رشيد نيني

 

عندما أرى التحديات والمخاطر التي تواجه المغرب، وأنظر إلى انشغالات السياسيين عندنا، أشعر بالحزن على بلدي.

لدينا جار متهور يسلح ويمول تنظيما مسلحا في الصحراء ويستقبل زعيم هذا التنظيم الذي أعلن الحرب على المغرب، لدينا حرب مفتوحة مع لوبيات في واشنطن وبروكسل تمولها الجزائر لضرب وحدة أراضي المغرب واقتصاده، لدينا تنظيم كحماس وآخر كحزب الله يتحرش بأمن المغرب ويكيل له تهم الخيانة والعمالة، وعندما ننظر ناحية السياسيين المغاربة ماذا نجد؟

نسمع رئيس الحكومة السابق الذي يتقاضى معاشا قيمته سبعة ملايين شهريا يتحدث عن مؤامرة عالمية اسمها الربيع العربي كما لو كان قشة الخلاص لهذا العالم العربي، مع أنه يرى نتائج هذا الربيع في مصر وسوريا وليبيا وتونس واليمن وغيرها من الدول التي مرت منها رياحه المدمرة وحولها إلى دول فاشلة تتدخل فيها القوى الخارجية وتحكمها شركات النفط والغاز .

وبينما يتلو بنكيران مرثياته على الربيع العربي نرى السياسيين الآخرين موزعين بين من يقدم استقالته ويتراجع عنها وبين من يقوم بحملة انتخابية استعدادا للعودة من النافذة بعدما سيخرج من الباب.

ما قاله رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي عندما دعا إلى تأسيس اتحاد مغاربي جديد بدون المغرب وموريتانيا يعكس درجة السعار الذي أصاب حكام الجزائر.

نحن نعرف أن تونس تعيش عالة على الجزائر، وقد كنا نتمنى أن تنجح التجربة التونسية التي تعتبر مهد الربيع العربي، لكن اتضح أن تونس انضمت إلى ركاب الدول الفاشلة في الشمال الإفريقي بسبب السياسات العمومية والاختيارات السياسية التي اتخذها الحزب الحاكم، ولذلك فالأجدر بهم أن يسموا اتحادهم باتحاد الدول المغاربية الفاشلة.

فتونس يعتقد رئيسها أنه سيسيرها بالبلاغة والفصاحة، وينسى أنه على رأس حكومة لا برنامج ولا مشروع لها غير الكلام المنمق الذي لا يشغل عاطلا ولا يمنح الخبز لجائع. وربما سيجد هذا الرئيس نفسه معزولا عندما سيتأكد للجميع أنه فاقد للبوصلة.

تونس دخلت في دوامة سيصعب عليها الخروج منها، نعم هناك عدد لا يحصى من المنابر الإعلامية والأحزاب والنقابات والجمعيات، لكن هل سيأكل الناس حرية التعبير عندما سيجوعون؟

ويكفي أن ترى كيف يتغاضى القضاء عن لصوص المال العام الذين فقروا الشعب التونسي فيما يحكم على شباب بثلاثين سنة سجنا بسبب تدخين لفافة حشيش. إن هذا الحكم لوحده يلخص حالة التخبط التي أصبحت تعيشها تونس، إذ ليس هناك تناسب بين الأحكام والواقع، مما يدل على أن الذين يقودون البلد فقدوا البوصلة.

ولكي نفهم ما يجري اليوم علينا وضع استقبال تبون لزعيم جبهة البوليساريو في سياقه الصحيح. فحكام الجزائر بسبب إفلاسهم السياسي والاقتصادي يواجهون صحوة شعبية تدعوهم إلى التنحي، وتشير بأصابع الاتهام للجيش وتسمي الجنرالات المسؤولين عن الأزمة بأسمائهم وتنعتهم بالعصابة. وبما أن الوضع الاجتماعي في الجزائر مقبل على الانفجار فإن حكام قصر المرادية يبحثون بكل الوسائل لاستفزاز المغرب لكي يرد عليهم ويجدوا المبررات الكافية لإعلان حالة الطوارئ في البلد بذريعة أنهم يجب أن يتوحدوا ويؤجلوا خلافاتهم لمواجهة العدو المشترك الذي هو المغرب.

يعني كما يقول المغاربة “باغين يجيبو سبتهم علينا”، فحالهم يشبه حال ذلك المريض المشرف على النهاية والذي يريد أن يحمل جاره مسؤولية وضعه الصحي المزري.

لذلك بادر تبون إلى استقبال إبراهيم غالي زعيم البوليساريو استقبالا رسميا كمحاولة يائسة منه لإثارة المغرب حتى ترد الرباط على هذه الخطوة. والواقع أن أحسن جواب يمكن أن ترد به الرباط هو التجاهل التام، أو بعبارة أوضح “النخال، لأنهم لن يتركوا أي شيء يمكن أن يستفز المغرب دون القيام به، خصوصا في هذه الظرفية الحرجة التي تجتازها الجزائر.

وقبل استقبال تبون لغالي سبق أن صرح بعد عودته من رحلة العلاج بألمانيا بأن الصحراء آخر مستعمرة في إفريقيا، أي أنه وصف المغرب بالقوة المحتلة، وهو عندما يستقبل زعيم جبهة البوليساريو فإنه يستقبل زعيم عصابة أعلنت الحرب من جهة واحدة على المغرب، مما يضعه في خانة حليف قوة معادية لسلامة وأمن المملكة.

لهذا على سياسيي بلدنا أن يصحوا من نومهم وأن يفهموا أن التحديات والمخاطر التي يواجهها المغرب أكبر من كرسي في بلدية أو مبنى البرلمان أو مقر الحكومة.

marche verte 2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *