جواد مكرم
يبدو أن مدينة الدار البيضاء، التي يصفها البعض مغالطةً بالمدينة الذكية، تبدو أنها فعلا تستحق أن تكون ذكية لكن ليس بعمودية غبية، لأنه لا يمكن أن يكون “بيضاوة” يغرقون في الشتاء وسط أمواج مياه الفيضانات، وفي الصيف وسط ركام من الأزبال والنفايات في مختلف شوارع وأزقة المقاطعات.
على بعد أشهر من الانتخابات، إختفى كل شيء في الدار البيضاء كمدينة “نظيفة” كما روج لذلك قبل أشهر، مجلس المدينة برئاسة العمدة الضاحك على ذقون بيضاوة طبعا، وصارت شوارع مدينة توصف إختصارا بـ”البيضاء”، إلى ما يشبه قرية كبيرة تعلوها “التوين” ويغزوها سواد النفايات والأزبال.
يبدو أن العمدة العماري، وإخوانه، “ما بقاوش معمرين المجلس”، وأنهم توجهوا ربما إلى “تعمار الشوارج”، في دوائرهم، إستعدادا للإنتخابات القادمة، وترك التدبير “لمقود” عفوا المفوض يفعل “فعايلو” في بيضاوي، جراء الفشل في محاصرة أزمة غرق المدينة وسط أكوام من النفايات والأزبال.. هل هذا ما يستهل المواطن البيضاوي منكم أيها المجلس الحضري والبلدي و العماري وماتشاؤون؟.
قبل أشهر نشر الموقع الرسمي لحزب البييجيدي، ومواقع التواصل الإجتماعي التابعة له، مقالا طويلا بدون توقيع، تحت عنوان” الدار البيضاء.. تكسب رهان مدينة نظيفة”، وإن كان الأسلوب التطبيلي الذي صيغ به المقال، يوحي بتحريره ربما من قبل اللحيا، ..يتحدث من خلاله على شركة تدبير النفايات ورصد غلاف مالي جديد لدعم نظافة المدينة، وزيد وزيد من الكلام السنطيحي الذي يفضح شعاراته المذغذغة للمشاعر، غرق المدينة في الأزبال..
وحتى تعرفوا الحقائق الضائعة التي فضحها الواقع نعيد نشر المقال المجهول التوقيع الذي “هز البندير” لتبشير عمدة المدينة البيجداوي، عبد العزيز العماري، بمدينة نظيفة، قبل أن يؤكد الواقع، أنه ” كيضرب فيه مثقوب”.
إليكم المقال التطبيلي
شكل قطاع النظافة وجمع ونقل النفايات المنزلية وما شابهها بمدينة الدار البيضاء، خلال السنوات الماضية، أحد الاهتمامات الكبرى للقائمين على تدبير شؤون العاصمة الاقتصادية للمملكة، لما لهذا القطاع من أهمية قصوى في حياة المواطنين، وانعكاساته على صحتهم وسلامتهم، فضلا عن جودة عيشهم في بيئة نظيفة.
وحيث إنه لم يكن لمدينة الدار البيضاء أن تخوض رهان تدبير قطاع النظافة وجمع ونقل النفايات المنزلية وما شابهها، بدون مجلس جماعي يضع خدمة المواطنين ونظافة المدينة على رأس الأولويات، وانطلاقا من ذلك عمل المجلس على كسب هذا الرهان من خلال مجموعة من الإجراءات الجريئة.
جيل جديد من دفتر التحملات
في هذا الصدد، بذل مجلس جماعة الدار البيضاء، بالتعاون التام والمتواصل والفعال مع وزارة الداخلية، مجهودات كبيرة في هذا الإطار منذ سنة 2015، تمثلت من جهة في تدبير موضوع فك الارتباط مع الشركات المفوض لها سابقا، كما تجسدت من جهة ثانية في اعتماد منهجية متطورة لتدبير المرحلة الموالية تتمثل في إعداد جيل جديد من دفاتر التحملات على أساس مرجعيات تتوزع بين ما هو علمي وما هو استثمار الخبرة التي راكمتها الجماعة مع شركة التنمية المحلية التي كانت منتدبة لتتبع عقد التدبير المفوض السابق (شركة الدار البيضاء للخدمات).
كما تم اعتماد منهجية تشاركية واسعة في سبيل ذلك، تمثلت في إشراك كافة المتدخلين من سلطات وقطاعات حكومية ومنتخبين وجمعيات المجتمع المدني، بل وتنظيم منتدى خاص بذلك شارك فيه العديد من الخبراء والجمعيات الفاعلة في المجال، فضلا عن ممثلي مختلف القطاعات الحكومية المعنية، مما أثمر دفتر التحملات الجديد الخاص بتدبير قطاع النظافة بالعاصمة الاقتصادية للمملكة.
وأسفرت هذه الجهود عن فسخ العقـود مع المفوض لهم السابقين، وتدبير القطاع خـلال المرحلة الانتقالية بدون كلفة إضافية بدعم تام من وزارة الداخلية، وصولا إلى إعداد دفاتر التحملات الجديدة وفق منهجية تشاركية واسعة والتأسيس لجيل جديد من الخدمات فـي هـذا المجال، منذ سنة 2018، وإحداث شركة التنمية المحلية “الدار البيضاء بيئة” في السنة ذاتها.
وبذلك صار تأمين خدمة النظافة وجمع النفايات المنزلية في أكبر مدينة بالمغرب، يتم من طرف شركتين، هما أرما ARMA Derichebourg Casablanca سابقا و Averda البيئية، حيث تختص الشركتين المفوض لهما تدبير هذا المرفق الحيوي بعدد من القطاعات؛ حيث يمثل كل قطاع واحدة من عمالات المقاطعات الثمانية بالمدينة.
وهكذا فقد تولت شركة أرما ARMA مسؤولية جمع ونقل النفايات في قطاع عمالة مقاطعات أنفا (مقاطعات: أنفا وسيدي بليوط، والمعاريف)، وقطاع عمالة مقاطعات الفداء-مرس السلطان (مقاطعتي: الفدا، ومرس السلطان)، وقطاع عمالة مقاطعات مولاي رشيد ( مقاطعتي: مولاي رشيد وسيدي عثمان)، و قطاع عمالة مقاطعات بنمسيك (مقاطعتي:بن مسيك، وسباتة)، في حين تتولى شركة Averda القيام بهذه الخدمة بقطاع عمالة مقاطعات عين السبع الحي المحمدي (مقاطعات عين السبع، والحي المحمدي، والصخور السوداء) إضافة إلى قطاع عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي (مقاطعتي: سيدي مومن، وسيدي البرنوصي) وكذا قطاع عمالة مقاطعة عين الشق، وقطاع عمالة مقاطعة الحي الحسني، حيث تم تخصيص كل قطاع بعقد خاص به.
وتنطوي دفاتر التحملات والعقود الجديدة لمرفق النظافة بالمدينة جملة من الشروط الهامة من قبيل إلزامية النتائج وجمع النفايات بالليل تفاديا للمشاكل التي تترتب عن جمعها طيلة اليوم (تسبب الشاحنات في مزيد من صعوبات السير والجولان/ تلوث أكثر/ حوادث سير….) إضافة إلى مقتضيات جديدة أخرى ترمي بشكل أساسي تحقيق جمع جيد للنفايات المنزلية وغيرها من النفايات، وتوفير فضاء لاستقبال ومعالجة النفايات.
وتخضع هذه العملية للرصد والمراقبة الإلكترونية، وهو ما يمكن من تتبع أسطول شاحنات ومعدات تجميع النفايات، والتحكم فيه بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في الوقت الحقيقي، إضافة إلى ذلك تم تجهيز الحاويات بشرائح تحديد الموقع الجغرافي لتجنب الاختلالات وعدم المطابقة والسرقات، كما يتم توجيه مختلف تدخلات مستخدمي وعمال الشركتين باستخدام تطبيق تقييم النظافة (ACP)لنقل المعلومات والتقارير عن حالات الاختلالات إلى المراقبين في الشركتين وفي المدينة.
رصد اعتمادات مالية ضخمة
على صعيد آخر، ونظرا لأن تكريس شروط دقيقة كفيلة بمعالجة إشكالية النظافة بمدينة من حجم وأهمية الدار البيضاء، فإن الأمر تطلب من جماعة الدار البيضاء رصد اعتمادات مالية ضخمة تقدر بـ 893 مليون درهم سنويا، بموجب مجموع عقود التدبير المفوض بمجموع القطاعات، والموقعة في 25 يونيو 2019، والتي تشمل في جانب منها تمويل أسطول من الشاحنات يبلغ 373، وأسطول حاويات الأزبال البالغ 35 ألف و700 حاوية، وحوالي 6000 عامل نظافة.
وقد أقرت جماعة الدار البيضاء اعتمادات مالية إضافية قدرها 230 مليون درهم سنويا، وعهدت إلى شركة التنمية المحلية “الدار البيضاء بيئة “بالسهر على تتبع تنفيذ عقود التدبير المفوض المشار إليها ومراقبة مدى التزام الشركات المفوض لها بتوفير الخدمات المطلوبة والمتعلقة بالنظافة بالمدينة.
وتجدر الإشارة إلى أن، هذه الجهود المالية واللوجستية ترتبط بتوفير خدمات تتعلق بشكل أساسي بجمع ونقل 4000 طن من النفايات يوميا، وذلك على مسافة 26 ألف و200 كلم يتم قطعها يوميا بتراب المدينة، ومعالجة 20 ألف و800 حاوية يوميا.
ونظرا للكمية الكبيرة للنفايات كان على جماعة الدار البيضاء، أن تبذل جهودا تقنية وتنظيمية وبشرية كبيرة، بالإضافة إلى الجهود المالية السابقة الذكر، الأمر الذي أثمر تحولا إيجابيا حقيقيا وواضحا في واقع النظافة بالمدينة مقارنة مع ما كان الأمر عليه من قبل.
مقال / تقرير نشر بموقع البيجيدي الرسمي بتاريخ08 شتنير 2020، مرفق بصورة للعمدة عبد العزيز العماري، تحت عنوان:” الدار البيضاء تكسب رهان مدنية نظيفة”.. لكن الحقيقة تأبى النكران، بما يؤكد كما يشهد بذلك بيضاوة اليوم، أن ” الدار البيضاء تكسب رهان مدينة تغرق في الأزبال”..
صديقوني بيضاوة ماشي وجه الزبل.
وكازا ماشي قرية تعلوها التوين.
عيطو على العمدة.
البيضاوي يستاهل الأفضل