تقي الدين تاجي

اقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقرير حديث صادر عنه، “إقرار سياسة وطنية جديدة” من أجل “تأهيل وتنمية الأسواق الأسبوعية بالوسط القروي”، وفق مقاربة تشاركية، تروم بلورة رؤية طموحة يتقاسمها الفاعلون المعنيون، مع اعتماد آليات لتأهيل هذه الأسواق وتحديث بنياتها على مستوى التنظيم والتسيير.

وأبرز المجلس، في تقريره الذي أعدته لجنة مغلقة، أن “العالم القروي يحبل بإمكانات وثروات ينبغي استغلالها وتعبئتها، لا سيما عبر الأسواق الأسبوعية، بوصفها مرفقا عموميا للقرب ومكانا للعيش متجذرا في التاريخ الاجتماعي والثقافي للمغرب، وتعتبر بمثابة “بارومتر” للحياة القروية وفضاء تجاريا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا مهما، لكنه غير مستغل بالقدر الكافي”.

وأضاف التقرير أنه “رغم أهمية المبادرات التي تمّ اتخاذها من لدن السلطات العمومية من أجل تنظيم التجارة المحلية والنهوض بها، فقد سجّل هذا الرأي عددا من الإشكاليات التي تواجهها الأسواق اليوم، بالنظر إلى ما تعاني منه من المشاكل على مستوى تدبير البنيات التحتية والتجهيزات، والجوانب المتصلة باللوجستيك والتمويل، وهي مشاكل تؤثر سلبا على تنميتها وعلى السلامة الصحية للساكنة”.

وعزا المجلس النواقص الحاصلة في تنظيم الأسواق الأسبوعية إلى “غياب رؤية وطنية يتقاسمها مجموع الفاعلين ويتم تنزيلها على المستوى الجهوي، وتداخل أدوار واختصاصات الفاعلين المعنيين، وكذا إلى الطريقة المعتمدة في تدبير الأسواق الأسبوعية، التي لا تضمن أداء اقتصاديا قويا، فضلا عن مشاكل ترتبط بجودة المنتجات وبالسلامة الصحية”.

وتتطلب المبادرة الجديدة المقترحة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي “العمل على اعتماد تنظيم جديد للأسواق وفق مقاربة ترابية مندمجة، مع تجديد وعصرنة وظائفها الاقتصادية والتجارية والاجتماعية والثقافية والإدارية والتعبوية بما يمكّن هذه الفضاءات من الاضطلاع بدورها كاملا كرافعة للتنمية المستدامة في المجالات الترابية، ما من شأنه النهوض بالتنمية الترابية وضمان استقرار الساكنة المحلية”.

وفي هذا الصدد، يقترح المجلس إعداد إستراتيجية خاصة بتنمية الأسواق الأسبوعيةفي الوسط القروي، مع الحرص على احترام الخصوصيات الإقليمية والجهوية. ومن بين التدابير التي يقترحها المجلس “تشجيع إحداث أسواق جديدة عصرية مختصة، على غرار الأسواق النموذجية للمواشي، التي بادرت بإطلاقها القطاعات الوزارية المعنية ومهنيّو القطاع، مع تزويد هذه الأسواق بالتجهيزات ووسائل العمل الحديثة”، إضافة الى” التقليص التدريجي لعدد المسالك غير النظامية، سواء مسالك التوزيع أو مسالك التسويق، وتقنين دور الوسطاء وتشجيعهم على الاندماج بشكل قانوني في المهنة”.

ودعا المجلس أيضا الى “اغتنام الفرص التي تتيحها الإستراتيجية الفلاحية الجديدة “الجيل الأخضر 2020 -2030″ من أجل تزويد الأسواق بمنصات لتخزين المنتجات القابلة للتلف وتحسين قدراتها في مجال تسويق المنتجات الفلاحية”، الى جانب” تسهيل استفادة المرتفقين من الخدمات في يوم السوق عبر الخدمات المتنقلة (الأنترنت ذي الصبيب العالي، خدمات البريد، القروض البنكية، عقود الزواج، رسوم الولادة، شهادة السكنى).

وشدد مجلس الشامي على “ضرورة العمل، في إطار المخطط التوجيهي لعصرنة الأسواق، على إحداث فضاءات استقبال دامجة بالسوق تخصص للأنشطة الثقافية والترفيهية، وكذا تخصيص فضاءات في السوق للأنشطة الموجهة للشباب القروي (مكتبة متنقلة، أمكنة مخصصة للمسابقات الرياضية، النهوض بالمهن الجديدة المواكبة لثورة التكنولوجيات الرقمية، وغير ذلك) مع توفير الظروف المناسبة لتفتق طاقات وإمكانات الشباب في مجال الإبداع والابتكار”.

وبخصوص الانتقادات التي تلاحق الأسواق الأسبوعية، علاقة بغياب شروط النظافة، اقترح المجلس في تقريره “الحرص على التزويد بالماء لضمان نظافة محلات التجارة والمجازر ووسائل العمل المستخدمة ووضع العدد الكافي من المرافق الصحية من أجل استعمال مهنيي السوق والزوار والمرتفقين، مع مراعاة خصوصيات النساء والأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *