بقلم: الدكتور إدريس الكنبوري

الرئيس الفرنسي ماكرون يعبر عن تضامنه مع لبنان باللغة العربية في تغريدة له وصلتني الآن من صديق مشكورا. ونلاحظ في التعليقات ردود فعل بعض المواطنين الفرنسيين الذين يرفضون استخدام العربية وأحدهم يقول إن رئيس فرنسا عليه أن يتحدث الفرنسية.

أؤيد أصحاب التعليقات ولا أريد أن يتحدث رئيس فرنسا العربية. رئيس فرنسا من واجبه احترام الدستور واحترام اللغة القومية للبلاد. لبنان مستعمرة فرنسية سابقة والفرنسية فيها شائعة وهي عضو فاعل في منظمة الفرانكوفونية وغالبية الشعب تعرف الفرنسية فلا داعي إلى العربية.

ومقارنة مع الفرنسيين فإن جل اللبنانين يعرفون لغة أجنبية واحدة على الأقل، بينما جل الفرنسيين يعرفون لغة واحدة على الأكثر.

لكن للصورة وجها آخر. مبادرة ماكرون مهمة لأنها تعني أن فرنسا التي كانت في الموجة الاستعمارية الكلاسيكية تسعى إلى نشر الفرنسية أصبحت واعية بكراهية مستعمراتها السابقة للغتها، ولكي تتقرب أكثر تستعمل لغة هذه الشعوب، أحفاد السابقين.

المسألة الثانية أن العربية لم تعد لغة منعزلة كما يدعي بعض الهراطقة، بل هي اليوم لغة عالمية بدليل أن الدول العظمى تلجأ إليها اليوم ضاربة عرض الحائط أفكار المستشرقين الذين تعلموا في مدارسها والذين تعلم منهم دعاة الانعزال.

الغريب أن جل حملة لواء هذه الدعوة في المغرب العربي هم من دعاة الأمازيغية، مما يثير الحسرة على غياب العقل، إذ كيف تكون العربية التي يتحدثها نحو 400 مليون وفيها تراث هائل ضخم عرمرم لغة متخلفة، بينما تكون لهجة متجولة لغة متقدمة؟ فإن كان هناك من دليل على أن اللغة سياسة فلا دليل غير هذا.

لا نريد أن يخاطب ماكرون العرب بالعربية حتى لا يخاطب المسؤولون العرب شعوبهم بالفرنسية. فنحن مثل الغراب الذي أراد تقليد الحمامة فضيع مشيته ومشيتها، فنخاف أن يقلدوا ماكرون فيخاطبوا قومهم بالفرنسية ويخاطبوا الفرنسيين بالعربية، مثل ماكرون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *