غيثة الباشا
على الرغم من الالتزامات التي قطعتها الدولة على نفسها وأعلنت الحكومة عن مواكبة تنزيلها، بخصوص إنخراط القطاع البنكي في التخفيف من آثار الأزمة على الاقتصاد المغربي، وتيسير الأفراد والمقاولات للحصول على القروض البنكية، إلا أن الواقع يصطدم بتعقيداتتواجه طالبي القروض، تفرغ مجهودات الدولة والحكومة في تحفيز القطاع البنكي للعب دور حيوي في إخراج البلاد من تابعات الأزمة.
بنوك الفيتو
“الحكومة كتقول لينا سيرو للبنوك خذوا القروض وشيروا السكن واستفادوا من تحفيزات وإعفاءات التحفيظ والتسجيل، لحلحلة ركود سوقالعقار، ولكن البنك ما عطاتنيش لكريدي“. هكذا تحدث إطار شاب بشركة في القطاع الخاص، إلى جريدة le12.ma ، حول ما وصفها ب“محنة لكريدي“.
وأضاف عبد الله المراكشي:”لقد توجهت إلى فرع البنك الذي قضيت أكثر من عشر سنوات زبونًا له من أجل الاستفادة من قرض سكن لايتجاوز 25 مليون سنتيما، ورغم أن راتبي يتجاوز 6000 درهمًا، ومسجلًا بالضمان الاجتماعي منذ سنوات دونما إنقطاع، ورغم أننيتقدمت بملف متكامل للحصول على القرض إلا أن البنك رفض الملف“.
وعن سبب يورد المراكشي (إسم مستعار) :”لقد أكد لي مسؤول بفرع البنك أن هناك توجه ربما من لدن عدد من الأبناك نحو التشدد في منح القروض بسبب حالة عدم اليقين التي تحيط بالوضع الصحي في بعديه الوطني والعالمي، وهو ما قد يتغير مع تدخل بنك المغرب لاقرار تخفيض جديد لسعر الفائدة الرئيسي“.
تفعيل بعض الأبناك، ل“فيتو” المخاطر لرفض طلبات منح القروض للزبناء، لم يشتكي منه زبناء من مكونات الطبقة المتوسطة، بقدر ما تشتكي منها، المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي وجدت نفسها أمام عقبات كثيرة للحصول على قرض بنكي.
على عكس، ذلك نجد مجموعة القرض الفلاحي المغرب، أعدت حزمة إجراءات لتيسير الحصول على القروض للفلاح وغير الفلاح.
شكون لي مقصود؟
فهل تنتظر الابناك غير المنخرطة في هذه المحطة المفصلية في دعم و إنجاح الإقلاع الاقتصادي، تدخل بنك المغرب عبر خفض سعر الفائدة الرئيسي، لتحفيزها على عدم التشدد في تفعيل بند المخاطر لمنح القروض للمستهلك؟ أو أنها سعت لذلك بأكثر من وسيلة، هكذا يبدو الأمر ربما !.
فعلى بعد أيام قليلة من الاجتماع الفصلي الأخير لمجلس إدارة بنك المغرب برسم سنة 2020، وهو موعد ينتظره بفارغ الصبر صناع القرارفي القطاعين العام والخاص، لا يستبعد العديد من المحللين والخبراء سيناريو الإعلان عن خفض جديد في سعر الفائدة الرئيسي المستقرحاليا في 1.5 في المئة.
والواقع أنه بعد إجراء تخفيضين متتاليين في الفصلين الأول والثاني من عام 2020، بمقدار 25 نقطة أساس و50 نقطة أساس على التوالي،ثم تجميد مؤقت في الفصل الثالث، فإن هذا الإجراء، في حال اعتماده، من شأنه أن يؤدي، على وجه الخصوص، إلى التخفيف من الآثارالسلبية لأزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19) على البنوك ودعم الإقلاع الاقتصادي بشكل أكبر.
ماذا في مذكرة التجاري؟
وأكد “التجاري غلوبال ريسيرش” (Attijari Global Research) وفق قصاصة للاماب في أحدث مذكراته “بادجت فوكوس” (Budget Focus) بعنوان “الخزينة: لجوء مكثف للسوق المحلية “أن “حالة عدم اليقين التي تحيط بالوضع الصحي والضغوط الناجمة عن ذلك علىالمالية العامة تغذي التوقعات التصاعدية بشأن أسعار سندات الخزينة”.
ووفقا لمحللي “التجاري غلوبال ريسيرش”، فإن هذا الارتفاع في أسعار السندات متوقع بشكل أكبر لأنه “من المرتقب أن تكون ظروفالتمويل الدولية أقل ملاءمة في عام 2021 بعد عمليات خفض التصنيفات السيادية للعديد من البلدان الناشئة”، مشيرين، في هذ السياق،إلى أن الخزينة ينبغي أن تركز بشكل أكبر على السوق المحلية، على الأقل خلال الفصل المقبل.
وهكذا، أمام هذا الاتجاه التصاعدي الجديد في أسعار الفائدة، فإن خفضا إضافيا لسعر الفائدة الرئيسي لبنك المغرب خلال الاجتماعالقادم هو سيناريو “غير مستبعد”، حسب محللي المؤسسة التابعة “للتجاري وفابنك”، مبرزين أن الهدف هو “تقديم دعم أكبر لإقلاع الاقتصاد المغربي من خلال تمويل منخفض التكلفة”.
وتوقع “التجاري غلوبال ريسيرش” في هذه الوثيقة، أن تستقر احتياجات التمويل الخام للخزينة بحلول نهاية عام 2020، في 45.8 ملياردرهم، مكونة من رصيد تمويل عجز الميزانية وكذلك من متأخرات الخزينة المقدرة بموجب قانون المالية المعدل بـ 26.7 مليار درهم، ومن مدفوعات الخزينة المتبقية في متم سنة 2020، التي تم تحقيقها حصريا في السوق المحلية، لتصل قيمتها إلى 19.1 مليار درهم.
إن لجوء الخزينة إلى السوق الداخلية، تضيف الوثيقة، قد يصل إلى 31.9 مليار درهم، أي 16 مليار درهم في المتوسط بنهاية العام؛ وفقالتحليلات التي تشير في هذا السياق، إلى أن الضغط على المالية العامة ينبغي أن يقود، بشكل مسبق، إلى الرفع من مستويات نسب العوائد الأولية.
سعر الفائدة الرئيسي، قرار مرحب به !
ويرى الخبير الإقتصادي والمتخصص في سياسة الصرف عمر باكو، أن قرار خفض سعر الفائدة الرئيسي “سيكون موضع ترحيب”،متطرقا في هذا الصدد إلى ثلاثة أسباب رئيسية.
ووفقا للسيد باكو، فإن هذا الإجراء سيساعد في التخفيف من الآثار السلبية لأزمة كوفيد-19 على الوضع المالي للبنوك، وبالخصوص الخفض الكبير في مصادر التمويل المجانية والودائع تحت الطلب بعد عمليات سحب الأموال المكثفة من طرف الزبناء، وزيادة نسبة الديونالحرجة، وتباطؤ الإيرادات الناتجة عن الخدمات المالية التي تقدمها المؤسسات المصرفية.
ويضيف الخبير الاقتصادي أن خفضا جديدا في السعر الرئيسي سيجعل من الممكن، من خلال تحسين الوضع المالي للبنوك وتكلفة إعادة تمويلها، تخفيض تكلفة الائتمان وبالتالي تسهيل ولوج الأسر والشركات؛ مشددا على أن هذه التسهيلات من شأنها أن تخفف من الآثارالسلبية للجفاف والأزمة الصحية على النشاط الاقتصادي العام، وبالتالي تحسين القدرة الشاملة للاقتصاد المغربي.
ويعتقد الخبير الاقتصادي أيضا أن هذا الإجراء لا يغطي أي مخاطر انزلاق فيما يتعلق بالمعايير العامة للسياسة النقدية، أي مخاطرالتضخم الإضافية ومخاطر انخفاض الأصول.
وقال إن “مخاطر التضخم، أي زيادة الأسعار الداخلية، هي في الواقع ضئيلة للغاية، إن لم تكن معدومة (بل على العكس من ذلك، فإن الانكماش هو الذي يخيم على الاقتصاد المغربي حاليا). ويرجع ذلك إلى آفاق تباطؤ في النشاط الاقتصادي نتيجة تداعيات أزمة كوفيد-19،واستقرار أسعار النفط، فضلا عن ركود الطلب الإجمالي للأسر”.
وفي ما يتعلق بمخاطر انخفاض الأصول الاحتياطية، أوضح السيد باكو أنها تبقى ضئيلة أيضا، عازيا ذلك أساسا إلى الانخفاض المتوقع مستقبلًا لمصاريف النقد الأجنبي الملازم المرتبط بتراجع المكون الرئيسي لهذه النفقات، وهو الواردات، التي تمثل 70 في المئة في المتوسطلإجمالي نفقات المغرب من العملات الأجنبية، ومرد ذلك أساسا إلى ضعف انتعاش النشاط الاقتصادي وزيادة الرسوم الجمركية، وكذلك إستقرار أسعار المنتوجات الطاقة.
خلفيات تخريجة “الريسك“
هل لجأت بعض البنوك الى تخريجة فيتو المخاطر من أجل “تبرير” رفض طلبات مغاربة الطبقة المتوسطة لقروض السكن تحديدًا، للضغطعلى بنك المغرب من أجل خفض سعر الفائدة الرئيسي الى ما دون 1,5 في المائة؟. بمعنى آخر :”واش بعض حيثان القطاع البنكي يريدونالاقتراض من بنك المغرب بسعر الفائدة الرئيسي الى ما دون 1,5 في المائة، باش يبيعوه للمستهلك بنسبة فائدة تقارب 4,7 في المائة لعدم الإفراط في إستعمال فيتو “الريسك” ( كالخوف من فقدان الزبون الشغل مثلا ) في وجه طلبات القروض؟!.