روما: سهام توفيقي

 

في قضية تهم الخبراء المغاربة المتخصصون في تتبع الأبحاث العلمية والظواهر البكتيرية التي تعرفها سلاسل الإنتاج الفلاحي في العالم وخاصة في المنطقة المتوسطية، بات إنتاج الزيتون في إيطاليا تحت رحمة بكتيريا قاتلة.

لقد قاومت شجرة الزيتون في إيطاليا منذ آلاف السنين الحروب والحرائق وأصبحت رمزا لجنوب هذا البلد، لكنها اليوم باتت مهددة بالموت بسبب بكتيريا “كسيليلا فستديوزا” التي أدت إلى جفاف وتدمير حوالي 50 ألف هكتار من أشجار الزيتون في منطقة سالينتو وإلى تراجع إنتاج زيت الزيتون في ظل ظرفية اقتصادية بالغة التعقيد.

ثاني مصدر

وسجلت إيطاليا التي تعد ثاني أكبر مصدّر لزيت الزيتون في العالم تراجعا في الإنتاج بنسبة 26 في المائة هذا العام ، بسبب انتشار هذه البكتيريا الفتاكة التي دمرت ما مجموعه حوالي 10 ملايين شجرة من أصل 70 مليون في منطقة بوليا جنوب البلاد التي تمثل لوحدها حوالي نصف الإنتاج الإيطالي.

لكن أسوأ سنة بالنسبة لمنتجي زيت الزيتون في إيطاليا كانت هي عام 2018، إذ انخفض الانتاج بنسبة 57%، وهو ما شكل انتكاسة بيئية واقتصادية للمنطقة ولإيطاليا.

وبحسب أرقام صادرة عن المعهد العام لخدمات السوق الزراعية والغذائية بإيطاليا فإن إنتاج زيت الزيتون بلغ 185 ألف طن خلال 2018، مقابل 429 ألف في عام 2017، ليسجل بذلك نسبة أدنى من التوقعات الأولية التي راهنت على إنتاج 265 ألف طن.

وسجلت أقوى الانخفاضات في منطقة بوليا حيث تراجع الانتاج بحوالي 65% بسبب بكتيريا “إكسيليلا ” التي تهاجم أشجار الزيتون وتعطّل قدرتها على امتصاص الماء لتصبح أوراقها يابسة كأن الجفاف ضربها، ما يؤدي إلى موتها تدريجيا.

وبسبب بكتيريا “كسيليلا فستديوزا” التي أتلفت 22 مليون شجرة زيتون في إيطاليا تكبد الاقتصاد الوطني خسائر تقدر بـ 1,2 مليار أورو خلال 2018.

وأثر ضعف الإنتاج على أسعار زيت الزيتون الممتازة، إذ بلغ ثمن الكيلو الواحد في دجنبر الماضي 5,60 أورو ، بزيادة قدرها 40% مقارنة مع شهر يونيو، فيما ارتفاع سعره في جزيرة صقلية إلى 7 أورو للكيلو.

تراجع الإنتاج

وقد أضعف تراجع إنتاج زيت الزيتون بسبب هذه البكتيريا قدرة إيطاليا على تلبية احتياجاتها الوطنية من زيت الزيتون وكذلك الطلب الخارجي.

وتصدر إيطاليا 50% من زيت الزيتون أساسا إلى أربعة بلدان في مقدمتها الولايات المتحدة (32% من إجمالي الصادرات) وألمانيا (12.8%) تليها اليابان (8%) وفرنسا (7.4%).

وبحسب خبراء فإن عدد الأشجار المصابة بهذه البكتيريا التي تعد من “أخطر مسببات الأمراض للنباتات في العالم” تضاعف ثلاثة مرات في عام 2018، مشيرين إلى أن هذا المرض النباتي ظهر لأول مرة في عام 2015 بإيطاليا في مناطق برينديزي و أوريا وفرانكافيلا فونتانا.

وبدأت “كسيليلا فستديوزا ” في الانتشار منذ حوالي خمس سنوات بجنوب إيطاليا، وهي عبارة عن بكتيريا تهاجم شجرة الزيتون وتصبح أوراقها يابسة كأن الجفاف ضربها، وتتسبب في موت الأشجار .

تمويل الأبحاث

وكانت المفوضية الأوروبية قد أعلنت في شهر نونبر الماضي أنها ستقدم سبعة ملايين أورو لتمويل أبحاث تروم القضاء على هذه الآفة.

ويسابق الخبراء الزراعيون الزمن لوقف زحف هذه البكتيريا التي تشكل تهديدا خطيرا للزراعة والبيئة والاقتصاد على حد سواء. وقام المجلس الوطني للبحوث في إيطاليا بتحديد نوعية الأشجار التي تتأثر بهذه البكيتريا.

وبالفعل، وجد خبراء في مجلس البحوث أن بعض أنواع أشجار الزيتون مقاومة للبكتيريا، ما هو ما ينعش الآمال في مكافحة هذه الكارثة التي تهدد زراعة الزيتون في حوض المتوسط برمته.

وقال فيديريكو لا نوتي، وهو مهندس زراعي، إن تحديد نوعين من الأشجار المقاومة لهذا المرض”هو نقطة انطلاق وليس نقطة وصول. ونأمل ونعمل كذلك على إيجاد مزيد من الأنواع المقاومة“.

وفي الوقت الراهن، تنمو أغصان الأنواع المقاومة التي تطُعّم بها جذوع أشجار الزيتون المريضة بشكل طبيعي، وتعطي ثمارًا كذلك. ويشكل ذلك بارقة أمل للقضاء على هذه الآفة بمنطقة سالينتو في بوليا التي يعتمد اقتصادها المحلي بالأساس على الزراعة وإنتاج زيت الزيتون بالخصوص.         

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *