الرباط: جمال بورفيسي
قال رئيس مجلس المستشارين، حكيم بنشماش، اليوم الخميس، إن الحق في تأسيس الجمعيات وحريات الاجتماع والتجمع والتظاهر السلمي، تعتبر من الحقوق الأساسية التي تحميها وتؤطرها العديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتشكل ركيزة من ركائز المجتمعات الديمقراطية.
وأضاف بنشماش، في اليوم الدراسي حول حرية الجمعيـات والتجمعات، الذي نظمه مجلس المستشارين بدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة وستمنستر للديموقراطية، تخليدا للذكرى 60 لصدور ظهير الحريات العامة، أن دستور المملكة لسنة 2011، نص بالخصوص في الفصل 12 منه، على”حرية تأسيس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وحرية ممارسة أنشطتها في نطاق احترام الدستور والقانون”. كما نص الفصل 29 على أن “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات” .
وأوضح بنشماش، أن المغرب عمل، منذ حصوله على الاستقلال، على تبني قوانين من أجل ضبط ممارسة هذه الحقوق والحريات، وبالخصوص ظهير 15 نونبر 1958، الذي تم تعديله وتتميمه في عدة مناسبات.
واستعرض بنشماش، التطورات التي عرفها مسار توسيع الحريات وحقوق الإنسان بالمغرب، مسجلا، في هذا الصدد، أن سنة 2011 شهدت تنظيم 23121 تجمعا ومظاهرة (ضمنها 1683 بالجهات الجنوبية الثلاث للمملكة أي 7,27 %) و20.040 تجمعا ومظاهرة سنة 2012 (ضمنها 935 في الجهات الجنوبية الثلاث للمملكة أي 4.66 %) و 16.096 تجمعا ومظاهرة سنة 2013 (ضمنها 825 في الجهات الجنوبية الثلاث للمملكة أي 5.12 %)، غطت كل التراب الوطني.
ونبه رئيس مجلس المستشارين، إلى أنه رغم عدم استيفاء الأغلبية الساحقة لهذه التجمعات المنظمة فعليا للشروط القانونية والمتعلقة بضرورة التصريح القبلي طبقا لمقتضيات الفصل 11 من ظهير 15 نونبر 1958، إلا أن هذا الأمر لم يمنع المواطنات و المواطنين من ممارسة حقهم في التظاهر في الشارع العام. كما سجل المجلس أنها قد حافظت على طابعها السلمي ولم تشهد عنفا إلا في حالات محدودة جدا.
واسترسل بنشماش، قائلا، إنه وفق المعطيات التي توصل بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان من وزارة العدل والحريات، فإن سنة 2014 لوحدها شهدت لجوء 13 جمعية إلى القضاء فيما يخص المطالبة بتمكينها من وصل الإيداع القانوني تطبيقا لمقتضيات المادة 5 من ظهير 1958 المنظم لحق تأسيس الجمعيات، وشهدت السنة نفسها صدور 17 حكما عن مختلف محاكم المملكة في الموضوع نفسه : 9 أحكام منها لفائدة الجمعيات المشتكية و8 أحكام لفائدة الإدارة في مواجهة الجمعيات. كما شهدت نفس السنة تنظيم ما مجموعه 10.160 تظاهرة وتجمع شهدت مشاركة 496.550 مواطنة ومواطن بمعدل يومي يصل إلى 31 تظاهرة وتجمع.
وفي الإطار ذاته، يواصل رئيس مجلس المستشارين، شهدت سنة 2014، تصدي القضاء المغربي لموضوع الحق في التظاهر والتجمع، إذ عرضت 8 قضايا على مختلف المحاكم صدرت إثرها 6 أحكام لفائدة الإدارة الترابية في مواجهة الهيئات المشتكية و02 حكمين لفائدة الهيئات المشتكية.
وتبعا لذلك، يضيف المتحدث نفسه، خلص المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى معطى جوهري يتمثل في قصور الإطار القانوني الحالي (الظهير المتعلق بالتجمعات العمومية) عن استيعاب أشكال جديدة من التعبيرات والممارسات ذات علاقة بالحق في التظاهر السلمي والتي تزايد اللجوء إليها.
في السياق نفسه، أكد بنشماش، أن استحضار المعطيات السالفة الذكر، إضافة إلى التحولات الاجتماعية العميقة التي يعرفها المجتمع المغربي وتنامي الطلب على المزيد من الحقوق والحريات ولاسيما منها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتنوع وتعاظم الديناميات الاحتجاجية، التي اتخذت وتتخذ أشكالا جديدة وتعتمد على تقنيات للتعبئة وحشد الدعم غير معتادة، وانحباس منظومة الوساطة والتأطير، كل ذلك يستدعي إعادة التفكير في ثقافة الاحتجاج والتنظيم من جهة والأطر المعيارية والتنظيمية ذات الصلة بممارسة هذه الحقوق.
وفضلا عن ذلك، يضيف رئيس مجلس المستشارين، تقتضي الضرورة الاسترشاد بما ورد في مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، بخصوص حرية الجمعيات بالمغرب، الموجهة لرئيس الحكومة في نونبر 2015، بشأن القيام بإصلاح للإطار القانوني المنظم للجمعيات بما “يجعله قادرا على تقديم حلول قانونية ومؤسساتية لسلسلة من الإشكاليات الأساسية حتى يستعيد منطق الحرية والمنطق التصريحي للإطار القانوني المنظم للجمعيات، أما بشأن التجمعات العمومية، يستلزم الأمر أيضا استحضار مقترح المجلس الرامي إلى ضرورة مراجعة الظهير وملاءمته مع مرحلة ما بعد دستور 2011، حتى يكون مطابقا للوثيقة الدستورية”.