من إنجاز: هدى عاصم، عبد الرزاق باديق، وسيم الغبوري، ليلى الريوي، أيوب رخيم، وسعد أهريش.
وتحت إشراف: المديرة بهاء ملولي والأستاذة منية رياضي وتأطير الأستاذة: زينب الجمور
تعرف مدينة الدار البيضاء توسع عمراني و حضري دائم، ولهذا لابد أن من السعي للحفاظ على الأوساط الطبيعية الموجود بها، بل وخلق مستمر لمساحات إضافية خضراء من أجل مواجهة الأخطار البيئية الحالية و المستقبلية.
لكننا تفاجأنا جميعا أن هناك بعض الجهات الخاصة تسعى للقيام بعكس ذلك، متجاهلة الأخطار التي قد تلحق بالتوازن الطبيعي في الجهة، و ذلك من خلال سعيهم لتحويل ضاية دار بوعزة إلى منطقة عمرانية. الشيء الذي سيؤدي إلى موت مختلف الكائنات الحية فيها. ضاربين بذلك عرض الحائط كل المجهودات الوطنية للحفاظ على الأوساط الطبيعية.
لوحة تعريفية لضاية دار بوعزة
لنتعرف على ضاية دار بوعزة:
تعتبر ضاية دار بوعزة من المناطق الرطبة و التي تشكل منظومة بيئية تتعايش داخلها عدد كبير من الكائنات الحية. تقع هذه الضاية على بعد 15 كيلومتر جنوب غرب الدار البيضاء، بمدخل دار بوعزة بين المحيط و الطريق الساحلي لأزمور، مساحتها 13 هكتار، و طولها كيلومتر واحد، أما عرضها 150 متر. مصدر مياه هذه الضاية هو الأمطار من فصلي الشتاء و الربيع إضافة إلى المياه الجوفية المنبثقة من منبعين على شاطئها الجنوبي.
تعتبر هذه المنطقة من آخر المناطق الرطبة الساحلية الطبيعية في الجهة. و تعرف شعبية كبيرة لدى علماء الطبيعة و مصوري الحياة البرية الذين يأتون من أماكن بعيدة لزيارتها.
أهمية ضاية دار بوعزة و قيمة التنوع البيولوجي فيها:
تعتبر ضاية دار بوعزة آخر المياه الطبيعية في المنطقة حيث يستفيد من خدماتها السكان، و لها تأثير إيجابي على النظام البيئي و التنوع البيولوجي . فهي تعيد تغذية المياه الجوفية و مكافحة الفيضانات إذ تعتبر الضاية اسفنجة أو نظام طبيعي للسيطرة على الفيضانات، بسبب طبيعة الأراضي التي تمكنها من استيعاب مياه الأمطار و تقليل كمية الماء التي تصل إلى الأنهار والجداول. كما أنها تكافح التلوث عبر التخلص من النيتروجين و الفوسفور و تحسن جودة المياه و كذا امتصاص غاز ثنائي أكسيد الكربون. و منه فهي تساهم في التصدي لظاهرة التغيرات المناخية بالحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
و بحديثنا عن التنوع البيولوجي فهذه الضاية تتميز بـ180 نوع من الطيور بعضها نادر و مهدد بالانقراض .نذكر منها ( الونس الأشقر، عفاس اصدا، غرة قرناء، غرة سودا، مرزة المناقع….)، إضافة إلى أكثر من 120 نبات، (مثال: ريحان الماء، السمار، القصب، نوار الماء، الحيار…) كما تأوي عدد كبيرا من الحشرات: منها اليعسوب القرمزي ، أدميرال أحمر، فراشة أبو الهول، عث مقدس. إضافة الى العديد من الحيوانات الأخرى….
هذا الغنى في التنوع البيولوجي يجعل هذه الضاية من أغنى الأنظمة الإيكولوجية على النطاق العالمي.
الأخطار التي تواجه ضاية دار بوعزة:
يجدر الذكر أن وتيرة النمو العمراني التي تشهده منطقة دار بوعزة يؤثر سلبا على الضاية إذ لا يحترم أغلب المنعشين العقارين دفتر التحملات في هذا الجانب كما تعاني هذه الضاية من التجفيف الناتج عن رمي مخلفات البناء كالأتربة. كما يتم نهب مستمر لرمال الشاطئ المحيطة بها مما يعرضها للتلف الممنهج في غفلة من المسؤولين الترابين للمنطقة.
كل هذه الأخطار المدمرة للبيئة تشكل ضغط إضافي ، في الوقت الذي تعرف فيه مواردنا المائية نذرة غير مسبوقة بسبب التغيرات المناخية التي أدت إلى ارتفاع في درجات الحرارة وشح في التساقطات المطرية معتبرين أن ما تتعرض له هاته المنطقة الرطبة من تدهور ناتج عن سوء تدبير.
وما شكل الضربة القاضية هو الحكم القضائي الصادر بتحفيظ الضاية، لصالح شركة خاصة ليتم بعده تحويل هذا الوسط إلى مشاريع سكنية. هذا الحكم رافقه حكم آخر بالإعدام على 180 طير و 120 نبتة، دون الانتباه لذلك يشكل.
و لمناقشة هذا المشكل تم إجراء اتصال هاتفي مع عضو المكتب التنفيذي للإتلاف المغربي من أجل المناخ و التنمية المستدامة السيد المهدي جماع، لتوجيه مجموعة من الأسئلة.
س: ما هي الإجراءات التي قام بها الإتلاف المغربي للمناخ من أجل إنقاذ الضاية؟
ج: لقد أخذنا على عاتقنا مسؤولية مواجهة مافيا العقار ،و ذلك من خلال التنسيق مع مختلف المنظمات البيئية، إضافة إلى مراسلة القطاعات الحكومية التي لها علاقة وطيدة بهذا الإشكال باعتبار الحكم الصادر هو تحدي لمؤسسة الدولة المكلفة بحماية وكل يقوم بما هو مخول له.
فقد قامت مديرية البحث والتخطيط المائي باستقبال آراء الساكنة ومنظمات المجتمع المدني، في مقر جماعة دار بوعزة بعد وضع كناش “لاستقبال الآراء” يتم التوقيع عليه.
و قد عين الحوض المائي لواد سبو، التابعة له هذه الضاية، محام للدفاع عن تبعيتها القانونية للحوض، على اعتبار أنها ملك عمومي لا يمكن قانونا تمليكه للأفراد الطبيعيين، وفق ما ينص عليه التشريع المغربي بشكل واضح لا لبس فيه، وفق تأكيدات قانونيين متخصصين في المجال.
و قمنا مع العديد من الجمعيات ببعث رسالة إلى الملك محمد السادس لمناشدته للتدخل لإنقاذ هذه الضاية.
هل كان هناك تعاون من طرف الجهات المسؤولة؟
ج: نعم كان هناك تجاوب من وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء إذ شكلت فريقا من كبار الخبراء القانونيين من أجل العمل على وضع إستراتيجية قانونية عاجلة لحماية ضاية دار بوعزة، والعمل على إتباع كافة الإجراءات القانونية المتاحة لاستعادتها. كما أن المغرب وبعد توقيعه على اتفاقية (رامسار) سنة 1982، حرص على تنفيذ مخططاته الاستراتيجية بالانخراط في سياسة المحافظة والتنمية المستدامة للمناطق الرطبة عن طريق تضمينها في المخطط المديري للمناطق المحمية وتجهيزها بالآليات والأدوات اللازمة لتحقيق التدبير المستدام لهذه المناطق.
هل تم إدراج ضاية دار بوعزة ضمن المناطق المحمية في اتفاقية رامسار؟
ج: لا لم يتم إدراجها لحد الساعة ، لكننا نرجو أنه بمجرد حل المشكل الحالي المطروح ، سيتم إدراجها لحماية التنتوع البيولوجي الكبير بها.
حاولنا بدورنا كتلاميذ إعطاء رأينا للمساهمة في حماية دار بوعزة من خلال المشاركة و في الإستطلاع الذي نظمته مديرية التخطيط المائي، لكننا و جدنا انه قد تم إيقافه و تم أيضا منع الزيارات للضاية بسبب المشاكل المطروحة. و لهذا سعينا لتنظيم مجموعة من الحملات التحسيسية بالمؤسسة و توزيع مطويات للتأكيد على أهمية التنوع البيولوجي بهذه الضاية.
في انتظار إنقاذ هذه الضاية يجب على كل فرد من أفراد المجتمع أن يتحمل مسؤوليته و إنقاذ حياة مئات الكائنات الحية، و معرفة أنه غياب حلقة واحدة من الشبكة الغذائية في وسط طبيعي كفيل بأن يخرب المجموعة ككل فما بالك بتخريب وسط بأكمله، له خصائص بيولوجية و تنوع بيولوجي فلا داعي أن نتخيل مصير المدينة بل العالم ككل دون تنوع بيولوجي.
صورة مع الأستاذ أيوب زايد عضو بمكتب الإتلاف المغربي من أجل المناخ