تقي الدين تاجي
يبدو أن أعصاب عبدالمجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية، ظلت مشدودة ومتشنجة، طيلة الشهرين الماضيين، بينما كان يراقب مجريات الأحداث، المرتبطة بالورطة التي إشتهرت إعلاميا بإسم “غالي غيت” الذي تحول إسمه بقدرة قادر، أو على الأصح بقدرة “العساكر” إلى “محمد بن بطوش” الحامل للجنسية الجزائرية.
وهذا ربما هو ما يفسر كمية العداء والشر اللذين أبان عنهما، “تبون” في مقابلة مطولة أجرتها معه مجلة “لو بوان” الفرنسية اليوم، حيث ظل طيلة أطوارها، يتطاول على النظام الملكي في المغرب، محاولا على نحو غبي التمييز بينه وبين الشعب المغربي، بالقول أن مشكل الجزائر مع الملك، وليس مع الشعب، متناسيا عن قصد – ولا شك لدينا في ذلك-، أن نظام الحكم في المغرب، يستمد شرعيته أساسا، من بيعة الشعب المغربي، وأن قصية الصحراء، هي قضية عموم المغاربة، بمختلف مشاربهم.
وفي رده على إمكانية نشوب حرب بين المغرب والجزائر، زعم أن المغرب ” كان على الدوام هو المعتدي. لن نهاجم جيراننا أبدا، لكننا سنرد بقوة إذا تعرضنا للهجوم، رغم شكي فقدرة المغرب على مجرد محاولة القيام بذلك، وذلك بالنظر الى موازين القوى التي تميل كفتها لصالحنا”.
كلام استفزازي، وغير مسؤول من شخص يفتقد لمواصفات رجل دولة، يروم من ورائه جر المغرب إلى حرب كلامية، بعدما ظلت الدبلوماسية المغربية، متجاهلة للجزائر، في جميع البيانات التي أصدرتها إثر الأزمة التي تفجرت بين المغرب واسبانيا، (إلا ما كان من باب الاشارة الطفيفة والعرضية)، وهو ما جعل تبون وزبانيته، يظهرون في صورة قزمية، أمام اللامبالاة المغربية، ما زاد من تأجيج غضبهم، سيما بعدما فجرت قضية تهريب غالي، نقاشا واسعا بين قيادي الحراك في الجزائر، وأماطت اللثام حول الطرق “المافيوزية” التي يستعملها عسكر الجزائر، لتهريب أموال الشعب، عبر فبركة هويات مزورة، وطائرات مشبوهة تُقلع من المطارات تحت جنح الظلام، ما أدى الى غليان غير مسبوق في الشارع الجزائري.
واسترسل “تبون” في أجوبته الصبيانية، في حواره مع “لوبوان الفرنسية”، معتبرا في رد على سؤال يتعلق باعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء، “كيف يمكن أن نهدي لملك أرضا كاملة بسكانها؟ أين إحترام الشعوب؟ هذا الاعتراف لا يعني أي شيء. جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصحراء تقدم من قبل الولايات المتحدة. لا يمكننا العودة شفهيا إلى كل ما فعلته واشنطن لإرضاء ملك”. وهذه طريقة فضة في الكلام، تحيد عن التقاليد وقواعد اللياقة، التي تحكم تحدث رؤساء الدول عن بعضهم البعض.
وهنا مرة أخرى يحاول تبون، التمويه بإعطاء الانطباع بأن قضية الصحراء هي قضية الملك فقط، وليست قضية شعب بأكمله.
لكن هل كان تبون سيرد بمثل هذا الجواب، لو أن السؤال كان عن “الحركة من أجل تقرير المصير في منطقة القبائل” (الماك)، التي تطالب بالإنفصال عن الجزائر، وصرح رئيسها فرحات مهني مرارا أنه لا يعتبر نفسه جزائرياً، وأعلن عام 2010 من باريس، عن تشكيل حكومة قبائلية مؤقتة، كما أنشأ عملةً وجواز سفر خاصّين بمنطقة القبائل، لإنهاء ما يسمّيه ظلماً واحتقاراً وهيمنةً للحكومة الجزائرية على المنطقة وأبنائها.
فلماذا إذن وضعه تبون ضمن لائحة المطلوبين قضائيا وجرده من الجنسية الجزائرية، إذا كان فعلا يدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها ؟ .
طبعا الجواب جاهز ومكتوب سلفا، من طرف الجنيرال شنقريحة، الذي سبق أن أسر لمقربيه “بأنه يعتبر تبون بمثابة دمية في يده ليس إلا”.
وهكذا إعتبر تبون “في الجواب المعد له سلفا” في معرض حديثه عن تصنيف حركتا رشاد و الماك ضمن المنظمات الإرهابية، أن ذلك جاء بعد إقرار هذه الأخيرة أن تكون كذلك ( في اشارة الى مطالبتها بالاستقلال عن الجزائر)، وحركة رشاد بدأت بالتعبئة وأعطت التعليمات لمواجهة الأجهزة الأمنية والجيش وحركة الماك حاولت تفجير سيارات مفخخة في المسيرات.
واذا لم نعتبر هاد الدخول والخروج في الكلام، إنفصاما في المواقف والمبادئ، فماذا يمكن أن نسميه ؟.
فبينما يدعم تبون وزبانيته حركة إنفصاليةإرهابية ممثلة في البوليساريو، مطالبا بحقها الباطل في الإنفصال وتقرير المصير، يستسخر ذلك على حركة الماك، التي تطالب بالأمر نفسه، ويصفها بالإرهابية، ويتهمها بتفخيخ السيارات.
خلاصة القول.. لقد جنّ تبون رسميا