عبدو المراكشي
يستحضر المناضلون الاتحاديون الذكرى الثالثة والأربعين لاغتيال عمر بن جلون، في ظل “انبعاث تنظيمي وسياسي من شأنه فتح آفاق واعدة أمام القوات الشعبية لتجاوز كبوات السنوات الماضية ولاستعادة الأمل والثقة في أفق تحقيق مزيد من المكتسبات على درب إستراتيجية النضال الديمقراطي، التي كان الشهيد عمر بن جلون أحد مهندسيها اللامعين”، بحسب ما جاء في بلاغ للحزب بالمناسبة.
وإذا كان اتحاديون يُحْيون ذكرى الشهيد بتجديدهم الوفاء لوصيته: لا تنازل على القضية، استحضر آخرون، بغير قليل من الامتعاض، ما كان قد صرّح به بنكيران خلال محاكمة “جماعته” حينذاك بتهمة القتل.
وكان بنكيران قد قال حينذاك “أمِن أجل كلب أجربَ يحاكَم خيرة شبابنا؟”…(وحشا لله ان ينسحب هذا الوصف على عريس الشهداء).
في هذا السياق كتب الخبير الإعلامي يحيى اليحياوي “تحل، اليوم، ذكرى اغتيال عمر بنجلون، رحمه الله… يجب أن نقف… أود أن أعترف، في ما يخصني، بأن للرجل منزلة خاصة في نفسي… أولا، لأنه خريج نفس المدرسة التي تخرجت منها… المدرسة الوطنية العليا للبريد والاتصالات بباريس… هو في دفعة من دفعات نهاية الستينيات… وأنا في دفعة من دفعات نهاية الثمانينيات”.
وتابع اليحياوي “لأن لعمر بنجلون قوة قيادية قل نظيرها، في السياسة وفي الإعلام وفي التدبير، تأتّت له مجتمعة بفضل الكاريزما الاستثنائية التي كان يتميز بها”، مضيفا “ثالثا، لأن الرجل اغتيل وهو في عز الشباب… في عز العطاء… اغتالته إحدى الفصائل الإسلامية المتشددة ظلما وعدوانا… وبدم بارد”…
وختم اليحياوي “عندما كان الجناة يحاكمون خرج بنكيران وقال: أمِن أجل كلب أجربَ يحاكَم خيرة شبابنا؟”… أراد أن ينفي التهمة فإذا به يثبتها على من قتل، ولربما على نفسه أيضا”…
وولد بنجلون، ويعد واحدة من أبرز الشخصيات السياسية والنقابية في تاريخ اليسار في المغرب، في 26 نونبر 1936 في قرية ضواحي جرادة، وكان والده عاملا في مناجم منطقة “تويسيت”.
وبعد أن أنهى دراسته الابتدائية والإعدادية في مسقط رأسه، تنقّل إلى وجدة لإتمام دراسته الثانوية، ثم إلى الرباط لاستكمال دراسته في تخصص القانون في كلية الحقوق. وانتهت رحلة طلب العلم بعمر بنجلون إلى العاصمة الفرنسية حيث واصل دراسته العليا، مزاوجا فيها بين القانون والتكوين في المدرسة العليا للبريد والمواصلات.
ترأس بنجلون وهو في باريس جمعية “الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا”، ما بين 1959 و1960، قبل أن ينتخب، في 1962، عضوا في اللجنة الإدارية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، لكنه سرعان ما اعتقل (1963).
شغل بنجلون، الذي عُرف عنه دفاعه عن المعتقلين السياسيين، منصب إدارة صحيفة “المحرر”، التي كانت، آنذاك لسان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وصدر في حقه حكم بالإعدام في مارس 1964، قبل أن يستفيد من العفو سنة بعد ذلك، ثم اعتقل مجددا.
وتعرّض عمر بنجلون، رفقة محمد اليازغي، لمحاولة اغتيال أولى في 1973، ثم اعتقل من جديد على خلفية صلة مفترَضة بالعمل المسلح، ولم يفرج عنه إلا في غشت 1974.
انتخب بنجلون (في يناير 1975) عضوا في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهي السنة، التي اغتيل فيها، إذ نفذت عملية اغتياله في 18 دجنبر من السنة نفسها، أمام بيته، وهو الاغتيال، الذي نُسب إلى الشبيبة “الإسلامية”.