ع. الرزاق بوتمزار -وكالات

كشف موقع استقصائي مغربي معطيات دقيقة، معزّزة بالأرقام والتواريخ، حجم المساعدات التي قدّمتها “لجنة القدس”، مسلّطا الضوء على مشاريع الرئيسية خلال العشرين سنة الماضية.

وطُرح، في خضم التفاعلات مع قرار “تطبيع” العلاقات بين المغرب وإسرائيل، سؤال “ماذا قدّمت لجنة القدس لفسطين”، التي يرأسها العاهل المغربي محمد السادس لفلسطين. 

وتأسست «لجنة القدس» في سبعينيات القرن الماضي، ويرأسها العاهل المغربي محمد السادس منذ 1999، وتستخدم اليوم كأداة دبلوماسية وإنسانية للمملكة المغربية.

وفي هذا السياق أورد موقع «لوديسك» أن الموضوع “يكتسي حساسية خاصة بالنسبة إلى المغرب، فرئاسة محمد السادس للجنة ليست “حظوة” أو “جاهاً”، وإنما هي أمانة عظمى ومسؤولية كبرى، أمام الله والتاريخ»، كما أعلن الملك في 2014 في مراكش خلال الدورة العشرين للّجنة.

وتابع المصدر ذاته أنه، بهذه الصفة كذلك، وعد محمد السادس، في رسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد أقل من أسبوعين على إعلان تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، بالدعوة إلى اجتماع جديد للجنة القدس، بهدف «دراسة السبل الكفيلة بتعزيز الحفاظ على الوضع الخاص لمدينة القدس الشريف، والإسهام في صيانة حرمة معالمها التاريخية والحضارية ورمزيتها الروحية وهويتها الدينية».

تم إنشاء «لجنة القدس» في 1975 بمبادرة من “منظمة المؤتمر الإسلامي”، التي صارت الآن تحمل اسم “منظمة التعاون الإسلامي” والتي أنشئت في 1969 في العاصمة المغربية الرباط إثر حادث إحراق المسجد الأقصى؛ وكان الهدف من تأسيس اللجنة تسليط الضوء على الوضع القانوني للقدس والحفاظ على تراثها الديني والثقافي.

ومرت السنوات وغضّ العالم العربي النظر تدريجيًا، وفق المصدر نفسه، عن الصراع الإسرائيلي -الفلسطيني. ومؤخرا، صرّح سفير فلسطين لدى “يونسكو” بأن فلسطين لم تعد مركز الزلازل في المنطقة.. لم يحدث، منذ سبعين عامًا، أي تغيير مفاجئ في هذه المنطقة، إن لم يكن آتيًا من فلسطين أو متعلقًا بها. اليوم، فالمنطقة مليئة بالهزات والبؤر. ولم تغير الشعوب العربية مشاعرها تجاه فلسطين، ولكن الأهوال التي تعيشها أنهكت حياتها».

استضاف المغرب الاجتماعات الثلاثة الأخيرة للجنة القدس: في 2000 في گادير ثم 2002 و2014 في مراكش. والمغرب هو كذلك من يموّل، في الوقت الحالي، بشكل شبه حصري لجنة القدس، التي تلقّى ذراعها المالي «وكالة بيت مال القدس الشريف» 50 مليون دولار بين 2000 و2018.

وأضاف المصدر ذاته أنه بين م 1998 و 2018، دفعت 11دولة حوالي 20.7 مليون دولار لبيت مال القدس الشريف، 73 في المائة من التبرعات، مصدرها المغرب (15 مليون دولار) وقدمت السعودية 2.7 مليون دولار فقط، أي 13 في المئة من مجموع التبرعات. والنسبة المتبقية تقدمها دول أخرى: السنغال (أقل من 1 في المائة) مصر (5 في المائة) باكستان (أقل من 1 في المائة) النيجر (أقل من 1 في المائة) بنغلاديش (أقل من 1 في المائة) إيران (1 في المائة) الكويت (5 في المائة) البحرين (1 في المائة) لبنان (أقل من 1 في المائة).

وإضافة إلى تبرّعات المملكة المغربية، يضيف المصدر نفسه، هناك تبرعات المؤسسات والأفراد المغاربة، الذين ساهموا بنحو 20 مليون دولار على مدى 20 سنة.

وتابع أنه في البداية كانت مساهمة المغرب قليلة، لكنه احتل بعد ذلك الريادة بين تلك الدول، لأنه بين 2000 و2007 قدمت الدولة المغربية تبرعًا واحدًا فقط بقيمة 2.8 مليون دولار، قبل تصحيح الوضع منذ 2008، إذ تم تقديم تبرعات منتظمة تتراوح بين 74 ألف دولار و6.5 ملايين دولار.

وكشف تقرير صادر عن بيت مال القدس الشريف أن الحكومة المغربية تمول، أيضا، تكاليف عمل الوكالة، والتي تبلغ مليون دولار سنويًا. كما يفرض المغرب ضريبة على كل علبة سجائر تباع، تسمى «ضريبة فلسطين» وتدر حوالي 70 مليون درهم سنويا.

في 2018، على سبيل المثال، أتاح صندوق دعم المغرب للشعب الفلسطيني، الذي بلغ رصيده 80 مليون درهم، تمويل بيت مال القدس الشريف بما يصل إلى 8 ملايين درهم وتغطية تكاليف تشغيل السفارة الفلسطينية في المغرب، بما يناهز 6.2 ملايين درهم.

وقال مصدر مقرب من بيت مال القدس الشريف: «تبقى حقيقة أن المغرب هو الذي يشرف على جميع المشاريع الموجّهة إلى القدس ويمولها». ومن بين المشاريع التي أنجزها المغرب في القدس؛ ترميم الزاوية المغربية الواقعة بالقرب من «حائط المبكى».

وأشار تقرير من وكالة بيت مال القدس الشريف إلى أن هذا البناء «هو ما تبقى من حارة المغاربة التي دمرتها إسرائيل في 1967، إذ تعيش 16 عائلة من أصل مغاربي في ظروف سكنية صعبة للغاية». ويحدد أن الهدف هو «السماح للعائلات التي تعيش في الزاوية المغربية في المدينة القديمة بالعيش بكرامة بعد ترميم منازلهم، والحفاظ على الزاوية التي تعود إلى زمن صلاح الدين الأيوبي» وفي غضون 20 سنة، قامت المملكة أيضًا بترميم سبعة ()7 مساجد.

وموَّل المغرب كذلك، بما مجموعه 5 ملايين دولار، عملية شراء «بيت المغرب»، وهو مركز ثقافي من ثلاثة طوابق يمتد على مساحة 1800 متر مربع. ويحتوي هذا المبنى، الذي يقع على بعد حيين من المسجد الأقصى، على مبان تجارية وشقق. وقد حولته الوكالة، بعد ترميمه، إلى «مركز ثقافي مغربي» يؤوي اليوم متحفًا للفنون المغربية ومكتبة ومقهى أدبيًا وصالونًا مغربيًا، وقد أنفقت الدولة مليوني دولار لتجهيزه.

وبين 2000 و2018 جرى إنفاق ما يزيد عن 11 مليون دولار على المشاريع المتعلقة بالتعليم، من خلال تمويل حوالي عشر مدارس أو بنائها بالكامل. كما موّل الملك محمد السادس، على نفقته الخاصة، إعادة بناء كلية الهندسة الزراعية في غزة، التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي في 2009 بنجتكلفة بلغت 6 ملايين دولار. وافتتحت هذه الكلية، التي تحمل اسم “الحسن الثاني”، في 2015 بحضور وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق.

إضافة إلى ذلك، جرى إنفاق 26.5 مليون دولار، أي نصف الميزانية، على مشاريع اجتماعية وثقافية ورياضية و5 ملايين دولار على قطاع الصحة.

وبعد الإعلان عن “تطبيع العلاقات” بين المغرب وإسرائيل، أعلنت وكالة «بيت مال القدس الشريف» عن مشاريع جديدة في القدس خلال 2021. وستتراوح مشاريع الميزانية التي خصَصت لها 7.4 ملايين درهم، بين المساعدة الاجتماعية وحماية التراث الثقافي والعمراني، بما في ذلك الإسكان والتعليم والشباب.

وأفادت وكالة الأنباء المغربية بأن «بيت مال القدس» خصصت للمساعدة الاجتماعية مشاريع بكلفة مليوني دولار أمريكي، مولية اهتمامًا خاصًا للفئات الأكثر احتياجًا في المجتمع المقدسي، إذ اعتمدت مشاريع نوعية لدعم صمود أهل المدينة المرابطين ومساعدتهم على تحمل آثار جائحة «كوفيد-19» وتحسين ظروفهم المعيشية ومحاربة الفقر والتقليص من الفوارق الاجتماعية.

وفي قطاع التعليم، تبلغ كلفة المشاريع التي برمجتها الوكالة حوالي مليون ونصف المليون دولار أمريكي، وأوضح المصدر المذكور أن الوكالة ارتأت، رغم قلة مواردها، توفير عرض تربوي يستجيب للحاجيات، انطلاقًا من توفير بيئة تعليمية ملائمة تقوم على ترميم وتأهيل المدارس وجعلها مدارس نموذجية وبيئية. كما تعمل الوكالة على مساعدة الطلبة ماديًا من أجل استكمال دراستهم، عبر توفير منح دراسية في مجالات الطب والصيدلة والقانون والاقتصاد والعلوم الإنسانية، وتنفيذ برامج تدريبية علاوة على تخصيص جوائز تشجيعية لتحفيز الطلاب المتفوقين، وكذا تشجيع الأبحاث العلمية والأكاديمية المتخصصة في مجالات تتعلق بالوضع الإنساني والاجتماعي والتاريخي والقانوني لمدينة القدس الشريف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *