عبد الرحيم بوعيدة

بعد أيام قليلة، تنتهي المدة المقررة من طرف وزارة الداخلية بتوقيف مجلس جهة كلميم -وادنون لمدة ستة شهور.. وإذا كنا قد بلعنا هذا التوقيف على مرارته وعدم مشروعيته، فمن أجل تنفيذ مشاريع ملكية عالقة لم تستطع الداخلية نفسها مساءلة من عارضوها مرارا؛ فجاءت هذه الأخيرة ونفذتها وحضر المعارضون لأخذ الصورة، في مفارقة غريبة يعجز أعتى علماء النفس عن الإجابة عنها..

الآن، ما المبرر الحقيقي للاستمرار في هذا التوقيف أو التلويح بالحل؟ هل لأن أعضاء المجلس لم يتوصلو إلى حل توافقي؟ 

الكل يعون جيدا أن الرهان الحقيقي للمعارضة كان، منذ البداية، إزاحة رئيس لم يخضع لرغبات من كانوا يتحكمون في المشهد السياسي لجهة كلميم -وادنون سابقا، لذا لن يكون هناك حل توافقي إلا إذا فُتح تحقيق قانوني في أسباب رفض مشاريع ملكية قدّمتها الأغلبية المسيّرة في دورات كثيرة ورفضتها المعارضة، ومشاريع أخرى اقترحها المكتب المسير ورفضتها المعارضة أيضا. ثم قامت اللجنة التي يترأسها الوالي بتنفيذها، ثم حضرت المعارضة في تدشينها لأخذ صور للذكرى معها.. فهل هناك عبث أكبر من هذا؟ أم حرام على الاغلبية حلال على…؟

إن من يشخصنون الصراع بين طرفين في جهة كلميم -وادنون يقفزون على الواقع الحقيقي ويتجهون لأبسط الحلول، وهي أن هناك صراعا شخصيا، وفي الآن ذاته تأتيهم الجرأة لمطالبة طرف، دون آخر، بالانسحاب من المشهد السياسي في الجهة ولا يستطيعون فعل ذلك مع الطرف الآخر، لأنه بكل بساطة كان ينفذ تعليماتهم أو “اللي عندو جدّاتو في المعروف”.. هو في نظري عبث وتصرف مفضوح لا يمكن السكوت عنه..

لقد صمتت المعارضة طيلة هذه المدة ولم تنبس بكلمة واحدة ولو للتاريخ، في حين كانت تصول وتجول على رئيس منتخب.. وحين حلت اللجنة الخاصة خفَت الصوت والضوء..

فالشجاعة لا تتجزأ والمواقف غير قابلة للمقايضة…

على الذين يلوّحون بحل المجلس أن يدركوا أن الحل بيد القضاء، وهذا الأخير سلطة مستقلة وفق دستور 2011 وسنحتكم إليه في النهاية…

وأيضا على الذين يريدون التمديد أن يدركوا أنهم لا يقتلون الرئيس، بل الديمقراطية والوطن؛ في سابقة قانونية ربما ستؤسس مرحلة جديدة يستغني فيها المغرب عن الانتخابات ويوفر الجهد والمال ما دام، في النهاية، هناك آليات غير قانونية للضبط والتوقيف.. وكما تحتل جهة كلميم -وادنون المرتبة الأولى في البطالة وعدد ذوي الاحتياجات الخاصة وانتشار التهريب و… و… ستحتل أيضا الرتبة الأولى في مصاف الجهات التي لن تحتاج مستقبلا إلى أي انتخابات وكفى الله المواطنين شرها… 

لعقلاء هذا الوطن أقول إنه يجب التفكير جيدا في مستقبل الديمقراطية وفي بناء المؤسسات، حتى ولو أفرزت لنا صناديق الاقتراع ما لا تشتهيه أنفس البعض.. “إيوا احتكموا إلى ما أفرزته الصناديق وخلّونا ندوّزو المدة كما نص عليها القانون”.. “راه هادشي اللي كنشوفو” لا يشجع على الانخراط في اللعبة السياسية في المغرب.. وبكل بساطة، “فهمنا الميساج”..

هكذا هو البناء الديمقراطي، كما هو في كل الدول التي تجاوزتنا في كل مؤشرات التنمية…  

لكل الذين خيّروني بين الاستقالة أو الحل أقول ما قاله الشاعر العربي الكبير أبو فراس الحمداني:

قال أصيحابي الفرار أم الرذى

فقلت هما أمران أحلاهما مر 

وكيف ما يقول المراكشيون “الله لا يْخيّرنا في بلاء”..

عمتم مساء، وتحية تقدير واحترام لكل شرفاء جهة كلميم -وادنون ولأقليتها المسيّرة.

*رئيس جهة كلميم -وادنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *