تقي الدين تاجي

تزايد بشكل مهول عدد الفاسدين ولصوص المال العام في اسبانيا، ما حدا بهاته الأخيرة، الى اللجوء لتطبيق برنامج غريب، يروم “إعادة تأهيل وادماج المسؤولين الفاسدين في المجتمع، عوضا عن متابعتهم أمام القضاء، الذي تطاله هو الآخر اتهامات بالفساد، من طرف المفوضية الأوروبية، التي أصدرت تقارير سوداء عديدة بشأنه، وفي أكثر من مناسبة”.

وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، في مقال نشرته أخيرا أن “السلطات في اسبانيا، صممت برنامجا لإعادة تأهيل الفاسدين وإعادة ادماجهم، عبارة عن معسكر تدريبي لمدة 11 شهراً”، وعرضت الصحيفة قصة” كارلوس ألبوركيركي” 75 عاماً، الذي يقضي عقوبة السجن لمدة أربع سنوات لسرقة حوالي 400 ألف يورو، ما يقرب من نصف مليون دولار، أثناء عمله في صياغة العقود والسندات”.

وعلى امتداد، 32 جلسة في غرفة اجتماعات صارمة في سجن قرطبة، سيلتقي “ألبوركيركي” “فريقاً من الأطباء النفسيين، وسيجلس في دائرة مع المسؤولين المدانين الآخرين في جلسات علاج جماعية تحمل عناوين مثل «القدرات الشخصية» و«القيم» في محاولة لتغيير سلوكه والآخرين، وتحويلهم إلى أشخاص يتمتعون بالفضيلة وينبذون السلوك الإجرامي”.

ويبدو أن إسبانيا، وهي تستضيف، إبراهيم غالي، مجرم الحرب الذي تلاحقه تهم بانتهاكات إنسانية خطيرة، قررت الانتقال من تأهيل الفاسدين الى حماية المجرمين، واضفاء الشرعية على أفعالهم الدنيئة، بل والتضحية بعلاقة تاريخية مع جار استراتيجي، من أجل عيونهم.

لكن الغريب، هو تواجد أشخاص يحملون الجنسية الاسبانية، ضمن ضحايا هذا المجرم، ما يدفعنا الى الحيرة، ويجعل التساؤل مشروعا، حول ما اذا كانت “الجارة الاسبانية”، تعاني من “متلازمة ستوكهولم”، التي تجعل المُصاب بها، ينبري مدافعا عن المنتهِك أو المجرم أو المختطِف الذي تعرض له، فيُظهر تعاطفا شديدا معه، ويتفهم سلوكه غير السوي، بالتماس الاعذار والمبررات التي تحمي أفعاله الاجرامية”، “وهو ما يعتبره خبراء علم النفس، مجرد آلية دفاعية تستخدمها الضحية لتحمي وتدافع عن نفسها”.

وهذا هو تحديدا، ما تقوم به اسبانيا هاته الأيام، من خلال بحثها الحثيث، عن تبريرات لأفعال مجرم خطير، انتهك إنسانية مواطنيها، ثم عاد ليستفزهم بالاستشفاء في المراكز الصحية التي تمولها الحكومة، من أموال الضرائب التي يدفعونها.

وتبعا لذلك، فإن اسبانيا، لا تدافع عن غالي، إلا من أجل الدفاع عن نفسها، وعن تورطها في تواطؤ مشبوه مع عسكر الجزائر الفاسدين، الذين يناصبون العداء لشريكها المغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *