دول جديدة غير أوروبية.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية، أنياس فون دير موهل، إن “حلف الأطلسي هو تحالف أمم ترتبط ببند دفاع مشترك، تحدد معاهدة واشنطن في 4 أبريل 1949 بشكل دقيق، مجال تطبيقه الجغرافي”، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.
ولا يتيح البند العاشر من المعاهدة المؤسسة للحلف الأطلسي، أن ينضم إليه سوى أعضاء من أوروبا. أما في حالة دولة غير أوروبية، فيتطلب الأمر إجراء تعديل معقد للمعاهدة.
وكان ترامب قد أشار وقتها، إلى أنه يدعم انضمام البرازيل إلى الحلف الأطلسي، وذلك لدى استقباله نظيره البرازيلي جاير بولسونارو.
وقال: “أنوي منح البرازيل وضع الحليف الكبير من خارج الحلف الأطلسي، أو حتى ربما أن تصبح حليفا (عضوا) في الأطلسي”.
ويضم حلف شمال الأطلسي، الدول المؤسسة وهي 12 دولة (الولايات المتحدة وبلجيكا وكندا والدنمارك وفرنسا والمملكة المتحدة وأيسلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ والنرويج وهولندا والبرتغال)، وانضمت إليهم سبع دول هي اليونان وتركيا وألمانيا وإسبانيا وبولندا والمجر وتشيكيا.
وفي مارس 2004، انضمت موجة ثانية من 7 دول من شرق أوروبا، هي ليتوانيا وأستونيا ولاتفيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وبلغاريا ورومانيا، وتلتها عام 2010، ألبانيا وكرواتيا، أما آخر المنضمين فكانت مونتينيغرو.
الناتو وأمريكا في الصحراء
وتتوسج إسبانيا من التقارب المغرب مع حلف الناتو، الذي يشارك إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، في مناورات الأسد الأفريقي الجاري اليوم في الصحراء المغربية ومناطق أخرى في وسط وشمال المملكة المغربية، وهي المناورات التي أسقطت مدريد من قائمة الدول المشاركة فيها، عشية إندلاع أزمتها مع الرباط، على خلفية تورط حكومة سانشيز في التستر على مجرم حرب مطلوب لدى القضاء الإسباني يدعى إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو.
وإنطلقت التدريبات المغربية الأمريكية المشتركة “الأسد الإفريقي 2021″، الإثنين وستتواصل حتى 18 يونيو الجاري، وتُجرى في مناطق أكادير وطانطان وتافراوت (وسط)، وتيفنيت وبن جرير والقنيطرة (شمال)، بالإضافة إلى منطقة المحبس (الصحراء).
ويشارك في النسخة الـ17 من التدريبات، الآلاف من عناصر جيوش متعددة الجنسيات وعدد كبير جدا من المعدات البرية والجوية والبحرية.
وبجانب المغرب والولايات المتحدة، يشارك في التدريبات كل من بريطانيا والبرازيل وكندا وتونس والسنغال وهولندا وإيطاليا، وفق الجيش المغربي، في بيان السبت.
كما يشارك فيها حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومراقبون عسكريون من نحو 30 دولة تمثل قارات إفريقيا وأوروبا وأمريكا، وهو ما أربك حسابات مدريد، وكرس تفرد المغرب في تحديث مختلف ألويته العسكرية، على نحو يكاد لا يختلف كثيرا عن جيوش الدول العظمى.