محمد نجيب كومينة

غاب مند مدة بسبب السن والمرض وترك المجال الخاص به في الساحة الفنية المغربية فارغا.. حميد الزاهر يبقى قامة كبيرة من قامات الفن المغربي. أغانيه “آش اداك تمشي للزين” و”للا فاطمة” و”اليوم ليلة الخميس”… تتردد اليوم في أكثر من مكان وتنشر الفرح وتُطرب.

في بداية الظاهرة الزاهرية، التي خرجت من الحلقة في جامع الفنا، ظهر منافسون في مراكش، أشهرهم صاحب الصوت الرخيم سالم أبابا، الذي فتح هو أيضا دكانا في درب ضباشي، بجوار دكان “الگمان”. لكن حميد الزاهر بقي ظاهرة فريدة. وعدا الغناء والتلحين لنفسه، لزجليات محمد بنفايدة، فقد لحّن لغيره أغانيَ ذات طابع مرح وغناها قنبر “أنا واياك يا اكحل العيون” ومحمد اگعير، الذي أعد له أكثر من أغنية، أشهرها “عْندي ثلث أولاد ضاصرين” و”باغي يْتزوج”، وهي أغانٍ قريبة، مضموناً وهدفا، من أغانٍ أداها الممثل الكوميدي الكبير، المراكشي أيضا، محمد العمري وحملت بصمة الفنان الخالد أحمد الطيب العلج، إذا لم تخنّي الذاكرة…

إن الاشتغال على التراث وعلى الإيقاعات المغربية قادر على إنتاج ظواهر فنية جميلة مجددة وقابلة للرواج، بدلا من ضجيج وهبوط ما يسمى “الشعبي” اليوم، والذي لا يرقى إلى ماكان عليه الشعبي، بل يهبط به إلى أدنى المستويات ويجعله مجرد تكرار ممجوج، حتى ولو جر جمهورا كبيرا تجلبه الهستريا الجماعية ويعاني من تردي الدوق الفني بسبب تأثير قنوات “الجمهور عايز كذا”، التي يتولاها رجال يدبرونها بعقلية تجارية، ولا تشغلهم المسؤولية الإعلامية والثقافية والفنية ويفتقرون إلى الذوق بكل تأكيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *