تقي الدين تاجي

يواصل حزب العدالة والتنمية، وبشكل شبه يومي، نشر بلاغات ومقالات، عبر موقعه الرسمي، يتحدث فيها عما أسماه، بالتضييق والاستهداف. آخرها افتتاحية، نشرها الحزب اليوم، تحمل عنوان :  ”  لماذا يتم التضييق على منتخبي العدالة والتنمية؟”، والتي تأتي مباشرة بعد بيان عممه الحزب يوم أمس، انتقد من خلاله  ما وصفه بـ “الاستهداف والتضييق على مناضلي الحزب، والمتعاطفين معه  في بعض المواقع، سواء في علاقة بالتَّرَشح باسم الحزب، أو من خلال بعض المتابعات الانتقائية لبعض مدبري الشأن الجماعي”.

ينضاف الى كل هذا، بلاغ سابق يحمل تاريخ 02 يونيو الجاري “دعا من خلاله حزب المصباح “إلى إيقاف بعض المتابعات التي تستهدف المنتخبين بناء على شكايات وصفتها بالكيدية خلال مرحلة ما قبل الاستحقاقات الانتخابية تحاشيا لشبهة التمييز والاستهداف الانتخابي لطرف على حساب آخر.”

وهكذا ففي ظرف اقل من أسبوعين، قام حزب البجيدي بإثارة موضوع المضايقات، بشكل استسهالي،  وهو ما يعتبر رسالة سلبية، يوجهها البجيدي، الى  الرأي العام الدولي، الذي يتابع  ما يجري في البلاد، في ظرفية حساسة يصارع فيها المغرب على أكثر من واجهة، وبشكل يعطي الانطباع، وكأن هناك إرادة من الدوائر الرسمية في البلاد،  على اصابة الديمقراطية في مقتل،  وبالأخص حينما تصدر مثل هاته الاتهامات الغريبة من حزب يقود الحكومة.

وضمن الافتتاحية المذكورة، كتب الحزب جوابا على سؤالها/عنوانها : “سؤال مشروع يطرحه العديد من المتتبعين للشأن السياسي بالمغرب، جراء ما يتعرض له مناضلو الحزب ومتعاطفوه في بعض المواقع من استهداف، وتضييق سواء في علاقة بالتَّرَشح باسم الحزب، أو من خلال بعض المتابعات الانتقائية لبعض مدبري الشأن الجماعي، في وقت نقف فيه على مرمى حجر من الانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية، شهر شتنبر المقبل، فضلا عن ظهور مؤشرات واضحة لاستهداف منتخبي العدالة والتنمية دون سواهم، من خلال هذا التضييق.”

وأضاف كاتبو الافتتاحية “وعلى مستوى تنظيم دورات الجماعات الترابية، عرفت العديد من الجماعات التي يرأسها حزب العدالة والتنمية، ممارسات مشينة، عرقلت السير العادي لهذه الدورات، بل وصل الأمر ببعض المنتخبين وبعض الفرق إلى اتخاذ “السب والقذف والبلطجة” شعارا لهم في جميع دورات الجماعات الترابية، ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر ما وقع في دورات جماعة الرباط وما عرفته جهة درعة تافيلالت من عرقلة، في ضرب لكل القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية والتي جاءت لعقلنة عمل المجالس المنتخبة، لاسيما ما يرتبط بتواريخ عقد الجلسات، وتحديد المدة الزمنية لكل جلسة، إلى جانب اعتماد العمل بالفرق داخل المجالس الجماعية.”

ويبدو أن حزب البجيدي يجد نفسه، في المرحلة الحالية، مضطرا الى مفاقمة سردية المظلومية، لتبرير الكثير من الأخطاء والقرارت القاتلة التي  اتخذها، طيلة عشر سنوات من تدبيره الفاشل للحكومة.

وإذا كانت الديمقراطية التي جاء بها دستور 2011، قد أوصلتهم إلى الحكم، فإنها أيضا كشفت للجميع، بأنهم بشر مثل باقي البشر، بعيدا عن تلك الصورة التي حاولوا دائما، ترسيخها في ذهنية المغاربة، والمتعلقة بطهرانية مفترضة، يمتلكها أعضاء هذا الحزب. 

لقد استدرجتهم الديمقراطية إلى ملعب الواقع، لتنكشف  ممارساتهم الحقيقية، في مقابل تواري شعارات الطهارة، ونظافة الذمة،  والأيادي البيضاء، وغيرها من الصفات الملائكية، لينكشف أمام الجميع، أن “اخوة بنكيران والعثماني” لا يختلفون عن غيرهم من السياسيين، منهم الانتهازي، والجشع، ومنهم الفاسدون، ولصوص المال العام، مثلما يوجد بينهم الصالح والنظيف أيضا.

وبالتالي، لم يبق أمامهم الآن، سوى التوسل ببكائيتهم المعهودة، أملا في ترتيق وترقيع ما يمكن ترقيعه، من غشاء بكارة تهتك أيما تهتك، على مدى عقد من الزمن، أمضاه أعضاء هذا الحزب، “عازفين” عن  الاصلاح، في مقابل عزفهم على دغدغة العواطف، وخلق جو من التراجيديا السياسية، والتصعيد البكائي، كلما اقتربت الاستحقاقات الانتخابية ، طمعا في تمديد تواجدهم داخل دواليب السلطة لأطول فترة ممكنة.

ولقد أثبت رفض حزب المصباح لقرار المحكمة الدستورية، بشأن القاسم الانتخابي،  ادعاءات من يقول بأن الإسلاميين والديمقراطية توليفة مستحيلة، بالنظر الى اعتبارهم الديمقراطية، مجرد مطية للوصول الى الحكم، يقبلون بها ما دامت نتائجها في صالحهم، ويرفضونها متوسلين بخطاب المظلومية، إذا أحسوا بها تنزع عن وجوههم أقنعة الطهرانية الكاذبة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *