أعدها للنشر: المصطفى الحروشي

“رجاء لا تطلب مني أن أصمت”.. “اسمح لي بأن أتنفس”… بمثل هذه العبارات يخاطب “اللاجئ” مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، القائد السابق لما يسمى بجهاز الشرطة لدى ملشيات جبهة “البوريساريو” من يطالبونه الكف عن خط حكايات بخط اليد حول أهوال الجحيم، هناك في مخيمات الحديد والنار والقمع والحصار في تندوف فوق التراب الجزائري.

جريدة “le12.ma” تنشر طوال الشهر الفضيل حلقات سيرة ذاتية بطلها إنسان بعنوان “الخروج من فم الثعبان” يروي أسرار تفاصيلها مع عاش تفاصيلها.

*لا تطلبوا مني أن أصمت

وأنا جالس أنتظر تهيئة الأستديو لإجراء مقابلة مع تلفزيون العيون، رنّ هاتفي.. ويا للبشرى!.. لقد رُزقت ببنت في تلك اللحظة في المخيمات البعيدة.. لقد صارت لي بنت مع أبنائي الأربعة.

وجدت الفرصة سانحة لتأكيد صدق رسالتي. فأعلنت، في شاشة التلفاز، أني سميت ابنتي الوحيدة التي ازدادت منذ لحظات في المخيمات باسم “لالة مريم”.. وقلت إني سمّيتها باسم ابنة عمنا الشريفة الأميرة لالة مريم، أخت جلالة الملك محمد السادس..

أصبحت لالة مريم، التي ولدت للتو أصغر “خائنة” في مخيمنا! و”عارْ” على العشيرة والقبيلة! والحمد لله أننا لم نعد في زمن الوأد، و إلا كانت ستكون ابنتي الوحيدة أول ضحية!..

منعوهم من أن يفرحوا.. وكنت بعيدا.. بالأمس، جعلوا من أمها المسكينة اليتيمة أرملة، لما أعلنوا في مهرجاناتهم أن زوجها “خائن” و”يستحق الاإعدام”.. واليوم، يحرمها سدَنة المعبد من أن تفرح بأن صارت لها بنت، لأن أباها سمّاها مريم!

أصبحت مريم المولودة بالامس قضية!..

بعد أسبوع، ستقام حفلة التسمية، كما العادة الصحراوية.. وبعد أسبوع ستقام جلسة محكمة، لا حفلة.. “لن نقبل أن تسمّى مريم”، هكذا كان يصرخ حشد غاضب خارج المنزل، بأمر من سدَنة المعبد. فالكهنة يرفضون ان تسمى ابنتي كما أردت..

فماذا أبقيتم لي إن كان عليكم أيضا أن تختاروا لي اسم ابنتي!.. أم أني أنا الذي نسيت أنكم اخترتم لي حياتي لما “حرّرتموني”؟! وكنتم تختارون لي ألوان ملابسي وأكلي وشربي ومدارسي وتخصّصي وشغلي..و نسيت أن انتظركم حتى تختاروا لي زوجتي.

اختار الكهنة لابنتي اسم “الرّعبوب” حتى تسجَّل في السجلات المدنية.. وسألتقي ابنتي بعد أن صارت تمشي وأناديها مريم، فتبكي.. لأن والدها لم يعرفها، فهي “الرّعبوبْ” وأنا ناديتها مريم!

وللحكاية بقية…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *