توفيّ، أمس السبت، الإذاعي عمر بلشهب، مترجّلا بذلك عن صهوة العطاء في مسيرة حافلة امتدّت سنوات.

وأمضى الإذاعي والإعلامي المتميز عمر بلشهب أزيد من ثلاثة عقود في “عمل دؤوب مستمر لا يكل فيه ولا يمل، كانت تصحبه روحه المرحة وإنتاجه الغزير وقدرته المتميزة على استنباط الافكار وابتكارها لإعداد برامج غير مسبوقة”، كما كتب زميله رشيد الصباحي في نعيه.

وودّع رشيد الصباحي زميله بلشهب بكلمات مؤثرة قال في مستهلها إن “الجسم الاعلامي فُجع وصدم وكادت قلوب المهنيين تنفطر من الحزن إثر خبر الوفاة الذي كان الصاعقة على النفوس، بعد رحيل الزميل عمر بلشهب”. وتابع الصباحي “إننا اليوم نودع أخا عزيزا وصديقا أثيرا على النفوس”.

وذكّر الصباحي بأن عمر بلشهب اشتغل، منذ أواسط الستينيات في الإذاعة المغربية، في الإدارة، ثم الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، “لكنْ بفضل قدراته ومواهبه، حظي بترقية إدارية ومهنية متميزة، إذ اختير ليكون مديرا لإذاعة وجدة، التي عمل فيها ربع قرن، كان فيها نعم القائد للسفينة، وكلما ذكره زملاؤه شكروه وأثنوا على سجاياه وأخلاقه ومهنيته.. وقد ترك في المدينة قبل مغادرتها لتحمّل مسؤولية إدارة إذاعة فاس، أصدقاء بكوه وهم يفارقونه، لما جمع بينهم من مودة ومحبة وانسجام”.

واسترسل الصباحي قائلا إن بلشهب “انتقل إلى فاس وترك فيها بصمته المتميزة ووطّد علاقته مع أصدقائه وزملائه وكل من عرفوه، وبقي ذلك الإنسانَ الذي يحرص على كسب ود الأصداقاء، في توجه اجتماعي كان ينفرد به.. ومن فاس، انتقلإلى مراكش، التي اختارها لتصبح مسكنه، إلى أن وافته المنية”، يوم أمس السبت.

وكان بلشهب، بحسب المتحدث ذاته “إضافة إلى حسن تدبيره الإداري، رجلَ أفكار متميزة وارتبط اسمه ببرامج متعددة كانت بعضها غير مسبوقة، وطبَعها ببصماته، وكان اسمه يرتبط خصوصا ببرنامجه المتميز الذي كانت تقدمه إذاعة وجده، الموجه للجالية المغربية في الخارج، والذي كان يقدمه الراحل يحيى البولالي، ثم البرنامج الفني الذي كان يقدمه الفنان عز الدين منتصر في إذاعة فاس. وقدّم بنفسه برامج في الإذاعة الوطنية في عهد كبار الإذاعيين، من قبيل أحمد اليعقوبي ومحمد بن دادوش ومحمد الحاج بناصر وغيرهم”.

وجايَل الراحل نخبا متعددة من الإعلاميين “وربطته بهم وشائج المحبة والإخلاص والوفاء ولم يكن، في يوم من الأيام، يتبرم من أحد أو يشكو من تصرف آخر أو يعاتب عتابا مرا، بل كان حتى في عتابه طيبا لينا طيب المعشر”.

وقال الصباحي إنه تعرّف عمر بلشهب في وجدة، وكانت الظروف تجعله يلتقي به في العديد من المناسبات، “حتى توطدت العلاقة ثم عرفته أكثر في مراكش، بعد التحقتُ، في 2007، بالعمل في إحدى الاذاعات الخاصة. وكان اللقاء يوميا في المدينة الحمراء، وحتى بعد عودتي إلى الرباط، كنت دائم الالتقاء بالراحل في مراكش خلال زيارته”.

وواصل الصباحي أن وفاة عمر بلشهب “خسارة إنسانية أولا وأخيرا، ثم خسارة مهنية”، مستحضرا “تاريخا من الذكريات الحافلة بالعمل الدؤوب وبالمغامرات المهنية والإنسانية والاجتماعية، التي كانت تستهوي الجميع حين كان يرويها الراحل في جو من المرح الذي كان يطبع شخصيته”.

وتابع الصباحي أن “اللسان يعجز عن التعبير والتأبين لرجل عظيم، بشخصيته وسلوكه وقدرته على جذب الاحترام له.. سيترك في نفسي وكل من عرفه فراغا كبيرا.. لا يتصور المجيء إلى مراكش دون ان أجد الراحل في استقبالي أو ألتقي به في المقهى المعتادة أو خلال إحدى الجولات، التي غالبا ما تقودنا إلى ساحة جامع الفْنا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *