جمال أزضوض

لحظات قليلة بعد إعلان وزارتا الدّاخلية والصّحة عن قرار منع السّفر انطلاقا من أو في اتجاه مدن طنجة، تطوان، فاس، مكناس، الدار البيضاء، برشيد، سطات ومراكش، عمّت “الفوضى” في البلاد وإحتقنت الطّرق السّيارة وإكتظت المحطّات الطرقية بالعمالة القادمة من مدن مختلفة والرّاغبة في الإلتحاق بأسرها لقضاء عطلة العيد رفقتهم والذي تفصلنها عنه أقل من 4.

وإنتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي أشرطة فيديو وصور لطرق سيّارة مكتظة بالسّيارات، خاصة في محطّات الأداء، وأخرى بالطرق الوطنية نظرا لضيقها، ما تسبّب في عشرات حوادث السّير والإصطدام بين السّيارات ناهيك عن حوادث السّرقة والكريساج. حسب شهادات بعض الضحايا.

وإستغل مجهولين الوضع الإستثنائي الحاصل، لينصبوا كميناً لأشخاص قرّروا الخروج من المدن المشمولة بقرار الإغلاق مشياً على الأقدام، عارضين عليهم خدمة نقلهم مقابل مبلغ مالي متّفق عليه، ومقدّمين أنفسهم على أنهم “خطّافة”، قبل أن يعملوا على سلبهم ممتلكاتهم وتعنيفهم وتركهم في منتصف الليل خاويي الوفاض.

وقال أحد ضحايا “الكريساج” أن سيارة من نوع “لوغان” بلوحات ترقيم جديدة )WW(، أقلّتهم من محطّة ولاد زيان في البيضاء بثمن 250 درهم، قبل أن يعمدوا إلى تعنيفهم بالأسلحة البيضاء في المدينة الخضراء وسلبهم ممتلكاتهم، داعياً إلى عدم الوثوق في أضحاب السيارات الخاصة التي تعرض خدمة النّقل.

وخلق قرار وزارتي الداخلية والصّحة الكثير من الغضب في وسائل التواصل الإجتماعي معتبرين إياه “قرارا إرتجاليا ضرره أكثر من نفعه” في محاولة منها لإحتواء فيروس كورونا المستجد عبر منع المسافرين من الخروج أو الدّخول إلى المدن الموبوءة.

وأعتبر الصّحفي إسماعيل عزّام في تدوينة على صفحته على “فايسبوك” البلاغ الصّادر عن الوزارتين يوم أمس “فضيحة” قائلا: “هو قرار ستاليني لا علاقة له بمغرب اليوم. كيف يتم التوقيع على بلاغ بكل هذه القسوة وهذه الصرامة والجميع يعلم أن عشرات الآلاف من المغاربة في سفر؟ والسلطة تعلم أن هؤلاء المغاربة صبروا على الحجر الصحي لأكثر من 3 أشهر، وعندما أعلنتْ عن تخفيف الحجر والسماح بالسفر، توجه الآلاف لرؤية أم مكلومة وأب واهن؟”.

وتسائل عزّام قائلا: “كيف يعلن عن قرار بكل هذه المرارة والكثير من الناس في سفر بعدما ظنوا أنه بوسعهم التجمع في مائدة عائلية في عيد الأضحى، علما أن هؤلاء الناس امتثلوا قبل شهرين لقرار الحجر ولزموا بيوتهم وهم يحتفون بعيد فطر مرّ في ظروف سوداء؟ كيف يمكن إصدار قرار بكل هذا التسرع رغم معرفة مسبقة أنه سيزيد من استنزاف موارد الدولة ورفع حالة الاحتقان وخلق المزيد من العبء على المكلفين بتنفيذ القانون، خاصة منهم القوات العمومية؟”.

ودوّن آخر قائلا: “إنطلقت قبل منصف الليل من مدينة الدّار البيضاء في إتجاه مدينة آكادير، ولا أزال إلى الآن لم أصل رغم أن السّاعة قاربت منصف نهار الإثنين، الطريق لا تتنفّس وأتسائل كما يتسائل الكثيرين معي، ماذا لو إحتاجت سيارة إسعاف إستعمال هذه الطرق وهي تنقل حالة حرجة بين الحياة والموت، سواء تعلّق الأمر بمرضى فيروس كورونا أو غيرهم.. أليس هذا هو العبث؟”.

وفي سياق متّصل، عبّر عدد من المدوّنين عن إستيائهم لما ورد في البلاغ المشترك للوزارتين بعد أن حمّلتا مسؤولية هذا القرار للمواطنين قائلة في نص البلاغ: “وقد تم اتخاذ هذا القرار نظرا لعدم احترام أغلبية المواطنين للتدابير الوقائية المتخذة، كالتباعد الاجتماعي، ووضع الكمامة واستعمال وسائل التعقيم، وذلك رغم توافرها بكثرة في الأسواق؛ مما أدى إلى زيادة انتشار العدوى، وارتفاع عدد الحالات المؤكدة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *