*إدريس الكنبوري
لأول مرة يصدر المغرب بيانا قويا في تاريخ العلاقات الديبلوماسية مع إسبانيا، فالبيان الذي أصدرته وزارة الشؤون الخارجية المغربية اليوم تميز باللهجة الحادة والصراحة في مقاربة القضايا المشتركة، وأعني بالصراحة هنا ـ بعيدا عن اللغة الديبلوماسية ـ مكاشفة الجانب الإسباني في أمور يُفترض أن تظل محل تكتم بين الجانبين.
هذا يدل على أن هناك تحولا عميقا في العلاقات بين الرباط ومدريد، وأن المغرب شب عن الطوق في علاقاته الديبلوماسية مع شركائه التقليديين، مثل فرنسا وإسبانيا، ولم يعد الطرف الذي يستقبل من دون أن يوجه الرسائل التي تناسب.
البيان جاء بمناسبة مثول زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، غد الثلاثاء، أمام المحكمة العليا الإسبانية في الشكاية المقدمة ضده أمام المحاكم الإسبانية في قضايا التعذيب والاحتجاز، وقد كشف أن إسبانيا توسطت لدى المغرب من أجل تخفيض مستوى البروتوكول في استقبال وفد من الحكومة المحلية الكاتالانية، كما كشف رفض المغرب “طلب زيارة ولقاء زعيم عظيم للانفصالية الكاتالونية”.
والمقصود هنا ـ كما لا يخفى على المتابعين ـ الطلب الذي تقدم به زعيم إقليم كاتالونيا كارلس بيغديمون عام 2017 لزيارة المغرب رسميا، وقد ردت الرباط وقتها بأن أي زيارة لمسؤول في إقليم كاتالونيا يتعين أن تمر عبر الحكومة الإسبانية المركزية في مدريد. وكان هذا موقفا مشرفا للمغرب في علاقته مع إسبانيا التي كان عليها أن تتعامل بالمثل لدى استقبالها زعيم البوليساريو بدعوى الاستشفاء.
أهم ما جاء في البيان المطول، بالنسبة لي، هو التالي:
{{• السؤال مشروع: ماذا كان سيكون رد فعل إسبانيا لو تم استقبال شخصية انفصالية إسبانية في القصر الملكي المغربي؟ كيف سيكون رد فعل إسبانيا إذا تم استقبال هذا الرقم علنًا ورسميًا من قبل حليفها الاستراتيجي ، وشريكها التجاري المهم ، وأقرب جار لها من الجنوب؟
• ليس لديك ذاكرة قصيرة. في عام 2012 ، على سبيل المثال ، عندما كان هناك زيارة إلى المغرب من قبل وفد اقتصادي كاتالوني ، تم تعديل البرنامج ، بناءً على طلب الحكومة الإسبانية ، بحيث لم يتم استقبال هذا الوفد على مستوى عالٍ ، وذلك خلال كل فترة المحادثات ، هناك حضور لممثل سفارة اسبانيا في الرباط.
• في عام 2017 ، تم تطبيق نفس الاتساق عندما رفض المغرب طلب زيارة ولقاء زعيم عظيم للانفصالية الكاتالونية.
• للمغرب الحق في أن يتوقع ما لا يقل عن إسبانيا. هذا هو مبدأ الشراكة الحقيقية}}.
أعتقد أن هذا البيان سيكون له ما بعده في العلاقات المغربية ـ الإسبانية، فقد وضع مدريد أمام مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية، وكشف ازدواجية مواقفها فيما يتعلق بقضية الانفصال، فإذا كانت ترفض الانفصال في كاتالونيا، أي الأقاليم الشمالية الشرقية الإسبانية، عليها أن ترفضه في الصحراء، أي الأقاليم الجنوبية المغربية.
*دكتور اكاديمي متخصص في الشأن الاسباني