*جواد مكرم

هيمنة الأزمة الدبلوماسية المغربية/ الاسبانية، صباح اليوم الخميس على أشغال  جلسة المراقبة في مجلس النواب الاسباني، فيما خصصت الصحافة الإسبانية مساحات واسعة من تغطياتها لمهاجمة المغرب، والتحريض ضده لدى الإتحاد الأوروبي.

إتهامات المعارضة

وإنتقد بابلو كاسادو، المحامي والنائب البرلماني، تدبير حكومة بيدرو سانشيز لأزمة مدريد مع الرباط، وإرتكاب أخطاء تهدد مصالح إسبانيا مع شريك إستراتجي مثل المغرب، كـ “كسر تقليد الزيارة الأولى لرئيس الحكومة الاسباني المعين إلى المغرب”.

 وتابع زعيم الحزب الشعبي اليميني المعارض، “ما تعيشه سبتة يعتبر أسوء أزمة دبلوماسية مع المغرب في تاريخ إسبانيا الديمقراطية”.

وإتهم النائب البرلماني، السياسية الخارجية لحكومة سانشيز، بـ”التقصير وسوء تدبير الأزمة الدبلوماسية مع المغرب”، بعدما كان قادة بهذا الحزب، قد طالبوا سابقا بإقالة وزير الداخلية الإسباني.

وساءل بابلو كاسادو، حكومة بلاده، على خلفية تورطها في فضيحة التستر على دخول زعيم البوليساريو إلى إسبانيا بجواز سفر مزور وهوية مزورة، بقوله: “ألا يعتبر إستقبال إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليزاريو، بوثائق مزورة، تعتبر أخطاء دبلوماسية”.

وتساءل المسؤول السياسي إزاء :”الصمت الاسباني تجاه المياه الإقليمية لجزر الكناري واعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء”. على حد تعبيره.

وحول تراجع موقع اسبانيا على المستوى الدولي والإقليمي على عهد حكومة الاشتراكي سانشيز ، والذي تكرس مع صعود الرئيس الأمريكي الديمقراطي جو باديد، قال بابلو كاسادو، زعيم الحزب الشعبي المعارض مخاطبا  بيدرو سانشيز: “فقدان الوزن الدولي بات أمرا واضحا ولهذا السبب لا يرد بايدن رئيس الولايات المتحدة على مكالماتك”.

رد رئيس الحكومة

ورد بيدرو سانشيز رئيس الحكومة، الذي زار أمس الثلاثاء سبتة المحتلة وسط إحتجاجات المستوطنين الإسبان ضد حكومته، بقوله لزعيم الحزب الشعبي:” إنكم تمارسون الشعبوبة فقط”.

وأضاف رئيس الحكومة الإسبانية، الذي زادت أزمة بلاده مع المغرب من تراجع شعبية أحزاب حكومته، في معرض رده على الفريق البرلماني للحزب الشعبي،” هل تعلمون أنكم تمارسون ازدواجية الخطاب وتنتهزون ما يقع مع المغرب لتسجيل نقط سياسية، دون إستحضار لمصلحة إسبانيا”.

ولم تتأخر أحزاب مشاركة في الحكومة الإسبانية، كحزب “فوكس” الشعبوي الذي عاقبه الناخب الاسباني في انتخابات البلديات قبل أيام، في دعوة حكومة سانشيز، إلى تسجيل شكاية ضد المغرب لدى الاتحاد الأوروبي، من أجل فرض عقوبات بحقه، خاصة في ظل تأييد الاتحاد الذي تقوده ألمانيا لرواية مدريد إزاء أحداث سبتة المحتلة.

 وفي موضوع ذي صلة، أفردت الصحافة التقليدية الإسبانية المقيدة بالإرث الإستعماري لتاريخ إسبانيا على عهد دكتاتورية حكم الجنرال فرانكو وغيره، مساحات واسعة من تغطياتها لمهاجمة المغرب، والتحريض كذلك ضده لدى الاتحاد الأوروبي.

الصحافة الاستعمارية

لم تتوانى وسائل الإعلام الاسبانية، في إتهم المغرب بالضلوع في تنظيم ما وصف بـ” المسيرة السوداء” نحو سبتة المحتلة، نسبة إلى مشاركة أفارقة من جنوب الصحراء في عملية الهجرة الجماعية نحو المدينة السليبة.

 وكعادتها داست الصحافة التقليدية الاسبانية على الأعراف والتقاليد المهنية، في لعب دورها التنويري للرأي العام، حين لجأت إلى أساليب التحوير والاستنباط والتحايل على الحقائق، من أجل تزوير الواقع بما يسود وجه المغرب.

وكانت يومية “الموندو” الإسبانية قد نسب أمس الثلاثاء، كلاما خطيرا إلى السفيرة المغربية في مدريد، عندما قالت بأن بنيعيش قالت لوكالة أوروبا بريس بأن موجة الهجرة التي حصلت نحو سبتة المحتلة كانت ردا على استقبال إسبانيا لرئيس جبهة البوليساريو.

وقال الدكتور إدريس الكنبوري، المحلل السياسي المتخصص في الشأن الإسباني :”طبعا، تصريح مثل هذا لا يمكن أن يصدر عن ديبلوماسي في أي مكان في العالم، ولا نعتقد أن بنيعيش ذكرته على لسانها. ما قالته هو أن هناك سلوكات معينة يجب تحمل تبعاتها في العلاقات الديبلوماسية. لكن جريدة الموندو وظفت ذلك الكلام لتصنع منه حدثا”.

 وأضاف الكنبوري:”الصحافة الإسبانية اعتبرت استدعاء السفيرة المغربية إلى الرباط، لحظات قليلة فقط بعد استدعائها من طرف وزيرة الخارجية الإسبانية، حدثا خطيرا”.

 وتابع المحلل السياسي:”سلوك الصحافة اليمينية الإسبانية معروف، لكن للأسف هناك من لا يزال ينصت إليها، في زمن المعلومة”.

أوراق المصالح

 وحول تطورات الأزمة، أكد إدريس الكنبوري، المحلل السياسي المتخصص في الشأن الإسباني:”مهما يكن الأمر، العلاقات المغربية ـ الإسبانية دائما تخضع لنوع من التوتر الدوري، لكن القضية هي كيف يخرج المغرب منتصرا ويضع مصالحه في الصدارة، ففي النهاية العلاقات بين الدول هي علاقات مصالح، لكن قبل المصالح هناك منطق القوة والأوراق والقدرة على توظيف الأوراق في التوقيت المناسب، لا التوقيت الغبي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *