خاص جريدة Le12

لم تكن ساكنة حي العوامة الشعبي، الواقع خلف منطقة بني مكادة بطنجة، تتوقّع ان تستيقظ في الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين 5 أكتوبر الجاري، على صوت صافرات سيارات الأمن وقوات التدخّل السّريع، مكونة من  عناصر أمنية مختلفة الأدوار ، بين الملثمين والمكشوفة وجوههم، منتشرين في عدد من أزقة الحي.

فمع توالي عمليات تفكيك الخلايا الإرهابية بالمغرب، لابد أنه تبادر الى ذهن المتابع لهذه المشاهد البوليسية، أن خلية إرهابية جديدة قد حان أوان تجفيف منبعها.

جريدة Le12.ma، تعيد من خلال هذه الورقة، تركيب أقوى لحظات سقوط هذا الصيد الثمين في شراك “البسيج”، في عملية مداهمة عرفت اطلاق الرصاص التحذيري، و التتبع اللحظي، لعبد اللطيف الحموشي، المدير العام لمديريتي الامن الوطني ومراقبة التراب الوطني “الديستي”، كما تسلط الجريدة الضوء على محطات من حياة المدعو “أبو حمزة الشمالي”، الملقب بـ”مول الساطور”..

سقوط “أبي حمزة الشمالي”

“أبو حمزة الشمالي”، أو “مول الساطور”، ليس سوى  “أمير خلية طنجة”، التي فكّكها المكتب المركزي للأبحاث القضائية، دون سقوط قطرة دم رغم خطورتها، بناءً على معلومات استخباراتية وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.

ستضع قوات “البسيج” يدها على هذا الصيد الداعشي الثمين، والمكون من أربعة ذئاب منفردة، أكبرهم سناً يبلغ من العمر 26 سنة فيما لا يصغره أصغرهم سناً إلا بثلاث سنوات.

 قبل حوالي 3 سنوات، كان “أبو حمزة الشمالي”، الملقب بـ”مول الساطور”، قد قضى شهرا سجناً، بعد شجار له مع أحد الجيران مهددا باستعمال سيفا من الحجم الكبير. 

يحكي شقيق “الأمير المزعوم” أن القاضي الذي حكم عليه في هذه القضية السّابقة، قال له أثناء جلسة محكامته: “واش مكاينش المخزن فالبلاد.. خارج تاخد حقك بيدك كتسحاب راسك فسوريا”.. 

قد تبدو “مصادفة” غريبة -في السابق على الأقل- أن يكون أشقاء زوجة متزعم خلية “العوامة” في سوريا، قبل ان يعتقل اليوم على خلفية انتمائه لتنظيم يسمّي نفسه زوراً “الدولة الاسلامية في العراق والشام (سوريا)”.

“أبو حمزة الشمالي”، وفق شهادات شقيقه الذي يكبره سناً، ويعيش معه في البيت نفسه، كان قد اشتبه في حمله لأفكار متطرّفة قبل أزيد من ثلاث سنوات، ماستدعى وقتها طلبه للبحث  معه قبل أن يخلى سبيله.

من السجن إلى الدقة المراكشية 

بعد إخلاء سبيله، سيزيل اللحية، لفترة مؤقتة –على الأقل- وسيتزوّج ويرتدي الألبسة العصرية، ثم يكوّن رفقة عدد من أصدقاءه فرقة لـ”الدقة المرّاكشية” لتنشيط الحفلات والأعراس.

لم يدم هذا الحال، طويلاً، فالأفكار المتطرّفة عادت الى عقل “أبي حمزة الشمالي” من جديد، وربما بمنسوب أكبر هذه المرّة.

فالشاب الذي كان بالأمس يرقص ويتمايل على أنغام “الدقة المرّاكشية”، أضحى اليوم يتّهم والده بالدّيوث وإخوانه بالزنادقة، لا لشيء سوى لأن والده يحتفظ بشاربه ولا يطلق اللحية، ولأن إخوانه يلبسون سراويل “الجينز”.

“الأمير المزعوم”، وفق شهادة والدته، كان قد تمادى في تكفيره لأسرته لدرجة تهديدهم بالقتل، الأمر الذي اضطر والده الى تحرير شكاية في حقه، قبل أن يتراجع عن تقديمها الى وكيل الملك، بعد توسّل “أبو حمزة” له، لكنه فضّل (الأب) الإحتفاظ بها لتقديمها ان تكرّرت تهديدات ابنه من جديد.

مقاطعة الام وتهديد الأب 

لقد أكدت الأم، في تصريح صحفي للزميلة هيسبريس، أن الشكوك كانت قد راودتها منذ زمن قصير، بشأن سلوكيات نجلها، خاصة بعدما أصبحت تصرّفات الموقوف تشوبها الرّيبة، إذ أضحى يُكثر من الدخول والخروج من وإلى المنزل ويعود في أوقات متأخرة من الليل، إلى جانب حرصه على إغلاق باب غرفته بالمفاتيح بشكل دائم.

بداخل هاته الغرفة، سيعثر عناصر “البسيج”، على مجموعة من الأسلحة البيضاء والرقاقات الإلكترونية، وشريط يبايع فيه زعيم الخلية الإرهابية تنظيم “داعش” الإرهابي، ومحجوزات أخرى يشتبه في استخدامها للقيام بعمليات إرهابية تستهدف زعزعة استقرار الوطن.

متزعم خلية “العوامة”، ووفق شهادات والدته، تغيّرت ملامحه قبل أيام من اعتقاله، كما أنه أضحى يكرّر كثيرا عبارة: “غادي نقتل شي واحد” تقول الأم وتضيف: “المعاملة ديالو تبدلت مبقاش كيعاملني من العيد لكبير ماهدر معايا مكيدخل عندي مكايجي عندي”.

حائط المبايعة

“أبو حمزة الشمالي”،  لهذه الخلية، وبعد إصراره على تنفيذ أفكاره المتطرّفة، قرّر أخيراً مبايعة الأمير المزعوم الحالي لتنظيم “داعش”، وذلك بعد أن اتجه الى منطقة مدارية بضواحي حي بني مكادة بطنجة لرسم “راية تنظيم داعش”، على حائط احدى المنازل ، وهو المكان الذي تم فيه تسجيل شريط هذه “البيعة”.

المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي تمكّن من تفكيك هذه الخلية الإرهابية، أكد في بلاغ صدر دقائق عقب العمليات المتزامنة بحي “العوامة”، أن أعضاء هذه الخلية الإرهابية تعذر عليهم الالتحاق بمعسكرات تنظيم “داعش” بمنطقة الساحل جنوب الصحراء، فقرروا الانخراط في مشاريع إرهابية خطيرة ووشيكة تستهدف زعزعة أمن واستقرار المملكة، وذلك عبر اعتماد أساليب إرهابية مستوحاة من العمليات التي كان يقوم بها تنظيم “داعش” في الساحة السورية العراقية.

البلاغ نفسه أكد أن عناصر مجموعة التدخل السريع، التي باشرت عمليات التدخل والاقتحام، اضطرت لإطلاق رصاصات تحذيرية بشكل احترازي مكن من درء الخطر الإرهابي وإيقاف المشتبه فيه الرئيسي “أبو حمزة الشمالي” والثلاثة أعضاء الآخرين في هذه الخلية الإرهابية.

بلاغ المكتب المركزي للأبحاث القضائية أشار ايضا إلى أن هذه العملية تؤكد استمرار التهديدات الإرهابية التي تتربص بأمن المملكة، وإصرار المتشبعين بالفكر التكفيري الموالين لتنظيم “داعش” على تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف المس الخطير بسلامة الأشخاص والنظام العام.

وقد تم، حسب البلاغ نفسه، الاحتفاظ بالمشتبه فيهم الموقوفين في إطار هذه الخلية الإرهابية تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث التمهيدي الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب، وذلك للكشف عن جميع مخططاتهم ومشاريعهم الإرهابية، وكذا تحديد كافة الارتباطات والامتدادات المحتملة لهذه الخلية الإرهابية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *