يونس مجاهد: كاتب صحفي 

من المؤكد أن الحكومات تحتاج إلى مجهود كبير من أجل التواصل وشرح سياساتها والقرارات التي تتخذها، بالإضافة إلى تقديم أجوبة حول التساؤلات والإنتقادات التي توجه لها، وهذا عمل مستمر ومتواصل، وليس مناسباتي أو ظرفي، من اللازم أن يرافق كل الحكومات، لأنها مسؤولة عن إدارة الشأن العام وتدبيره، تصدر قوانين وتتخذ إجراءات، وتتصرف في الميزانيات، ومن الطبيعي أَن تكون مطالبة بمجهود خاص واستثنائي في تواصلها مع المواطنين.

من الواضح أن واجب التواصل ضروري، أيضا، لتفعيل حق المواطن في الخبر وفي اطلاعه على المعطيات التي تهم الشأن العام، في إطار العقد الإجتماعي، الذي يربط بينه وبين الدولة، والذي هو عبارة عن نظام حقوق وواجبات، من أهمها في الديمقراطيات، إلتزام الحكومات بالشفافية، التي تعتبر اليوم من المقومات الأساسية لنظام الحكامة.

يفرض هذا على الحكومات أَن تجعل التواصل من بين أولوياتها الكبرى، خاصة في سياق عالمي ووطني أصبحت فيه هذه المسألة تحظى بأهمية بالغة في كل المجتمعات، في ظل التطورات الهائلة التي نتجت عن الثورة الرقمية، التي تفتح آفاقا واسعة لترجمة مبدإ حق المواطن في الخبر، بشكل إيجابي، في أرض الواقع، كما تتيح فرصاً جيدة لإدارة الحوار والتعدد في وجهات النظر والشرح والتوضيح، وهو ما يمكن أن يساعد هذه الحكومات على التفاعل اليومي والبناء مع المواطنين.

يتطلب القيام بهذا الواجب، الإبتعاد عن أساليب وطرق التواصل التي ينهجها القطاع الخاص، الذي يعتمد على الدعاية والماركيتينغ، لأن الحكومات لا تبيع السلع أو تعرض الخدمات، بل إنها مسؤولة عن الشأن العام، ومفروض فيها أن تقدم المعطيات والحقائق وتعترف بمواطِن النقص والتقصير، وليس محاولة تلميع صورة وزرائها وقرارتها وسياساتها.

ما يحصل في المغرب، هو أن التعامل مع الثورة الرقمية، في العديد من الحالات، إتخذ بالنسبة للحكومة، طابع الدعاية وتلميع الصورة، وليس تفعيل الحق في الخبر، والحوار البناء والشرح والتوضيح والجدل الإيجابي، وهي مصيدة حقيقية، يساعد على السقوط فيها، سهولة استعمال شبكات التواصل الإجتماعي، كأداة للنفخ والتطبيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *