حسن العطافي

كان طفلا لا تفارقه الإبتسامة حين رأيته أول مرة سنة 1988، في بيت أخيه عبد الهادي المدرب الحالي لفريق أولمبي آسفي ولاعب الفتح الرياضي سابقا.

كانت الزيارة للإطمئنان على شقيقه الذي أصيب بكسر في فكه ضد فريق القوات المساعدة.

شاءت الظروف ان أرى طارق ثانية في مناسبة غير سعيدة، فبعد أن توطدت العلاقة مع عبد الهادي علمت انه فقد اخاه يوسف في حادثة خارج ارض الوطن، فتوجهت إلى مدينة فاس، طبيعي جدا أن الأوضاع كانت غير طبيعية والكل ينتظر حلول جثمان الفقيد بأرض الوطن، لكن طارق ورغم أجواء الحزن لم يسلم في معشوقته، كان يجمع أمتعته وسط تلك الأجواء ويتوجه إلى الملعب للتدريب مع صغار الماص.

لم يمنعه الحزن ولا حرارة غشت ولا أي شيء، رايته مرة أخرى عندما فقد جده وزوج خالته دفعة واحدة وذهبت لأداء واجب العزاء.. هكذا كنت أرى العلاقة بين الصحافي والممارس، لاعبا ومدربا.. لم أكن أراها نفعية حوار أو خبر وانتهى الأمر، في زحمة العمل وأيضا بعد مغادرة عبد الهادي للرباط لم نلتق إلا بعد أن اشتد عوده، كان لقاؤنا في حفل تتويج المنتخب الوطني للشباب بكأس إفريقيا للأمم وتسليم اللاعبين شيكا بمبلغ 70 أو 75 ألف درهم.

تكررت اللقاءات بعد ذلك كما تكررت نجاحاته التي تبعث على الفخر، مثلما عرفته طفلا عرفته لاعبا دوليا ومحترفا من طينة خاصة، احترف واعتزل وصار مدربا فاز بكاس العرش مع الماص، وكأس الاتحاد الإفريقي مع نهضة بركان، لكنه لم يتغير، أشعر أن الطفل الذي بداخله يرفض أن يتبدل، لم تغيره الشهرة ولا المداخل ولا الألقاب ولن يغيره شيء.

إنه سليل عائلة كروية، الوالد “التهامي” رحمه الله من أصول مراكشية وكان بدوره لاعبا، جده لوالدته الراحل “ابا بوشتى” كان من أعلام الكرة الفاسية، شقيقه الأكبر لطفي لعب “للماص” و”الواف”، شقيقه عبد الهادي الذي تخرج من “الماص” لعب لفريقه الأم و”الفتح” و”القرض الفلاحي” و”الحسنية” قبل أن يوقع على مسار تدريبي لا يحتاج إلى تعريف، مع الأسف وكما قال لي الكثيرون ضاعت الكرة المغربية في موهبة شقيقه الراحل يوسف.

وأنا اخط هذه السطور لم تفارقني تلك الصورة التي تترجم المحبة والأخوة الصادقة والتربية، أقصد صورته وشقيقه عبد الهادي بعد نهاية مباراة فريقيهما.

يشتغل في صمت وميزته التواضع، لا يغيره شيء لأنه واثق من نفسه وإمكاناته لكن السدج يتوهمونه حائطا قصيرا، لأن بعقولهم قصور.

طارق يكبر بانجازاته ولا يعير أي اهتمام للدسائس التي يعتبر “واحد كاري حنكو” حلقة من حلقاتها.

طارق ورط الكثيرين بتواضعه الذي يعبر بصدق عن التربية، وبالنتائج التي هبطت معها أسهم المتربصين.

لن أنصحه بشيء، لأنه “فران وقاد بحومة”، ولأنه محاط بأسرة تقدره وتخاف عليه من المتربصين وتثق فيه إلى درجة تعجز كل الوسائل عن وصفها.

*قيدوم الصحفين الرياضيين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *