سعيد جعفر

رغم أنه لا يستحسن إسقاط التجارب الإقليمية، خصوصا الأوروبية القريبة ومنها نتائج الانتخابات الجهوية بمدريد والتراب الإسباني، على الحالة المغربية لتفردها فإنه لا بد من توقع بعض التأثير على الداخل السياسي المغربي لأسباب موضوعية و ذاتية.

موضوعيا الانتخابات تحكمها معطيات داخلية مرتبطة باختيارات الناخبين وتوجهات الرأي العام وخارجيا بتأثيرات وخطط الفاعلين الدوليين الكبار وما تفرضه من تحولات جيو-استراتيجية.

ذاتيا:

يبدو التوجه الشعبوي الذي أنتج في شروط خاصة منذ 2011 في مأزق فكري وسياسي عكسته نتائج الانتخابات في عدد من المناطق آخرها احتلال بوديموس الرتبة الأخيرة وترك زعيمها بابلو ايغسلياس للحياة السياسية نهائيا.

لقد ظهر أن نفس الشعبوية والشعبويين قصير مقارنة بالتحديات الكبيرة التي تنتظر الدول والمجتمعات، وظهر كذلك أن الخطابات الشعبوية في دول حوض البحر الأبيض المتوسط لم تكن إلا مسكنات لم تستطع علاج كثير من المشكلات المستعصية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

ارتباطا بهاذين المعطيين الموضوعي والذاتي، وقياسا على نتائج الانتخابات الجهوية بمدريد أتوقع ما يلي في انتخابات 2021 بالمغرب:

– تراجع كبير للأحزاب التي بنت جزء من برامجها على الشعبوية والآفاقية السياسية مثل البام والبيجيدي وفيدرالية اليسار.

وبالإضافة إلى تأثير القاسم الانتخابي واللوائح الجهوية على نتائج البام والبيجيدي اللذان قادا الجواب الوطني في 2011 و2016، 

فإن مأزق شعبوية بنكيران وعدد من قياديي البيجيدي سيتم عقابه كما عوقب شعبويون اتحاديون في 2007 كالأشعري وآخرين.

وهبي بدوره يسير في نفس الطريق رغم انه بإمكانه تقديم نموذج سياسي أكثر عقلانية لكفاءته القانونية والسياسية.

وبدوره حزب التقدم والاشتراكية سيؤدي تكلفة الأخطاء السياسية للسيد نبيل بنعبد الله وإغراقه في شعبوية طويلة.

ورغم أن القاسم الانتخابي يخدم مصالح فيدرالية اليسار فإن شعبوية السيدة نبيلة منيب تعرقل الفرص المتاحة لها وللفيدرالية في هذه المرحلة، أتصور أن هذه الزعيمة السياسية ستكون خارج اللعبة السياسية بعد نتائج 2021.

ستكون هناك عودة للأحزاب التقليدية الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، سيكون التنافس قويا بين التجمع كحزب ليبرالي ومعه الحركة والدستوري والاستقلال كحزب محافظ حيث سيتنافسان على عتبة ما بين 70 و75 مقعدا التي ستؤهل أحدهما لقيادة الحكومة المقبلة، وسيكون الاتحاد الاشتراكي في موقع معقول بما بين 30 و35 مقعدا نيابيا وقد يكون الفاعل القانوني والسياسي الأول في الحكومة او المعارضة ارتباطا بهوية الحزب الذي سيحصل على المرتبة الأولى في انتخابات 2021.

هذه مجرد تخمينات قياسا بما يحدث في المحيط الأقليمي وسنختبر صحتها من خطئها عشية انتخابات 2021 وما ستفرزه التحالفات اللاحقة.

*رئيس مركز التحولات المجتمعية والقيم بالمغرب وحوض المتوسط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *