الرباط: le12.ma

عدنان يا “ولدي” أنت لنا فَرَط ونحن لك تَبَع. رحمات الله المتتالية عليك.                                                                  أعلم أنك في غِنىً عن هذه الكلمات… لكني لست في غِنىً عنها… وغيري كثير ليسوا في غِنىً عنها.                            إنها نجوى؛ مجرد نجوى، أعزّي بها نفسي. وأعزي بها مَنْ بَلَغَتْه.  

قتلوك غدراً ياولدي – نعم ولدي وولدُ جميع المغاربة قاطبة – باستثناء من أصبح يزايد على قاتلك مدافعاً عن حياته من طَرْفٍ خَفِيّ وأحياناً بالصوت الجلِيّ من غير حياء. كأنك أنت لم تكن صاحب حياة، أو أن حياتك لم تكن ذات بال حتى تستحقّ القصاص والنفس بالنفس. كل هذا ياولدي باسم حقوق الإنسان -زعموا بجهلهم- والأمْر الأمَرّ أنهم يعتبرون القصاص المكتوب في الكتاب، والمسنون في السنة، يعتبرونه جريمة ووحشية لا تقل جُرْماً ووحشية عن فَعْلة قاتلك. أنذال، يسبون الله ولا يشعرون.

أجل ياولدي. لقيتَ ربك أرحمَ الراحمين طاهراً نقياً، إذْ بعدُ لم يُكتب كتابك، والقلم بعدُ لم يزل مرفوعاً عنك. انتقلت إلى عالم البقاء تاركاً أمّاً واحدة وجدة واحدة وأباً واحداً… وإذا بالمغاربة كلِّهم حاكمِهم ومحكومهم، كبيرِهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم،  كلهم أصبحوا لك آباءَ وأمهاتٍ وأجداداً وجدات وإخواناً وأخواتٍ…

كانت أسرتك أفراداً تُعدّ على رؤوس الأصابع وإذا بالشعب كله بات أسرة لك بالملايين… تركت أستاذاً أو أستاذين، وأصبح رجال التعليم ونساؤه كلهم أساتذة لك… ما أسعدك!

ابتسامتك ياعدنان فعلتْ فعل السحر في قلوب الناس… ولقد بكاك هؤلاء الناس، بكوْكَ ولم يسبق لهم أن عرفوك؛ فكيف بهم لو عرفوك؟

هوْل الصدمة، بشاعة الجريمة، انهيار والديك في مشهد يُدمي القلوب… جعل قضيتك قضية وطن وقضية رأي عامّ كما يقولون.

آه ياولدي! أنت لا تدري عن مجهود رجال الأمن في العثور عليك وعلى قاتلك… أنت لا تدري كيف تحولَت الحفرة التي دُفنتَ فيها في ظلام الليل ظلماً إلى مزار شعبي يشع منه الحزن والألم.

أنت لا تدري عن وسائل الإعلام وعدسات الكامرات وجحافل الصحفيين وصفحات التواصل الاجتماعي حتى خارج الوطن… لا تدري عن ذلك شيئاً. لقد أصبحت أشهر من نار على عَلم… حتى بيتكم طافت صورته الدنيا… هنا بيت عدنان… هنا كان يسكن عدنان…

عدنان ياولدي… أحببناك شفقة ورحمة… وأحببنا والدَيْك معاضدة ومساندة… وطالبنا كلنا نحن المغاربةَ بالقِصاص الذي هو شرع الله تعالى لترتاح في قبرك، ويخِفَّ شيءٌ من حزن أحبابك، وترتدع وحوشٌ أخرى وينجوَ ضحايا محتملون… كلنا نطالب بإنزال أقصى العقوبة على الغدّار القتّال إلا بعض العقوقيين (بالعين) الذين يغردون خارج السرب ويجترّون شعارات الغرب الغريب. ويجرّون لعناتِ اللاعنين… إنهم يتساقطون في قُمامة الوطن كما يتساقط سمك السلمون في مَعِدِ الدببة. وهذا جزاء من يسبح ضِدّاً على التيّار.

ولدي عدنان.. هي موتتك ذقتها وخلاص، وانتقلت إلى جوار أرحم الراحمين… وقدّر الله وما شاء فعل… ولا يُغْني حذر من قدر… وإنا لله وإنا إليه راجعون.

*الشيخ محمد الفزازي رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *