ذ. زهرة المنشودي

لماذا هذا الغزو المتواصل لإمبراطورية الجن للمغاربة؟ هل يفكرون في احتلالنا؟ هل هم فعلا طامعون فينا والسكن داخل أجسادنا وأرواحنا؟ لماذا يحلو لهم السكن فينا؟ لماذا هذه الهجرة الشرسة علينا؟ ماذا نملك من دون سكان كوكب الأرض؟!..

كنت أحدّق مشدوهة في ڤيذيو على يوتوب (راقٍ وسيدة منبطحة على الأرض داخل غرفة) أبتلع ذلك السيناريو وأحَكّم عقلي، مُركِّزة على كل حركة وكلمة وقطعة ديكور وهيئة الموجودين داخل المشهد وهمهمات أحيانا كثيرة غير مفهومة من كلا الطرفين وصراخ شديد وتحطيم للأشياء و… قد تجاوزنا هيتشكوك العظيم… يا للإبداع! لماذا لم يتوجا بالأوسكار؟ لماذا لا يتوج الرقاة في المهرجانات السينيمائية العالمية ؟ لماذا لم نرهم على البساط الأحمر؟ إننا فعلا لا نقدّر الإبداع والمواهب الخارقة التي هي بيننا…

الرقاة هم الوهج المضيئ وسط هذا العبث السينمائي الهيوليودي والهندي والعالمي برمته…

الغزو بدأ، وداخل جسد كل واحد فينا يسكن ثلاثة او أربعة من الجن! لا أعرف، هل هي أزمة السكن في مملكة الجان أم هجرة جماعية طوفانية لا تخضع لأي قانون وضعي أو سماوي؟ هم فوق القانون، فوق الدستور، فوق حماة الأمن الروحي بهذا البلد الأمين، بشقيه الوزاري والمجلس العلمي… نحن هنا تحت رحمة الرقاة فقط، الوحيدين الذين يملكون القدرة الخارقة على طرد الغزاة من داخل أجسادنا وبتعريفة خيالية: 10 آلاف درهم لإخراج الجني… 500 درهم للحصة، وهي حصة تعذيب بامتياز.. رفس ولكم وضرب بالعصى ولطم وشدّ الشعر.. وهي عادة حصص متكررة في الأسبوع، حصص تسخينية.. باش الجنّ الكافْر يتّسخسخْ

ويْنزل عليه الراقي ويجيبو حْبل وبونت!

ما معنى أن يضع الراقي يده داخل المنطقة الحساسة للسيدات ويشد بقوة ويصرخ مزمجرا: اخرج أيها الجني الكافر وإلا ساحرقك! وهو يرغي ويزبد؟ زْعْمَا الجن الكافر يسكن في تلك المنطقة بالذات؟ ضاق عليه الجسد واستقر هناك؟ هل فعلا تلك المنطقة صالحة للسكن؟ يوجد فيها مثلا ترف من نوع خاص للجن؟ أم للرقاة؟

ما معنى ان يبْصق في قارورة ماء ويبيعها بخمسمئة دراه؟

هل أفلسنا أخلاقيا ودينيا واجتماعيا حتى يرافق الأزواج زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم وأمهاتهم الى هذه الجلسات الشيطانية ويتركوا أجساد أهل بيتهم عرضة لهذا الدنس والفسوق الجائر؟ ألا يوجد من يتذكر أن رب العزة، الخالق الجبار، الرحيم بعباده، خلق الجن والإنس ليعبدوه، ولا يوجد دليل على أن الله تركنا بين أيدي الجن.. يْعني مسلطين علينا وإلا فإننا لن نكون هنا اليوم أبدا، لفتكوا بنا بعد آدم عليه السلام مباشرة، وهذا يخص كل البشر، كل العالم، كل الارض.

أليس فيكم من يقدر على تلاوة القران على أهل بيته؟ أن يضع قرص مدمج ويستمع.. لا ينقصنا وجود القرآن، هو داخل كل بيت، داخل كل قلب… معنا وفينا، فقط تبا للجهل والجاهلين والجهلة…

الله خلق العلم وأحب العلماء، خلق الأطباء، خلق الأدوية، خلق الموسيقى الهادئة، خلق المشكل وحلّه، لماذا نحن هنا واقفين داخل هذه المتاهة؟ كل تراجع نفسي وكل صراع عائلي وفشل صحي أو شخصي أو كبوة اجتماعية طارئة وخذلان هو العين، الحسد، السحر، الثقاف.. كل مصيبة واضطراب نفسي هو جن يسكننا. يا ليت الله يبعث النبي سليمان مرة اخرى لنرى أفعال الجنّ فعلا!

سنصبح أقوى قوة في العالم، سيفجّرون لنا ينابيع البترول والغاز، سنحكم المجموعة الشمسية كلها، سنستولي على كل احتياطي الذهب والفضة والألماس… لن نبقى كما نحن الآن، مجرد كاميرا خفية، والأجساد عارية وكبت الرقاة وجهل الأهالي…

الراقي يقول لمريض نفسي: لا تأخذ الأدوية التي وصفها لك طبيبك، فالجني الساكن فيك أدمنها! يْعني فقدت فعاليتها معك!

لقد كان الرسول (ص) يستعمل الأدوية التي كانت في تلك الحقبة. الرسول كان يمارس الرقية كابتهال إلو الله وليس كعلاج. والله بعث لرسوله الكريم (ص) صورة الفلق والنَّاس للتخفيف من السحر، وليس كعلاج.

أحد وزرائنا يوما صرّح بأن %41 من المغاربة يعانون من مشاكل نفسية وعقلية.

إن تكلفة العلاج ثقيلة سواء على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي، ما يحد من إمكانية ولوج هذه الفئة من المرضى للعلاج.

الجن هنا استرقوا السمع وخطفوا المعلومة وشرعوا في احتلال الأجساد والمخيلات، والرقاة سحبوا البساط من تحت دكاترة علماء النفس والاجتماع والمختبرات العلمية وعلماء الأدوية والتكنولوجيا المتطورة، وانتشروا كالفطر المسموم واستباحونا تحت ذريعة الدين والشريعة، نحن أمام كارثة أخلاقية وإنسانية ودينية بكل المقاييس.

أتساءل عن المجتمع المدني والحقوقي والمناهضين للعنف والتحرش وحقوق الأطفال والوزارات الوصية وعن رجال الدين المعتدلين والحاملين لكتاب الله.. أتساءل عن نخوة رجال تمازيرت (البلد) عن الطبالين في موسم الحصاد وهجرة اللقلاق والتبوريدة الخاوية.. عن الكتاب والمثقفين و… و… و… هل فعلا نحن مستعمرة للجن؟

كيف للرقاة هذا العلم الخفي الذي وهبه الله للنبي سليمان عليه السلام؟ والذي كان يتحكم فيهم ويحكمهم ويكلمهم ويهابونه، أن يصل الى هذه الجحافل منهم، من دون البشر؟

قال تعالى “قال رب اغفر لي وهب لي مُلكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك انت الوهاب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات
  1. ابحثو في عالم الرقية الشرعية و اسألو اهل التخصص اعني الرقات المعروفين و المخلصين في الميدان ،ابحثو اكثر