جواد مكرم 

أعاد حادث مقتل القائد المربي الحبيب الهراس أول أمس الثلاثاء بسجن تيفلت (2)، على يد الإرهابي المدعو “الهيش”، إلى الواجهة قضية علاقة السجان بالمسجون.

في هذه الورقة يحكي محمد رفيقي، الملقب سابقا بإسم” الشيخ أبو حفص”، وهو محكوم سابق في قضية أحداث الدار البيضاء الإرهابية، بالدارجة المغربية، جزءا من قصصه مع حراس عدد من السجون، تنشرها الجريدة الإلكترونية Le12.ma ، كما دونها رفيقي والبداية من هنا:

السجانون في شهادة “الشيخ” 

“العلاقة مع حارس السجن هي علاقة معقدة جدا، بحكم تجربتي الطويلة مع مئات حراس السجون هو من ناحية السجان هو لي تيغلق عليك الباب أو بعبارة حباسية: تيضرب عليك الساروت، واحدة من أقسى اللحظات في حياة كل مسجون”. يقول رفيقي.

وأضاف رفيقي، الذي يعد من التجارب الناجحة وطنياً ودولياً في مراجعة الأفكار المتطرفة والإندماج في الحياة العامة،”حارس السجن هو لي تينفذ فيك أوامر الإدارة لي تتشوفها ظالمة وتعسفية، حارس السجن يقدر يحول حياتك تما لجنة أو جحيم..”.

ومضى  قائلا :”ومن ناحية أخرى حارس السجن هو أكثر شخص ماشي مسجون تتشوفو تتلاقاه يوميا، تتطلب منو يقضي ليك أغراض، تيعاود ليك اش واقع برا، تيعرف عائلتك والديك زوجتك ولادك، وتتعرف عليه امور كثيرة فحياتو، تتنسح معاه علاقات إنسانية أكثر من اي شخص اخر”.

ولفت رفيقي النظر في تدوينة له إلى نقطة جوهرية في الموضوع حين يقول في:”صحيح كاينين حراس السجن لي ممربينش، ولي تتيعاملو ماشي فقط بالقانون لي سربيس ديالو خصو ينفذو، ولكن تيستغل السلطة الممنوحة ليه باش يخرج عقدو وأمراضو، ويمارس الظلم والاعتداء..”.بيد أنه سيستطرد قائلا :”ولكن كاينيين بزاف د حراس السجن مربيين وولاد الناس”.

ويتذكر زمن السجن بقوله  :”من حسن حظي أنهم أكثر من تلاقيت، منساش الحراس لي ف ظروف جد مشددة دارو معاايا أمور كان ممكن تفقدهم وظيفتهم ولو انها امور إنسانية “.

 حراس السجن لي كانو ف الباب لكحلة

“منساش موظف السجن لي كان تيدير جهدو كامل وهو تيفتح أو يغلق الباب بلا منسمع الساروت تدور؛ منساش حراس السجن لي كانو ف الباب لكحلة وكانو تيعاملو عائلتي بكل رقي واحترام”، يورد المصدر نفسه.

“منساش حارس السجن لي كان تيديني للمستشفى او ترانسفير وغي نخرجو معا الباب يحيد لي المينوط ويقول ليا : عندنا فيك الثقة الكاملة وميمكنش تخرج لينا على رزقنا، منساش حارس السجن لي فينما يشوفني تيقول لي تيألمني منضرك هنا الله يفرج عليك..”.

في بوحه الجريء كالعادة يورد رفيقي:”خرجت من السجن وتلاقيت عدد منهم، لا من هادوك القلة لي كانو خايبين وحسو بالحرج، ولا من الطيبين لي جاو وسلمو عليا بكامل الاحترام والمحبة..”.

 محمد رفيقي، الذي يعد اليوم من أشهر المنورين العرب سيستحضر شهيد سجن تيفلت قائلا :الله يرحم حارس سجن تيفلت ويصبر أهلو ووليداتو ويعوضهم على هاد الفاجعة”.

قصة السجان والسجين ورحلة “الترانسفير”

بعد هذا البوح، عاد محمد رفيقي إلى حكي قصة أخرى مع حراس السجن، وهذه المرة خلال رحلة “ترانسفير” من سجن عكاشة بالدار البيضاء، إلى سجن عين قادوس بفاس.

يقول رفيقي، “غنحكي عن بعض القصص لي وقعات لي مع حراس السجن، كنت بسجن عكاشة وغيديوني لسجن بوركايز بفاس، وكان لي مكلف بترحيلي دركي وحارس سجن، ركبوني ف السيارة وغاديين بيا”.

مضيفا، “واضح أنهم معرفونيش واخا قراو الاسم لأني مكنتش معروف باسمي الحقيقي، دارو لي المينوط كالعادة، يالله شدينا لوتوروت قالو لي حكي لينا المونتيف ديالك نشدو بيه الطريق”.

يواصل رفيقي سرد الحكاية بقوله: “بديت تنحكي ليهم التفاصيل، وهوما وجههم تبدل، دارو عندي بجوج قالو لي: لاش، متقولش لينا نتا هو الشيخ أبو حفص، قلت ليهم هو بشحمه ولحمه، اقسم بالله إيلا الدموع هبطو ليهم من عينيهم”.

وتابع، :”ناض واحد فيهم تيجري حيد لي المينوط، ودوزنا الرحلة كلها وحنا تنتكلمو، وقفنا ف محطة قالو لي بغيني تخرج تشم الهوا معندناش مشكل، انا مبغيتش قلت ليهم لا منسببش ليكم اي مشكل، مشاو شراو لي الأكل وكأس د القهوة وتهلاو فيا..”.

جينا للدخلة ديال فاس

يتذكر رفيقي،:”لما جينا للدخلة ديال فاس هوما ماشي ولاد فاس بغاو يسولو على طريق السجن لي جا خارج فاس، فاقترحت عليهم أنني نوريهم، دوزتهم من واحد طريق مختصرة، من الدخلة ديال عين الشقف وغي من برا حتا وصلنا للسجن بلا مندخلو لفاس، هوما استغريو، قالو لي واش مغندوزش على بنسودة؟ قلت ليهم لا هادي طريق مختصرة، بقا فيهم الحال واخا مفهمتش علاش..”.

ومضى قائلا :”لما وصلنا لباب السجن وقف الحارس السيارة ودار عندي، قال لي شوف غنطلب منك طلب وأرجوووووك ارجوووك مترفضوش ليا، قلت ليه تفضل، قال لي أنا حسابني غندوزو على بنسودة، كنت غنوقف ونتقدا ليك تما شي قفة دخلها معاك، ولكن منين مدزناش عليها تنقسم عليك بالله حتا تشد مني هاد 400  درهم، صراحة عيني غرغرو بالدموع، قلت ليه مخليتي لي منقول وخديتها منو “.

وأضاف:”لما دخلنا السجن تلاقينا مع بعض المعتقلين صحابي، قالو ليه واش تهليتو لينا فيه ولا لا، جاوبو: انا لي نسولكم واش تتهلاو فيه ولا لا…”.

سيختم  محمد رفيقي، الذي يعد اليوم من أشهر المنورين العرب تدوينته قائلا :”معاقلش على صورة هاد الموظف ولا عارف اسمو، ولكن هادي فرصة باش نقول ليه من هنا شكرا شكرا على تصرفك النبيل معايا، وعلى الذكرى المؤثرة لي خليتي لي ف قلبي “.

هي حكاية من الواقع،  بل شهادة من شخص عاشها ويرويها على نحو تكشف جزاء من حقيقة علاقة السجين بالسجان، كما لا يعرفها الكثير من الناس.

“الهيش” الذي ذبح القائد الهراس داخل سجن تيفلت.. من إعترافات زوجته إلى إقتراف جريمته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *