مصطفى قسيوي
سجلت رابطة الإقتصاديين الاستقلاليين، “بقلق كبير أن الحكومة تفتقر إلى الرؤيا والجرأة في مواجهة أزمة مدمرة تؤثر على ملايين الأسر وعشرات الآلاف من المقاولات ، حيث أن القرارات التي اتخذتها أو أعلنت عنها لا تتماشى مع روح ونص توجيهات جلالة الملك“.
وقال بلاغ للرابطة توصلت le12 بنسخة منه أن “قانون المالية لسنة 2021 يبقى هو الفرصة المتبقية للحكومة لإتخاذ تدابير لطمأنة المواطنين والفاعلين المغاربة والدوليين من خلال الإعلان عن الأليات، الكفيلة بتحقيق إنتعاش اقتصادي شامل، وذلك تماشياً مع السياسة التي أفرزها قانون المالية التعديلي لعام 2020، حيث تعلن الرسالة المؤطرة لإعداد مشروع قانون المالية لعام 2021 عن تخفيضات غير مسبوقة في الميزانية، علما أن جلالة الملك سبق له أن حدد، خلال خطاب العرش الأخير، المحاور الرئيسية لخطة إنتعاش بميزانية 120 مليار درهم” ، يضيف البلاغ الذي أشار الى أن المغرب بعد الجفاف وكوفيد-19، أصبح يعيش أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة تتمثل في تدهور وضع الأسر وقدرتهم الشرائية و تراجع الطلب الموجه إلى المغرب مع ارتفاع سريع في معدلات البطالة، وإغلاق آلاف الشركات، ولا سيما المقاولات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا، مما أدى الى انكماش اقتصادي يفوق6 بالمائة خلال السنة الجارية“.
وأبرز بلاغ رابطة اقتصاديو الإستقلال أن “العودة المعلنة للنمو بحوالي 4٪ ، اعتبارًا من سنة 2021، وإن كان هدفا غير طموح، فإنها تتطلب المزيد من العمل الإراداتي وحشد جميع الفاعلين من خلال إيضاح أكبر للرؤيا وخلق الظروف الموازية لتجديد الثقة التي أهدرتها الحكومة إلى حد كبير طيلة الأسابيع الأخيرة ، حيث أنه في الوقت الدي كنا ننتظر سياسة إقتصادية جريئة لمواجهة التقلبات الظرفية وتعبئة الوسائل التي يتطلبها مثل هذا الوضع تقتصر الحكومة على ضخ 20 مليار درهم فقط من الالتزامات المباشرة في الميزانية، وتحمل البنوك مسؤولية تمويل الاحتياجات العادية والاستثنائية للشركات المتضررة من الأزمة الحالية، على شكل تمويلات مضمونة من قبل صندوق الضمان المركز ي“.
ومن أجل تسريع الانتعاش، وعودة النمو الاقتصادي، دعت الرابطة ، الى “ضخ حقيقي للجزء الأكبر من 120 مليارًا مباشرة من قبل الدولة، إما لدعم رأسمال الشركات العمومية أو الخاصة ، المنتجة للقيمة المضافة وفرص الشغل، أو للمشاريع الاستراتيجية ذات الأولوية في مختلف مناطق المملكة”، داعية الحكومة إلى تحديد المبالغ الحقيقية التي تلتزم بها الدولة بشكل مباشر في هذا الجهد، والإعلان عن مجالات توظيف هذه الموارد، وبرمجتها الزمنية وتوزيعها الترابي والقطاعي.
ولإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2021، تضيف الرابطة، “تعلن الحكومة نيتها تخفيض الميزانية بعشرات الملايير درهم مقلصة بذلك إمكانيات القطاعات الوزارية من حيث التوظيف والاستثمار في الوقت الذي يدعو فيه صندوق النقد الدولي إلى تكثيف الدعم للإنتعاش ، ويقترح تمويلات جديدة وآليات سداد جد ميسرة، غير أنها (الحكومة) تتمسك بمنطق لا يسمح بتجاوز الأزمة ولا بالمحافظة على التوازنات العامة، الشيء الذي من شأنه أن يؤدي بالحكومة إلى الاقتراض، في ظروف قد تزداد صعوبة، لمواجهة التدهور الإجتماعي والاقتصادي المحدق ببلادنا، والذي يمكن تجاوزه بتصرف استباقي وإرادتي” . حسب البلاغ.
“وحتى يتم وضع إقتصاد بلدنا في دورة إيجابية، حماية مقاولاتنا من الإفلاس والحفاظ على مناصب الشغل، وتعبئة الاستثمارات الوطنية والدولية، واغتنام الفرص التي تتيحها التقلبات الكبرى التي أحدثتها الأزمة”، دعت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، الحكومة إلى “إدراج عشر توصيات، في اعداد مشروع قانون المالية لسنة 2021، منها العمل على استعادة الثقة ووضع خطة انتعاش اقتصادي حقيقي بإمكانيات موجهة أساسا لدعم الاستثمار الإنتاجي المباشر، وإنقاذ الشركات المتضررة ، والحفاظ على مناصب الشغل وإحداث فرص عمل جديدة خاصة للشباب؛ و رفع مستوى ميزانيات الاستثمار والتوظيف المنتج لكل من الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بما يمكنهم من تحسين الخدمات العمومية وإحياء الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية وطنيا وجهويا، مع تفعيل حقيقي وواسع للأفضلية الوطنية، وإعطاء الأولوية لتقوية النظم الصحية والتعليم و رقمنة الخدمات ولبرامج البحث ودعم مبادرات المقاولات الصغيرة المنتجة المشغلة للشباب المغربي؛ وإعفاء (والعفو إذا اقتضى الحال) من كل الواجبات والرسوم لمساهمات الشركاء في زيادة رأسمال شركاتهم، و منح مشتري الشركات المهددة بالإفلاس نفس المزايا التي تمنح للمستثمرين الجدد بما في ذلك اتفاقيات الاستثمار.
ودعت الرابطة إلى إعادة إطلاق برنامج “انطلاقة” وفتحه للحرفيين والفاعلين في القطاع غير المهيكل للدخول في إطار مهيكل ؛ وبرمجة دعم مالي للحرفيين يسمح لهم بتمويل دورة أنشطتهم وإعادة إطلاق، ثم انتعاش أعمالهم، وإعداد برامج مكثفة لتحفيز المقاولات الصغيرة وتسريع تنفيذ الإصلاحات الجارية، خصوصا بإجراءات الميزانية والإجراءات المصاحبة من خلال تسريع مسطرة منح صفة مقاول ذاتي وجعلها أكثر نجاعة مع السماح لهم بتشغيل أجراء متدربين؛ وتشجيع مشاركة المقاولات الصغيرة في الطلبات العمومية وتقليص مدة سداد ديونها؛ وتفعيل المهام الموكلة إلى البنك الوطني للضمان وتمويل المقاولات، خاصة الدعم والمساعدة الفنية للمؤسسات والإدماج المالي للفاعلين غير المؤهلين للائتمان المصرفي، والتعجيل بتفعيل المهام الجديدة للمراكز الجهوية للإستثمار لتمكينها من دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة ؛ بالإضافة إلى تخصيص جزء كبير من الاستثمارات العمومية للقطاعات ذات التأثير الاقتصادي والاجتماعي والبيئي القوي، وتمكينها من لعب دور مهم في التحول البيئي، على المستويات الوطنية والجهوية والمحلية.
كما أوصت بالحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين وإطلاق آليات التغطية الاجتماعية الشاملة من خلال اتخاذ الإجراءات العاجلة المتمثلة في إحداث نظام “المساهمة المهنية الموحدة” بالنسبة للمقاولين الذاتيين، و تفعيل التعويض عن فقدان الشغل لصالح ضحايا أزمة كورونا واغتنام الفرصة لتسوية أوضاع الأجراء غير المصرح بهم ؛ والسماح لأبناء المقاولين الذاتيين بالحصول على المنح الدراسية الاجتماعية؛ وإعادة تفعيل التعاون الوطني وإطلاق أوراش مضبوطة للمصلحة العامة في مختلف الجماعات الحضرية و القروية للمملكة؛ مع إعادة تحفيز برامج الإسكان من خلال منح إعفاءات على رسوم التسجيل والتحفيظ و الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على فائدة قروض الإسكان ؛ و تقليص الضريبة على الدخل واستقطاع النفقات المخصصة لتعليم الأطفال من وعاء الضريبة على الدخل؛ مع إعفاء جميع النفقات الصحية من الضريبة على القيمة المضافة خاصة تلك المتعلقة بعلاج الأمراض المزمنة و الخدمات الطبية والأدوية.
وتتميز المشاريع وتدابير الإنتعاش المقترحة، حسب البلاغ، بـ”كونها مندمجة اقتصاديا (تؤثر على العرض والطلب المحليين)، ويمكن تمويلها بالدين الداخلي، كما يمكنها أن تساهم في إبراز مهارات وقطاعات المستقبل وخلق فرص شغل محلية جديدة وموازاة مع ذلك، ولتعزيز الثقة وضمان تمويل الانتعاش الاقتصادي، يمكن لبلدنا الاستفادة من الأسعار المنخفضة للفائدة والأجالات الاستثنائية للتسديد وكذا التصنيف الإيجابي لبلدنا، لحجز عشرات الملايير درهم من تسهيلات التمويل الدولية التي قد نحتاجها في الأشهر المقبلة، بما في ذلك تغطية العجز المحتمل للميزانية، فضلا عن الإسراع في الإفراج عن قانون الإطار الضريبي وميثاق الاستثمار الجديد وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لتحسين مناخ الأعمال وإعطاء رؤية واضحة لمختلف الفاعلين الاقتصاديين الوطنيين والمستثمرين الأجانب“.
