محمد سليكي
أكاد أجزم أن عبد الطيف وهبي، ماسك مقود حزب “التراكتور”، قضى منذ حلوله ضيفا على مؤسسة الفقيه التطواني الأحد الماضي، “أكفس” أيامه الحزبية، بعدما ورط حزبه الذي أنهكته الحرب الأهلية في جبهات صراع، لا يحسمها سوى الحزب القوي.
قوي بتنظيم متراص البنيان، و زعامات بصحيفة سوابق عذراء، وخطاب سياسي صادق يعبر عن إنتظارات المغربي، وهذا هو الأهم.
ولا أعتقد أن حزب “البام” في مجموعه على عهد وهبي، يتوفر على هذه المحددات الثلاث كاملة وغير منقوصة، وإن كان فيه شرفاء، منهم من تتوفر فيهم تلك الخصال و يواصلون اليوم الإصلاح من الداخل الحزبي، ومنهم (نساء ورجال) من هرب بجلده حتى لا يسجل التاريخ السقوط الحر “للتراكتور” في حضرتهم.
لقد تحول طيف في هذا الحزب، إلى مثل ذلك السلطوي العجوز المتقاعد، الذي أنهكه المرض، ولم يعد لديه ما يثبت به وجوده بين الناس، سوى “النكير” وممارسة رياضة “الفضول” و هواية “التنوعير”..
والحقيقة، أن هذا الواقع الذي يعيشه حزب الأصالة والمعاصرة، لا يحتاج إلى تلك “الكلاشات” القوية التي تلقاها زعيمه، على دفعات خلال الأسبوع الجاري، وإن جاءت لتؤكد لمن هو في حاجة إلى تأكيد أن “البام”، يكتب اليوم بخط اليد السطر الأخير من حياة حزب كان صرحا فإنتهى إلى مجرد ذكرى.
ولعل حميد نرجس، أحد كبار مؤسسي حزب الاصالة والمعاصرة، قد صدح بحقيقة هذا الحزب الخائر القوى..حين قال بدون مواربة في حوار مع الزميل محمد بلقاسم بجريدة هسبريس :”البام حزب مشتت”.
وإستعمال حميد نرجس، وهو رجل دولة وسياسية وعلم، وتمكن من اللغة ومعاني المفردات، لمفردة “مشتت”، تغني عن البيان، وترسم بدقة واقع التيه والتفرقة والهوان لحزب كان .. طالما أن الكيان المشتت كما فسره أهل النحو، هو الخائر القوى.
قبل “كلاش” السيد نرجس، الذي نفى أي معرفة له شخصية أو حزبية مع وهبي، وأعلن أنه يتدارس عروض أحزاب أخرى من أجل خوض “إنتخابات2021 “، سيتلقى “الحزب لمشتت” زوال الجمعة، ضربة موجعة على وجه ما تبقى لرصيده من نظافة يد، عندما أدانت محكمة مراكش، أحد زعمائه المحليين وأحد أبرز برلمانييه، بالسجن النافذ من أجل “الرشوة”.
لذلك تجد محمد أوجار، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، محقا وغير متحامل، عندما قال أمس في “كلاش مع الطناش”، بصريح العبارة للأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة،:” شطّب باب داركْ هو اللول”.
أوجار، وزير العدل السابق، أكيد أنه يعرف ما يقول، عندما كان يفحم من موقع مسؤوليته الحزبية، ما وصفه بالهجوم غير المبرر، لوهبي، على عزيز أخنوش، وزميله في قيادة الأحرار، مولاي حفيظ العلمي.
ويكفي أن نورد هنا مقتطفا من جواب لأوجار على سؤال للزميل بلقاسم، يسفه من خلاله مزاعم قائد “البام” بقوله: ” لا يمكن له (وهبي) أن يسمح لنفسه بالتهجم والقذف، خصوصا أن “قيادات كثيرة” في حزبه عليها أحكام قضائية”.
ومن العلامات الدالة على تيه زعيم “الحزب المشتت”، أنه لم يترك أحدا إلا وهاجمه، إذ بعد أخنوش، الذي سبق أن وصفه ذات مرة بالسياسي ورجل الأعمال الناجح، غيّر اتجاه “تشياره” غير المعلقن نحو مولاي حفيظ العلمي، الذي صنف من أنجح الوزراء خلال الحكومات المتعاقبة على عهد حكم الملك محمد السادس .
ولا بأس أن نتوقّف مع أوجار عند “كلاش”، تغيّر الحال من حال إلى حال لدى قيادات سياسية توجد على رأس جهات في المغرب يمثلون الأحزاب التي تهاجم الأحرار منهم من كانوا أشخاصا عاديين، لكن دارت الأيام وصاروا يملكون أموالا وثروات “هائلة” ومستجدّة، ما يطرح السؤال البديهي “من أين لك هذا”، كبداية إيجابية لمحاربة الفساد وتخليق الحياة العامة وطرد “الدّخلاء” على الساحة السياسية، الذين يثبتون يوما بعد يوم أنهم “تجار كلام”..
أما العمل راه عندو مواليه.. والضرب في الحزب “المشتت” خسارة.