*محمد حفيظ
أثارني تصريح لنائب رئيس مجلس مدينة الدار البيضاء، المكلف بالبنية التحتية، تفاعلا مع الفيضانات التي شهدتها العاصمة الاقتصادية خلال هذين اليومين، وكبدتها وساكنتها خسائر كبيرة.
لقد سارع هذا المسؤول إلى التنصل من المسؤولية وحمَّلها إلى شركة “ليدك”، الشركة المفوض لها تدبير قطاع التطهير السائل. فقد قال دون أن يرف له جفن: “إن مسؤولية الشركة ثابتة، لأنها هي التي تسير القطاع”.
ووضع نفسه في موقع الطرف المحايد الذي يصدر الأحكام، وتحدث كما لو أنه سلطة قضائية، حين قال: “سنستمع إلى شركة “ليدك”، غدا الجمعة، وسنصدر الحكم، هل هي المسؤولة أم لا عن الملف؟”!! (نقلا عن موقع مغربي).
ماذا إذا دفعت “ليدك” هي الأخرى بأنها غير مسؤولة وهذا هو الظن الغالب، كما عهدنا ذلك، حيث ستستعرض “المنجزات” التي قامت بها، وستؤكد أنها احترمت كل ما ينص عليه عقد التدبير المفوض.
حينها لن يجد صاحب هذا التصريح غير السماء ليُحَمِّلها المسؤولية؛ فهي التي أطلقت علينا هذه السيول العارمة من الأمطار. 
ما الذي ننتظره من مثل هؤلاء الذين يباشرون مسؤولية التسيير ولا يريدون أن يتحملوا مسؤوليتهم عن الكوارث التي تحل بنا بسبب تدبيرهم السيئ؟
لكم أن تتخيلوا كيف سيكون كلامه لو لم تتحول هذه الأمطار إلى كارثة على المدينة وعلى ساكنتها ومرت بسلام دون أن تغرق أحياء بكاملها وتكبد السكان خسائر كبيرة في ممتلكاتهم وتتضرر منها العديد من الطرقات والبنيات التحتية…
فلا تستبلدوا ساكنة الدار البيضاء بتقاذف المسؤولية بينكم وبين الشركة الفرنسية. فالناخبون انتخبوكم أنتم ولم ينتخبوا شركة “ليدك”. وتفويضكم التدبير لهذه الشركة أو لغيرها لا يعفيكم أبدا من المسؤولية.
أنتم المسؤولون، وأنتم الذين تتحملون مسؤولية ما جرى. والمسؤولية هنا ليست فقط سياسية أو إدارية، إنها مسؤولية جنائية كذلك. فالأمر يتعلق بالمليارات التي انتزعت من جيوب البيضاويين ومن أموال المغاربة وَوُضِعت تحت تصرفكم.
يومان فقط من المطر كشفا فساد سنين من التدبير. كنا ننتظر المطر ليجلب الخيرات، ولكنه أصبح يأتي ليقدم لنا شهادة حية على حجم الفساد المستشري.
*أستاذ جامعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *