أشرف الحاج

بقبعته الفيكتورية، وسحنته “الكوشية” ينتصب “طلحة جبريل”، كأنه “جبريل” الوحي، في حديقة أو في ساحة بالهواء الطلق، مستحوذا على عقول طلبته، المتعطشين، للنهل من بحر علومه وخبرته في مجال الصحافة، آخذا بأيديهم في دروب وعوالم “صاحبة الجلالة”، من الهرم المقلوب في تحرير الخبر،  مرورا بتقنيات الربورتاج، الى التحقيق، فباقي الأجناس الأخرى.

وكتب “طارق جبريل”، شقيق الكاتب والصحفي “طلحة جبريل” في تدوينة على صفحته بالفيسبوك “ما بين كازابلانكا وبني ملال ومكناس وفاس اعتاد طلحة جبريل، أن يلقي دروسه على طلبته في كليات الإعلام المختلفة في الشارع.. «كيف تكتب تحقيقا مباشرة من عين المكان» التجربة كانت جديدة وممتعة للطلبة وللمارة… قلت له إن الأمر مرهق جدا.. قال إن لي دينا في عنقي تجاه المغاربة لا بد أن أؤديه.

هو إذن دين في رقبة “طلحة جبريل”، وحنين منه، الى “أيام الرباط الأولى”، والى زمن التدريس في معهد الصحافة بالدار البيضاء.

ويتحدث طلحة جبريل، عن دروسه التي يلقيها في الشارع، كما لو أنه شاعر يلقي قصيدة شعرية، أو فنان تشكيلي إنتهى لتوه من رسم لوحته، فوقف مشدوها إليها، يتأملها باعجاب،.. وكذلك يقول طلحة : “درس في مقهى“ريك” …“كازبلانكا” في“المدينة القديمة” عشنا تلك الظهيرة لحظات تزاوج بين الفن والحب والأحلام والتاريخ . لحظات مفعمة بالدهشة. لم نكن في هوليوود، بل في “المدينة القديمة”. كنا في “كازابلانكا”. كان درس من “دروس الشارع” لطلابي في الدارالبيضاء. اقترحت أن يكون عن “مقهى ريك”. يا له من مقهى.

وعن درسه الشوارعي، في مدينة بني ملال، كتب قائلا او لعله كتب “ناظما” : ” في بني ملال هذه مدينة تستيقظ وتتركك نائماً، تنام فتغافلك وتستيقظ .بني ملال مدينة ترضع من ضوء القمر، تتدثر في الشتاء بثلوج ناصعة البياض، تتمدد في الصيف وتغفو تحت شجرة زيتون وارفة الظلال.عندما يحنو القمر يبدو بدراً مكتملاً، وفتيات المدينة هي بدور طوال السنة.النجوم والسماء الصافية ترج الخيال رجاً، وناس بني ملال شباباً وشابات، نساء ورجال، فيهم الكثير من الصفاء.تقول بني ملال، تقول التمازج الجميل بين فسيفساء القبائل، إذ هي مدينة تفيض جمالاً وبهاءً وعراقة، الطبيعة تتحول إلى لوحات، والناس تطفح بالبشر.

تقول بني ملال، هي البروليتاريا الرثة، وحياة صعبة.

وفي حديقة “أغورا” وسط مكناس حيث يلتقي العشاق ، كان “درس الشارع ” مع طالباتي وطلابي. هكذا تحدث صاحب كتاب “صحافة تأكل أبناءها”، الذي يبدو أنه قرر أخيرا، إظهار الوجه الآخر للصحافة التي تحتضن أبناءها من المهد..عوضا عن أكلهم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *