رسالة مؤثرة من الدكتور محمد شهبي بعد إجرائه عملية جراحية لوالدته في الدار البيضاء

بقلم: الدكتور محمد شهبي

أجريت صباح الثلاثاء 4 غشت 2020 بمصحة العين كاليفورنيا بالدار البيضاء عملية إزالة الجلالة لوالدتي كللت بالنجاح. لا تبدو العملية عادية مثل كل العمليات الجراحية التي تعودت على إجرائها كل صباح، بل هي لحظة إنسانية تكتنز تاريخا لن ينسى يحتاج إلى رباطة جأش وإرادة من فولاذ. هي فقط أربع أو خمس دقائق، لكن كل دقيقة كانت تختزل عمرا طويلا وذكريات يمتزج فيه الفرح والحزن والوفاء والتضحيات. عادة لا يتماسك أمهر الجراحين أمام أجساد أعزائهم، ترتعش أصابعهم وهي تمسك بمشارط الجراحة، تخونهم الشجاعة في تلك اللحظة الدقيقة.

أهم عملية جراحية أجريتها منذ افتتاح مصحة العين كاليفورنيا، وربما في مساري المهني والجراحي، بل حتى موقع المصحة اخترته أن يكون على بعد خطوات من مسكن أغلى جوهرة في حياتي. مصحة أكاد أسمع منها أنفاسها ودقات قلبها.. أكاد أطل من شرفتها على بيتها. لذا كل حجر بالمصحة نداء حبّ وضع بدعوات وبركة منها، كأنّ المصحة تمشي على قدمين وتنبض بقلب لتقترب من مسكن والدتي والفضاء الذي قضيت فيه طفولتي وشبابي، وها أنذا أحقق به حلمي.

أستعيد كل هذه الذكريات في لحظة عابرة اختلطت فيها المشاعر، مشاعر الابن والطبيب، مشاعر انصهرت فيها كل الأحاسيس المتناقضة، لذا تحتاج هذه اللحظة إلى “صورة”، وإلى عبارات “رقيقة”، وإلى “تذكار” من حبر أكتبه إلى والدتي أطال الله في عمرها ومتّعها بموفور الصحة والعافية.

فرحتي اليوم لا توصف ولا توزن بأي ذهب، بعد أن أجريت لوالدتي أول فحص إثر  عملية إزالة الجلالة التي خضعت لها. ولله الحمد والشكر العينان صافيتان كزُمُرُّدتين مثل طهرانية قلبها وبياض سريرتها. العينان لامعتان أرى فيهما زرقة البحر وصفاء السماء.

اعذروني لأني أتقاسم معكم هذه الفرحة بنتائج الفحص الأولي لعيني والدتي وكأنهما عيناي اللّتان استعادتا ألوان قوس قزح.

اعذروني إذا بالغت في فرحتي، لأنه شيء قليل أقدمه للرّحم الذي كان مصدر وجودي في هذه الحياة. فإذا كانت لأي إنسان نقطة ضعف، فوالدتي هي نقطة ضعفي.

شكرا لكلّ الأمهات.. فوراء كل طبيب أمّ عظيمة!!

 

الدكتور محمد شهبي