عبدو المراكشي

 كما كان متوقعا وضعت المحكمة الدستورية اليوم الجمعة، حدا للجدل الذي أثاره إخوان العثماني وإبن كيران، إزاء ما عرف بمشروع قانون القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، حيث لم تهتم المحكمة،  بـ “التشويش” الذي مارسه حزب العدالة والتنمية، بقدر ما نظرت في الطعن بإلغاء الذي تقدم به لإسقاط القاسم الانتخابي.

 لقد قضت المحكمة الدستورية في قرارها رقم قرار 118/21، القانون التنظيمي رقم 04.21 بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، ليس فيه ما يخالف الدستور، وأمرت بتبليغ نسخة من قرارها إلى رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية، ما شكل صفعة قضائية في وجه مزايدات سياسوية لحزب أصر على إنكار حقيقة خلو هذا القانون من كل ما يمس بجوهر الاختيار الديمقراطي.

المحكمة الدستورية ذهبت في قراراها الشجاع الى التذكير  بأن الدستور (الفقرة الثانية من الفصل الـ62) يسنُد إلى قانون تنظيمي تحديدَعدد أعضاء مجلس النواب ونظام انتخابهم ومبادئ التقسيم الانتخابي وشروط القابلية للانتخاب وحالات التنافي وقواعد حدّ الجمع بينالانتدابات ونظام المنازعات الانتخابية.

والحقيقة أن الرأي العام الوطني مع هذا القرار وغيره بات من يوم لآخر يعرف حقيقة وخلفيات مناورة حزب البيجيدي من وراء الدفع بإسقاط القاسم الانتخابي، رغم أنه نوقش في مجلس حكوميّ.

 ومعروفٌ أن من يترأس الحكومة هو الأمين العامّ للحزب المذكور، فلماذا إذن هذه الازدواجية في المعايير في التعاطي مع الشأن العامّ من قبَل بعض “صقور” الحزب الأغلبي، ومنهم من قُصّت أجنحتهم، ورغم ذلك يواصلون “التشويش” على المشهد السياسي.

ولعلّ مشروع القانون التنظيمي هذا كان سيأخذ مجراه الطبيعي، مثل غيره من مشاريع القوانين عبر الآليات المعروفة، لولا أن جهابذة البيجيدي ابوا إلا الطعن فيه بالإلغاء بعدما عرّض للمصادقة عليه في البرلمان.

وإذا كانت هذه الازدواجية معروفة لدى قادة البيجيدي، فإن وزير الداخلية لم يترك لهم فرصة هذه المرة. فقد وجّه بمناسبة مناقشة هذا القانون البرلمان، رسائل واضحة لمن يهمّهم الأمر، إذ قال إننا كحكومة جئنا بهذا القرار وأنتم من عليكم كبرلمان قبوله أو رفضه…

المحكمة الدستورية تحسم الجدل حول “القاسم الانتخابي”

 

 في الاتجاه نفسه، سار رشيد الطالبي العلمي، القيادي البارز في “التجمع الوطني للأحرار”، حين تساءل في مناسبة حزبية سابقة حول “خلفيات” قبول البعض احتسابَ المشاركة الانتخابية على أساس عدد المسجلين في اللوائح  فيما يرفضون احتساب الأصوات الانتخابية على الأساس نفسه!”.

فالحقيقة التي لا يريد قياديو “البيجيدي” الرافضون لمشروع القانون التنظيمي هي أنّ القاسم الانتخابي لا يخدم مصالحهم باختصار، بقدر ما يخدم توزان المشهد السياسي القائم على التعددية ومنح فرص تمثلية الأحزاب الصغرى في مجلس النواب.

 بيد أن الباجدة يرون في هذا القانون تهديد لمصالحهم الانتخابوية، بما أنهم ألفوا الظفر بعدد من “الكراسي” دون أي وجه حقّ ولا  استحقاق، لذلك هددوا باللجوء إلى القضاء للطعن فيه.

لكن الإشكال هنا أنه ليس في مشروع القاسم الانتخابي ما يخالف الدستور، بالتالي فهي جعجعة أخرى بدون طحين، كما عادة ربابنة سفينة حزب فقدَ البوصلة ويسير  نحو محطة نهاية السير، التي يرجّح أن تكون 2021 .

فها هي المحكمة الدستورية تُقبر مخطّط الإخوان لمواصلة عنترياتهم المفضوحة من خلال التلويح، في كل مناسبة، باللجوء إلى المحكمة كذا أو إلى الهياة كذا كلّما تعلق الأمر بما لا يخدم مصالحهم، التي لم يعد يخفى على احد ان ما يهمّهم من كل هذه الاعتراضات المتواصلة، هو الحفاظ على “بزولة الامتيازات”،  ولو ناقضوا أنفسهم.

رفضت المحكمة الدستورية، إذن، طعن البيجيدي في مشروع قانون القاسم الانتخابي وأنهت رغبته في إسقاط القاسم الانتخابي على أساس المسجلين. فقد تم البتّ في الموضوع، حسب ما أفاد بلاغ للهيأة المذكورة، وفق الفصل 132 من الدستور، الذي تنصّ فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية، وقبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية لتبتّ في مطابَقتها.

كل شيء واضح، إذن فقد جرى التداول في مشروع القانون التنظيمي 21.07 يقضي بتغيير القانون التنظيمي 11.29 المتعلق بالأحزاب السياسية، المحال إلى المحكمة الدستورية، خلال المجلس الوزاري الذي عُقد في 11 فبراير 2021 طبقا لأحكام الفصل الـ49 من الدّستور، وتم إيداعه (في 17 فبراير 2021) بالأسبقية من قبَل رئيس الحكومة نفسِه لدى مكتب مجلس النواب.

وبهذا القرار، تضع المحكمة الدستورية حدا للجدل الذي صاحب إقرار القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، من طرف حزب العدالة والتنمية، الذي صوت ضد مشروع القانون التنظيمي الخاص بمجلس النواب والطعن به في المحكمة الدستورية.

وطالما أنّ صوت المُواطن هو الذي سيحسم الانتخابات، وطالما أن القاسم الانتخابي سيطبَّق، كما شدّد على ذلك الطالبي العلمي سابقا في ندوة صحفية لحزبه،  على جميع الأحزاب بدون استثناء، فلماذا إذن كل هذا الضجيج آ الإخوان؟ .

الحكمة ومصلحة الوطن تقتضي، أن يكف الحزب الأغلبي بعد حكم المحكمة الدستورية بدستورية القاسم الانتخابي، عن المزايدات الفارغة، ويخجل من نفسه وهو يستعد لتقديم الحساب إلى المغاربة عن 10 سنوات عجاف من حكم إخوان العثماني و إبن كيران، بل ويخجل من حجم الاساءة التي وجهها دون أن يحمر له وجه، الى مؤسسة الحكومة والداخلية بمزاعم إستهدافه من خلال القاسم الانتخابي،  وكذا إسائتهم الى صورة الديمقراطية في بلادنا من خلال إدعاء أن هذا القانون يمس بجوهر الاختيار الديمقراطي..

لقد فضحت المحكمة الدستورية، فراغ العقل القانوني لحزب حكم المغاربة لعقدين من زمن الفرص الضائعة، فلا مس بالاختيار الديمقراطي ولا بجوهره في ظل دستور دولة المؤسسات، بوجود القاسم الانتخابي أو دونه،  طالما أن الملك ضامن للدستور والاختيار الديمقراطي والسير  العادي للمؤسسات؟.

إخجلوا يرحمكم الله..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *