سعيد بلفقير

هما في المقهى منذ ساعة.. وحدهما يجلسان في صف الكراسي المشرف على الشارع، يراقبان كل شيء، السيارات والنساء والمتسولين والباعة المتجولين، تقريبا كل شيء، وقبل ذلك تحدثا عن كل شيء حتى أعياهما التحليل وقراءة ما بين السطور، ويبدو أنهما افتقدا كثيرا أجواء الجامعة المفتوحة على كل شيء.

على بعد كرسي رمى الرجل الستيني جسده المنهك رافعا يده بطلب قهوته المعتادة.. هو لا يعرفهما وهما أيضا لا يعرفانه، أخرج علبة سجائره الرخيصة وهم بإشعال واحدة فسمع صوت أحدهما يتأفف فأعادها لمخبئها على مضض.

صاحب النظارات الشمسية إنتصب في جلسته منتشيا وكأنما حقق إنجازا بينما فتح صديقه بابا جديدا للنقاش.

أيهما أفضل لنا، ترامب أم بايدن؟

حمي الوطيس بين الشابين وكل منهما يبرر ويعلل ويحاول إقناع صاحبه بينما ولدت ابتسامة بكر على شفاه الشيخ، ابتسامة كلما اشتد النقاش زادت اتساعا.

أعياهما الحديث من جديد فلاذا بالصمت الأول.

من الأفضل، فدرير أم نادال؟

ألقى السؤال دون أن يكلف نفسه عناء النظر إليهما، لكنهما التفتا معا ثم تبادلا النظرات قبل أن يخوضا في موضوع جديد.

مرت دقائق وهما في جدال ومفاضلة بين فدرير ونادال، بين لاعبي تنس أحدهما سويسري والآخر إسباني ولم ينتبها حتى وقف الشيخ يهم بالإنصراف لينتبها أنه لم يدل بدلوه في موضوع كان من فتحه بسؤال.

فسأله أحدهما وأنت من تفضل نادال أم فدرير؟

بالنسبة لي أفضل أن أدخن سيجارتي بعيدا، نادال وفدرير وترمب وبايدن كلهم بالنسبة لي أفضل منكما، على الأقل لم يمنعني أحدهم من تدخين سيجارتي.

وقبل أن يستوعبا ما حدث وضع بضعة دراهم على الطاولة قرب الفنجان الفارغ ونظر إليهما لأول مرة وقال: من يحب التنس لا يهمه من يفوز ومن يحب أمريكا لا يهمه من الرئيس وأنا أحب التنس وأمريكا.

*كاتب صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *