عبد الرزاق بوتمزار

قد يتساءل بعضكم بعد الاطّلاع على موضوع هذه الوقفة الليلية: أية علاقة بين مواطنين نزلوا إلى الشارع العامّ (في زواغة، فاس)  من أجل إقامة التراويح في ساحة مسجد وشخص (أو أشخاص) اختطف فتاة في الشارع العام في مراكش؟! 

وحتى أضعكم في الصورة، موضوع رادار اليوم عن خبرين، كل من مدينة، أولهما من فاس، وتحديدا من منطقة “زواغة”، حيث خرج العشرات، مساء اليوم، لإقامة صلاة التراويح، في الشارع العامّ.. لا، ليس مساء اليوم فقط، منذ أول أيام رمضان! منذ أربعة أيام، إذن، وهؤلاء المواطنون يتحدّون القرار الحكومي القاضي بحظر التنقل الليلي طوال الشهر من الثامنة مساء إلى السادسة صباحا.

نحن، إذن، أمام فوضى حقيقية، بغضّ النظر عمّا سيُقال من أنهم لم يخرجوا إلا لإقامة الصلاة، ولو كانت صلاة التراويح، التي ليست فريضة في كل الأحوال. ولن أطيل في هذه النقطة، بل سأشير إلى مسألة واحدة فقط، ودعوني أصوغها في هيئة سؤال استنكاري: لماذا يستطيع أيّ من يلج منا مسجدا خلال صلاتي الظهر والعصر، أنْ ليس هناك إلا العشرات خلّف الإمام مَن يحرصون على تأدية الصلاة جماعة؟! ثم فجأة، في المغرب، المساجد تقريبا مملوءة عن آخرها.. مجرّد سؤال.

ولْننتقل الآن إلى مراكش، حيث شهد حيّ الداوديات حادثا “هوليوديا” تمثّل في “اختطاف” فتاة من داخل تاكسي في… الشارع العامّ أيضا، وإن كان الخبر قد وصلني في صيغتين، وربما أكثر، وصعب عليّ التمييز فيهما بين الحقيقة والخيال. فحسب الصيغة الأولى للخبر، اختطف مسلّحون فتاة بطريقة “هوليودية” من داخل سيارة أجرة.

وفي التّفاصيل شهد حيّ “التقدم” في الملحقة الإدارية “الداوديات” بمقاطعة جليز، ليلة اليوم، حالة استنفار في أوساط أجهزة الأمن بعد اختطاف ثلاثة أشخاص فتاة بطريقة “هوليودية” من داخل “تاكسي”. واعترض ثلاثة أشخاص من ذوي السوابق العدلية، مدجّجين بأسلحة بيضاء من الحجم الكبير (سيوف) سيارة أجرة صغيرة بين الوحدة الثانية والوحدة الثالثة (دْيور المساكين) وأنزلوا منها فتاة بالقوة  ثم أخذوها إلى وجهة مجهولة.

وقد استنفرت الواقعة أمن مراكش، إذ تنقّل والي الأمن وعدد من المسؤولين الأمنيين إلى مكان الواقعة، الذي يشهد تمشيطا واسعا من أجل العثور على الفتاة المختطفة وإيقاف المختطفين. 

أما الخبر في صيغته الثانية، “المخفّفة” فيقول إن حي التقدم في منطقة الداوديات شهد، ليلة (اليوم) السبت، حادث اختطاف استهدف فتاة في عقدها الثاني (…) وترصّد شخص على متن دراجة نارية صينية الصنع في الحي، قبل ظهور الفتاة، التي قدِمت على متن سيارة أجرة صغيرة، واختطفها بالقوة بعد مقاومة شديدة (…) ووفق المصادر ذاتها فقد تمكنت مصالح الامن من توقيف الشاب المتورط البالغ من العمر 23 سنة، والفتاة البالغة من العمر 18 سنة ، وتمت احالتهما على مصالح ولاية أمن مراكش.

وقد استنفرت الواقعة مصالح الامن بمراكش، حيث انتقلت لعين المكان الشرطة القضائية وعناصر الدائرة السابعة والسلطات المحلية وتم فتح تحقيق في ظروف الواقعة وملابساتها.

مواطنون ينزلون إلى الشارع العامّ من أجل إقامة الصلاة جماعة.. صلاة التراويح، ومواطن (أو ثلاثة) يختطف فتاة في الشارع العامّ.. أية علاقة بين الموضوعين؟!.. رغم أنهما قد يبدوان متنافرَين ولا رابط بينهما، في البداية، فإنهما متشابهان تماما، فالفعلان معا (إقامة صلاة التراويح واختطاف شخص) يندرجان في الإطار نفسه ما داما قد وقعا في الشارع العام، الذي… يُحظر التنقل فيه بعد الثامنة ليلا. نقطة إلى السّطر.

فإذا كان أشخاص، في زواغة أو في غير زواغة، يستطيعون أن ينزلوا إلى الشارع العامّ “خارج القانون” فلا يهمّ الهدف أو الغاية، ما دام توقيته “حرامْ”، إذ لا فرق بين من يخرق قانون الحظر من أجل الصلاة أو من يفعل من أجل الاختطاف. بل ربما كان سلوك الأول أشدّ وقعا وأوخم نتيجة، خصوصا أن هذه الصلاة (وأذكّر للمرة الألف بأنها ليست فريضة ولا ضرورية) ستتمّفي تجمّع، والتجمّع في زمن تفشّي الجّايْحة قد يؤدّي إلى ما لا تُحمد عقباه.. فهمتيني ولاّ لا!؟

**

ملحوظة لها علاقة بما سبق:

“وكانت السلطات الأمنية قد أوقفت صباح اليوم مجموعة من الأشخاص، منهم منتسبون إلى اللجنة المشتركة للدفاع عن معتقلي “السلفية”، لخرقهم حظر التنقل الليلي، الذي أقرّته السّلطات المغربية طيلة رمضان الجاري”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *